النيسريات

من موسوعة العلوم العربية
(بالتحويل من Neisseriaceae)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
د.جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

النيسريات Neisseriaceae يتضمن جنس النيسريات مكورات هوائية سلبية الغرام.

هنالك نوعان من النيسرية ممرضان للإنسان، وهما النيسرية البنية Neisseria gonorrhoeae (تدعى أيضًا المكورات البنية gonococcus) وهي العامل المسبب للسيلان البني. وهنالك النيسرية السحائية Neisseria meningitides (وتدعى أيضًا المكورات السحائية meningococcus)، وهي أحد العوامل المسببة لالتهاب السحايا. المكورات البنية والسحائية هي مكورات مزدوجة غير متحركة لا يمكن تمييزها عن بعضها من خلال المجهر الضوئي. لكن يمكن التفريق بينها في المختبر من خلال أنماط استخدامها للسكر، ومواقع عدواها الأساسية. تصنف كلتا الجرثومتين كمكورات مقيحة، ذلك أنَّ العدوى التي تسببها كلٌ منهما تتسم بإنتاج مادة قيحية مكونة بأغلبها من الكريات البيض.

أولًا: النيسرية البنية Gonococcus

المكورات البنية هي أحد أكثر العداوى انتشارًا في الولايات المتحدة. ويشاهد العامل المسبب ضمن الكريات البيضاء مفصصة النواة في العينات السريرية التي يُحصل عليها من المرضى.

تنتقل أثناء الاتصال الجنسي، أو نادرًا للطفل أثناء الولادة عبر قناة الولادة الملوثة بالجرثومة. لا تنجو لوقت طويل خارج الجسم البشري، ذلك أنَّها حساسة للغاية للتجفاف.

البنية

المكورات البنية هي جراثيم غير متحركة مشعرة لا تملك محفظة (بخلاف المكورات السحائية) تشبه كثيرًا زوجًا من الكلى.

الأشعار

هذه التذييلات السطحية الشبيهة بالشعر مصنوعة من تجمعات حلزونية لتحت وحدات ببتيدية تدعى بايلين. لذلك فهي عوامل فوعة ذات أهمية. وهي أيضًا مستضدات. هنالك على الأقل عشرون جينًا في المكورات البنية ترمز الأشعار، معظمهما غير فعال لافتقارها للمعززات (لذلك فهي جينات "صامتة"). من خلال خلط وإعادة دمج المناطق الصبغية لهذه الجينات، أمكن لسلالة واحدة من المكورات البنية اصطناع ("التعبير عن") أشعارٍ متعددة ذات تسلسلات حمضية أمينية مختلفة. تسمح هذه العملية (المعروفة بالتنوع المستضدي بتحول الجين) للجرثومة بإنتاج جزئيات شعرية مختلفة مستضديًا بتواتر عالٍ.

الشحميات قليلة السكريد

الشحميات قليلة السكريد البنية لديها سلاسل أكثر تفرعًا لا يتكرر فيها المستضد O مقارنة مع الشحميات عديدة السكريد الموجودة عند الجراثيم سلبية الغرام. الأضداد القاتلة للجراثيم في المصل البشري العادي هي جزئيات الغلوبولين المناعي M موجهة ضد مستضدات الشحميات قليلة السكريد. كما أنَّ الجراثيم البنية قادرة على التنويع الشديد لمستضدات الشحميات قليلة السكريد الموجودة على سطحها. يحصل التنوع كنتيجة لتنوع حالات الجينات المسؤولة عن اصطناع الشحميات قليلة السكريد. فإذا كان أحد جينات الاصطناع في وضع الإيقاف فلا يمكن مثلًا إضافة جزيئات السكريد الطرفية، ما يؤدي إلى التعبير عن جزيئات شحميات قليلة السكريد مميزة من الناحية المستضدية.

بروتينات البورين

تعبر المكورات البنية عن نوع واحد من البورين، يعرف بالبورين ب PorB. تعبر السلالات المختلفة إما عن PorB1A أو PorB1B.

بروتينات العتامة Opa

كانت تدعى سابقًا بروتينات PII؛ سميت ببروتينات العتامة نتيجة ميلها لإضافة العتامة على مستعمرات المكورات البنية. للمكورات البنية قدرة على التعبير عن 11 نوعًا مختلفًا من بروتينات العتامة، لكن عمومًا فقط نوعٌ واحد أو بضعة أنواع تعبر الجرثومة عنها تلقائيًا. تخضع بروتينات العتامة لتغير طور الجينات بفضل وجود تكررات هائلة متعددة الأجزاء لـ CTCTT في المناطق المرمزة. في حال التعبير عن بروتين عتامة، تزيح زيادة أو نقصان عدد التكرارات البروتين من إطار التعبير، ما يؤدي إلى تغير طور الجين ليصبح في وضع الإيقاف. ترتبط بروتينات عتامة مختلفة بمستقبلات مميزة على خلايا المضيف. لذلك فإنَّ إزاحة التعبير من بروتين عتامة واحد إلى آخر يؤدي إلى تغيرات في توجه خلايا المضيف.

الإمراضية

تسهل الأشعار وبروتينات العتامة التصاق المكورة البنية بالخلايا البطانية للإحليل والشرج وعنق الرحم والبلعوم والملتحمة، ما يسمح بتشكيل مستعمرات. بالإضافة لذلك تنتج كلٌ من المكورات البنية والمكورات السحائية بروتياز لأضداد IgA يقسم أضداد IgA1 ما يساعد العامل الممرض على تجنب الغلوبولينات المناعية الفرعية هذه. تحتاج المكورات البنية الحديد للنمو والنجاة في الوسط الحيوي. يكتسب العامل الممرض هذه المادة الغذائية الأساسية من خلال التعبير عن أنظمة نقل معينة تزيل وتسحب الحديد من بروتينات ربط الحديد البشرية، بما فيها الترانسفرين واللاكتوفرين والهيموغلوبين. وتقوم الجرثومة لتثبيت العدوى عند الرجال بالتعبير عن بروتينات تسهل اكتساب الحديد إما من الترانسفرين أو اللاكتوفرين.

الأهمية السريرية

غالبًا ما تستعمر المكورات البنية الغشاء المخاطي للسبيل البولي التناسلي أو الشرج. وهنالك قد تسبب الجرثومة عدوى موضعية مع إنتاج قيح، أو قد تؤدي إلى غزوٍ نسيجي، والتهابٍ مزمن، وتليف. قسم أكبر من النساء مقارنة بالرجال يكونون لا عرضيين عمومًا، وهؤلاء الأشخاص يتصرفون كمستودع لنقل وحفظ العدوى.

ملاحظة: قد يصاب الشخص بأكثر من عدوى بالوقت ذاته، مثل السيلان البني والزهري وعدوى المتدثرة وفيروس نقص المناعة المكتسب وفيروس التهاب الكبد ب.

عداوى السبيل البولي التناسلي

تكون أعراض عدوى المكورات البنية أسهل في التشخيص وأكثر حدة عند الرجال. يظهر على المريض نموذجيًا نجيج إحليلي قيحي أصفر، ويصاب بتبولٍ مؤلم. أما عند النساء فالعدوى تحدث في باطن عنق الرحم، وتمتد للإحليل والمهبل. ويعد خروج نجيج أصفر مخضر من عنق الرحم هو العرض الأكثر شيوعًا، ويترافق غالبًا مع نزف قرئي (بين الحيضين). قد يتقدم المرض للرحم مسببًا التهاب البوق وداء التهاب الحوض، وتليفًا. يحصل العقم عند 20% من النساء تقريبًا المصابات بالتهاب البوق كنتيجة لتخريش القناة.

العدوى الشرجية

تشيع عند الرجال الشواذ، وتتسم بحصول إمساكٍ وتبرزٍ مؤلم ونجيجٍ قيحي.

التهاب البلعوم

تحصل بالاتصال الفموي التناسلي. قد يظهر الأشخاص المصابون نضحًا بلعوميًا مقيحًا، وقد تشابه الحالة التهاب الحلق الفيروسي أو التهاب الحلق بالمكورات العقدية.

الرمد الوليدي

يكتسب حديثو الولادة هذه العدوى لكيس الملتحمة أثناء الولادة عبر قناة الولادة المصابة بالجرثومة. وفي حال عدم العلاج قد يؤدي التهاب الملتحمة الحاد للعمى. ويعطى الطفل سيتفرياكسون عضلي أو وريدي بجرعة واحدة، وفي حال معرفة إصابة الأم بهذا الداء (وجود خطر عالي بإصابتها به) فتعالج جهازيًا وقائيًا بالسيفترياكسون. أما قطرة الأريثروميسين فتستخدم كوقاية روتينية في حال كان الخطر منخفضًا نسبيًا.

العدوى المنتثرة

لمعظم سلالات المكورات البنية قدرة محدودة على التضاعف في المجرى الدموي. لذلك فتجرثم الدم بالمكورات البنية نادر الحدوث. وعلى النقيض من ذلك فالمكورات السحائية تتضاعف بسرعة في الدم. ومع ذلك تغزو بعض سلالات المكورات البنية المجرى الدموي وقد تسبب عدوى منتثرة، ما يؤدي لإصابة المريض بحمى وألم مفاصل قيحي مؤلم وبثرات مفردة صغيرة منتثرة على الجلد، والتي تصبح قاعدتها حمراء نتيجة توسع أو احتقان الشعيرات الدموية. قد يتطور تنخر عند المريض. تشاهد العداوى المنتثرة في كلٍ من الرجال والنساء، لكنها أكثر شيوعًا عند النساء، خصوصًا أثناء الحمل والحيض. يجب إعطاء جميع المرضى المعالجين من العدوى المنتثرة مساقًا علاجيًا من الدوكسيسيكلين لمدة 7 أيام لإقصاء العدوى المحتملة بالمتدثرة.

الاختبارات المخبرية

عند الرجال يكفي وجود عدد كبير من العدلات الحاوية على جراثيم مكورة ثنائية سلبية الغرام في مسحة نضح الإحليل لتأكيد تشخيص الإصابة بالمكورات البنية. وعلى النقيض فإنَّ النتيجة الإيجابية للزراعة ضرورية لتشخيص العدوى عند النساء، بالإضافة لأخذ عينات من المواقع محتملة الإصابة غير الإحليل. في حال الشك بعدوى المكورات البنية المنتثرة، يجب إجراء زراعة مناسبة تبعًا للحالة (مثل أخذ عينات من الآفات الجلدية أو سائل المفاصل أو الدم).

شروط النمو لزراعة الجرثومة

تنمو المكورات البنية أفضل ما يكون تحت الشروط الهوائية، وتحتاج معظم السلالات ثنائي أكسيد الكربون. تستخدم المكورات البنية الغلوكوز كمصدر للكربون وللطاقة، ولا تستطيع استخدام المالتووز واللاكتوز والسكروز (في حين تستخدم المكورات السحائية كل من الغلولكوز والمالتوز). جميع أفراد هذا الجنس إيجابية على اختبار الأوكسيداز (فيستخدم اختبار الأوكسيداز لتحديد جرثومة النيسرية، لكنه لا يميز بين المكورات السحائية والبنية، وبينها وبين النيسرية غير الممرضة).

وسط خاص

المكورات البنية – كما المكورات الرئوية – حساسة للغاية للحرارة والجفاف؛ لذا يجب طلي المزارع بشكل مناسب، أو في حال عدم إمكانية ذلك فيجب استخدام وسط ناقل لمد عيوشية الجرثومة للزراعة. وسط آغار ثاير مارتن (آغار شوكولا يضاف له بضعة صادات حيوية تكبح نمو النيسرية غير الممرضة، وباقي الفلورا الشاذة الطبيعية) يستخدم نموذجيًا لعزل جراثيم المكورات البنية. ويعد استخدام هذا الوسط هامًا جدًا في المسوحات المأخوذة من السبيل البولي التناسلي أو من الشرج، حيث يتوافر طبيعيًا عدد كبير من جراثيم الفلورا. ففي وسط غير انتقائي تنمو الفلورا الطبيعية على حساب المكورات البنية. ويعد الزرع على وسط آغار ثاير مارتن هو المعيار الأساسي في التشخيص.

العلاج والوقاية

أكثر من 20% من المكورات البنية المعزولة مقاومة للبنسلين والتتراسيلكلين والسيفوكسيتين والسبكتينوميسين. يرمز للنيسرية المقاومة للبنسلين بـ PPNG (نسبةً لـ penicillinase-producing N. gonorrhoeae)؛ فتحوي هذه السلالات بلاسميدات تحمل جين بيتالاكتاماز من النمط الناقل TEM، كالموجود في الإشريكية القولونية وفي الإنفلونزا المستدمية.

لكن ماتزال أغلب الجراثيم تستجيب للعلاج بالجيل الثالث للسيفالوسبورينات؛ فمثلًا جرعة عضلية واحدة من السيفترياكسون ينصح بها لعلاج عداوى المكورات البنية غير المعقدة للإحليل وعنق الرحم والشرج. ويوصف السبكتينوميسين العضلي للمرضى الذين يظهرون حساسية للسيفالوسبورينات. كثير من المرضى المصابين بالسيلان لديهم عدوى مرافقة بالمتدثرة. لذلك يضاف الدوكسي سيكلين كجزء من العلاج.

ثانيًا: المكورات السحائية Meningococcus

تعد هذه المكورات أحد أكثر المسببات لالتهاب السحايا. يمكن أن تأخذ العدوى بهذه المكورات شكل إنتان دم خاطف بالمكورات السحائية، مع تخثر وعائي، ووهط دوراني، وإمكانية الإصابة بصدمة قاتلة، لكن دون حصول التهاب سحايا. وفي كل حالة يمكن أن تحدث الأعراض ببداية سريعة للغاية، وشدة كبيرة.

تحصل الوبائيات الشديدة أيضًا في بعض الدول، مثل الصحراء الإفريقية الجنوبية وفي أمريكا اللاتينية.

البنية

المكورات السحائية جراثيم سلبية الغرام غير متحركة كروية مزدوجة، تشبه شكل زوجٍ من الكلى، وتوجد دائمًا كثنائيات. كما أنَّ لها أشعارًا أيضًا، تسمح بالتصاقها بالمخاطية الأنفية البلعومية، حيث توجد هنالك عند كل من حاملي المرض والمصابين فعلًا بداء المكورات السحائية.

عندما تعزل المكورات السحائية من الدم أو من السائل النخاعي تكون دائمًا مغلفة بمحفظة. تمنع المحفظة عديدة السكريد للمكورات السحائية البلعمة، وهي أهم عوامل فوعتها.

المجموعات المصلية

المحفظة عديدة السكريد تنتوع مستضديًا، ما يسمح بتحديد 13 نمطًا مختلفًا على الأقل من هذه الجراثيم، تدعى الزمر المصلية A و B وC وW-135 وY؛ رغم أنَّه تقريبًا 90% من حالات مرض المكورات السحائية تسببها الزمرالمصلية A و B وC. تعد الزمرة المصلية A عادةً مسؤولة عن وبائيات هائلة في البلدان النامية. أما الزمرة المصلية B فهي السبب المهيمن للمرض والوفيات الناتجة عنه، تتلوها الزمرة المصلية C.

الأنماط المصلية

وهو نظام تصنيف ثانوي يدعى التنميط المصلي (النمط المصلي 1 و2...20) يستند على خواص بروتينات الغشاء الخارجي. تعبر المكورات السحائية عن بورينات من أنماط PorA و PorB. وليس هنالك من علاقة متوقعة بين الزمر المصلية والأنماط المصلية.

الوبائيات

يحصل الانتقال عبر استنشاق قطيرات تنفسية من حامل أو من مريض في المراحل المبكرة من المرض. وتتضمن عوامل الخطورة: الاتصال مع حامل للمرض، والإصابة بعدوى فيروسية أو بالمفطورات في السبيل التنفسي، والتدخين، ونقص المتممة. عند الأشخاص الحساسيين يمكن أن تغزو السلالات الممرضة مجرى الدم مسببةً مرضًا جهازيًا بعد فترة احتضان 2-10 أيام. يصيب مرض المكورات السحائية في الولايات المتحدة الأطفال تحت السنة أكثر من غيرهم.

الإمراضية

تساعد الخواص المضادة للبلعلمة لمحفظة المكورات السحائية على بقاء العدوى. وتعد الشحميات قليلة السكريد التي تتحرر أثناء الانحلال الذاتي وفي حويصلات الغشاء الخارجي مسؤولة عن التأثيرات السامة الموجودة في داء المكورات السحائية المنتثر.

وكل من المكورات البنية والمكورات السحائية تنتج بروتيازًا لأضداد IgA يقسم أضداد IgA1 ما يساعد العامل الممرض على تجنب الغلوبولينات المناعية الفرعية هذه.

الأهمية السريرية

تستعمر المكورات السحائية أولًا البلعوم الأنفي، ما يؤدي إلى التهاب بلعوم لا عرضي بالمكورات السحائية. وعند الأطفال وباقي الأفراد الحساسين تستطيع الجرثومة أن تسبب مرضًا منتثرًا من خلال الانتشار في مجرى الدم، ما يؤدي إلى التهاب سحايا مع أو بدون إنتان دم خاطف. وتعد المكورات السحائية حاليًا السبب الأساسي للإصابة بالتهاب السحايا.

التهاب السحايا

تخدم الطبقة البطانية للبلعوم الأنفي طبيعيًا كحاجز للجراثيم. لذلك معظم الأشخاص الذين تستعمر عندهم المكورات السحائية يبقون بصحة جيدة. وفي حالات نادرة تخترق المكورات السحائية هذا الحاجز وتدخل مجرى الدم حيث تتضاعف بسرعة (إنتان الدم بالمكورات السحائية). لذا عند المرضى المصابين بإنتان دموي خاطف يمكن كشف المكورات السحائية في مسحات الدم المحيطي. وفي حال لم يكن المرض شديدًا، يعاني المريض من حمى وأعراض أخرى غير محددة. لكن يمكن أن تنتقل الجراثيم من الدم، فمثلًا من خلال عبورها للحاجز الدموي الدماغي وإصابة السحايا؛ حيث تتضاعف وتحفز رد فعل التهابيٍ حاد، مترافق مع تدفق الكريات البيضاء مفصصة النوى، ما يؤدي إلى التهاب سحايا قيحي.

من الشائع أيضًا إصابة المريض أيضًا بأعراض مفصلية، وطفح فرفري و/أو حبري. وخلال عدة ساعات قد تتطور الحمى والتوعك إلى صداع شديد، وتيبس رقبة وإقياء وحساسية للضوء الساطع (وهي أعراض التهاب السحايا).

قد تحدث الغيبوبة خلال بضعة ساعات. والعامل الأساسي في تشخيص هذه العدوى هو عزل الجرثومة من سوائل الجسم العقيمة عادةً، مثل الدم أو السائل الدماغي الشوكي. وإجراء صبغة غرام على السائل، لكن بعد تثفيل العينة لتركيز الجراثيم، لأن الاختبار يحتاج وجود 105 حتى 106 من الجراثيم في الميلي الواحد.

تجرثم الدم

يمكن أن تسبب المكورات السحائية إنتانًا دمويًا مهددًا للحياة عند الأشخاص الذين تبدو عليهم الصحة في أقل من 12 ساعة.

نسبة 30% من المرضى المصابين بالتهاب السحايا يتطور لديهم إنتان دموي خاطف. في هذه الحالة فإنَّ التظاهر السريري المتمثل بإنتان الدم والصدمة يكون المسؤول عنه الذيفان الداخلي للجراثيم (الشحميات قليلة السكريد). يشاهد إنتان الدم بالمكورات السحائية الخاطف أساسًا عند الأطفال الصغار جدًا (متلازمة ووترهاوس-فريدريكسن). وهي تتسم بنزوفات جلدية لطخية وبنفسجية وكبيرة، وإقياء وإسهال ووهط دوراني وتنخر كظري والموت خلال 10-12 ساعة.

الفحوصات المخبرية

الفحص المجهري

تشاهد المكورات السحائية تحت المجهر الضوئي في عينات السائل الشوكي وارتشافات الآفات الجلدية، حيث تبدو كجراثيم مكورة مزدوجة سلبية الغرام، غالبًا بالترافق مع كريات بيضاء مفصصة النوى. يمكن تحديد الحوامل من خلال زرع مسحات من منطقة البلعوم الأنفي.

الزرع

تزرع المكورات السحائية على وسط آغار شوكولا بوجود زيادة من ثنائي أوكسيد الكربون. يجب طلي المزارع بشكل مناسب، أو في حال عدم إمكانية ذلك فيجب استخدام وسط ناقل لمد عيوشية الجرثومة للزراعة. وبخلاف المكورات البنية فإنَّ المكورات السحائية تزرع من عينات الدم أو السائل الشوكي، والتي تكون عادةً عقيمة، ولذلك ليس من الضروري استخدام وسط خاص (وسط آغار ثاير مارتن)، ويعد وسط آغار شوكولا كافٍ لها.

اختبارات إضافية

كل أنواع النيسرية إيجابية على تفاعل الأوكسيداز. وللتمييز بين الأنواع تستخدم اختبارات استخدام السكر. حيث أنَّ المكورات السحائية تستخدم كل من الغلوكوز والمالتوز، في حين أنَّ المكورات البنية تستخدم فقط الغلوكوز.

في التهاب السحايا الجرثومي يظهر تحليل السائل النخاعي زيادة في الضغط وارتفاعًا في البروتينات ونقصًا في الغلوكوز وكثيرًا من العدلات.

العلاج

يعد التهاب السحايا الجرثومي حالة طبية طارئة. ولذلك لا يمكن الانتظار حتى تأكيد التشخيص لبدء العلاج، بل تؤخذ عينة دم ويعالج المريض حال رؤية الأعراض عليه (حمى عالية وصداع وطفح) وذلك لمنع الإصابة بإنتان دم خاطف والذي يترافق مع معدل وفيات مرتفع.

يقلل إعطاء الصادات الحيوية قبل أخذ عينة السائل النخاعي من إمكانية حصول إيجابية في زراعته، لكن ما يزال يمكن حينها تأكيد التشخيص من زرع الدم المأخوذ قبل بدء العلاج.

يمكن علاج التهاب السحايا بفعالية باستخدام البنسلين ج أو الأمبيسيللين (كلاهما يمكنه اختراق الحاجز الدماغي الدموي) بجرعات وريدية كبيرة. وعندما يكون سبب العدوى غير واضحٍ ينصح باستخدام السيفوتاكسيم أو السيفترياكسون.

يقلل العلاج المناسب الوفيات حتى 10%، وبسبب التفاعل الالتهابي الشديد الذي يترافق مع التهاب السحايا الجرثومي ينصح بحقن المريض بالقشراني السكري الديكساميتازون قبيل الجرعة الأولى من الصادات الحيوية أو معها.

اللقاحات

لقاح المكورات السحائية المقترن (MCV4) صادقت عليه الولايات المتحدة عام 2005 لاستخدامه عند الأفراد من سن 11 حتى 55، وقد استبدل لقاح عديدات السكريد غير المقترنة. MCV4 هو لقاح رباعي يحتوي عديدات سكريد المحفظة من الزمر المصلية A وC وW-135 وY، بالإضافة لذوفان الخناق (الدفتريا).

يثير اللقاح استجابة الذاكرة المعتمدة على الكريات البيضاء التائية ما يزيد من فعالية اللقاح، ويؤدي ذلك إلى استجابة أولية أفضل للقاح واستجابة أقوى في التعرض اللاحق للعامل الممرض.

تعد المحفظة عديدة السكريد B مستضدًا ذاتيًا، ولذلك لا تحفز استجابة مناعية فعالة.

الوقاية

يعطى الريفامبين كوقاية لأفراد عائلة المريض، بسبب حتمية اتصالهم القريب معه، وبذلك إمكانية تعرضهم للجرثوم. وتتضمن باقي الأدوية المستخدمة للوقاية السيبروفلوكساسين الفموي والسيفترياكسون العضلي.

المصدر

Richard A. Harvey, Lippincott’s Illustrated Reviews microbiology, third edition, Wolters Kluwer, P.P. 96-103.