حمى رثوية

من موسوعة العلوم العربية
(بالتحويل من Rheumatic fever)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حمى رثوية أو حمى الروماتزم أو الداء القلبي الروماتزمي أو rheumatic fever,مرض التهابي يصيب الأنسجة الضامة في الجسم، يحدث بعد الإصابة بعدوى العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة, كما هو الحال في الْتِهاب الحَلْقِ بالعِقْدِيَّات (الْتِهاب الحَلْقِ الإِنْتانِيّ) أو بصورة أقل الحمى القرمزية, ويعتقد أنه يحدث بسبب تَفاعُلِيَّة الأَضْداد المُتَصالِبَة التي عادة ما تؤثر على أنسجة القلب والمفاصل والجلد والجهاز العصبي المركزي, ويحث عادة بشكل نمطي خلال مدة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع من عدوى العِقْدِيَّة. الحمى الرثوية الحادة تكون عادة شائعة بين الأطفال الذين بين سن السادسة والخامسة عشر من العمر, وفقط حوالي 20% من هذه الحالات تحدث لدي البالغين. وتسمي أيضاً بحمى الروماتزم نظراً لتشابهها بالروماتزم.

الوبائيات

الحمى الرثوية تحدث في جميع أنحاء العالم خاصة في المناطق المعتدلة والمزدحمة والتي تعاني من الفقر وسوء التغذية, حيث تكون مسؤولة عن الكثير من أمراض الصممات القلبية في جميع القارات, في حين أنها بعد عام 1960 أصبحت نادرة في القارة الأوروبية ربما بسبب الاستخدام الواسع النطاق للمضدات الجرثومية في علاج عدوى العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة, و كانت نادرا ما تحدث في الولايات المتحدة لكن منذ بداية القرن العشرين عادت لتظهر بقوة حيث أنه حصل هناك عدة فاشِيات منذ عام 1980.

وتشير التقديرات إلى أن معدل تطور الحمى الرثوية بين الأشخاص الذين يعانون عدوى الجرثومة العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة ولم يتلقوا علاج مناسب تكون حوالي 3% , ونسبة وُقوع رَجْعَة (نَكْسَة) مع عدوى لاحقة غير معالجة تكون أكبر بكثير لتصل إلى حوالي 50٪. 16 ومعدل حدوثها هو أقل بكثير بين الأفراد الذين يتلقوا العلاج بالمضادات الحيوية. الأشخاص الذين يعانون من حالة الحمى الرثوية يكون لديهم عادة ميل لتطوير عدوى جرثومية عِقْدِيَّة مُقَيِّحَة متكررة.

ووُقوع رَجْعَة (نَكْسَة) الحمى الرثوية عادة ما يكون شائعاً نسبياً في ظل غياب جُرْعَة مُداوَمَة منخفضة من المضادات الحيوية خصوصا خلال فترة السنوات الثلاث أو الخمس الأولى بعد النَوبَة الأولى. والمضاعفات القلبية قد تحدث على المدى الطويل وقد تكون وخيمة، لا سيما إذا حدث شملت الإصابة الصمامات القلبية وبغض النظر عن مستوى انتشاره فإن مُعَدَّل الإِماتَة ( مُعَدَّلُ إماتَةِ الحالاَت) يتراوح عادة بين 2 إلى 5 %.

الأسباب

الحمى الرثوية تحدث بسبب العدوى بالجرثومة العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة، كما هو الحال في الْتِهاب الحَلْقِ بالعِقْدِيَّات (الْتِهابُ الحَلْقِ الإِنْتانِيّ) أو بصورة أقل الحمى القرمزية, والتهابات المجموعة العقدية ألف للجلد أو أجزاء أخرى من الجسم نادرا ما تؤدي إلى الحمى الرثوية. الارتباط الدقيق بين عدوى جراثيم العقدية والحمى الرثوية ليس واضحا، ولكن يبدو أن الجراثيم تحتال على نظام المناعة, كون أن هذه الجراثيم تحتوي على بروتين واحد على غرار الموجود في أنسجة معينة من الجسم, لذلك فإن خلايا جهاز المناعة التي تستهدف عادة الجراثيم قد تستهدف أيضاً أنسجة الجسم نفسه محدثة في تلك الأنسجة سواء في القلب أو المفاصل أو الجلد أو الجهاز العصبي المركزي.

الفسيولوجيا المرضيه

الحمى الرثوية تعتبر مَرَض مَجْموعِيّ يؤثر على الأنسجة الضامة المُحِيْطة بالشُرَينات، تحدث عادة بعد إصابة البلعوم بعدوى عِقْدِيَّة مُقَيِّحَة(حالة للدم بيتا من المجموعة أليف) ولم تعالج بشكل صحيح مما يؤدي إلى حدوث تَفاعُلِيَّة الأَضْداد المُتَصالِبَة التي تمثل النوع الثاني من تَفاعُلِ فَرْط التَّحَسُّس الذي يسمى تَمْويه جُزَيئِيّ.

حيث أنه خلال عدوى العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة, يقوم المستضد الناضج بتحفيز خلايا باء ذاتية التفاعل (التي عادة تبقى مُسْتَعْطِلة في الأنسجة المحيطية بدون تحفيز من قبل خلايا تي) لتتحول إلى خلايا مصلية قادرة على انتاج اجسام مضادة لجدار خلية المكورات العقدية, إلا أن هذه الأجسام المضادة قد تتفاعل أيضا ضد أنسجة عضلة القلب والمفاصل، مما يؤدي إلى حدوث أعراض الحمى الرثوية.

ويحدث هذا بسبب أن جدار خلية هذه العقدية المقيحة يتكون من بوليمرات متتشعبة تحتوي أحياناً على البروتين ميم الذي يتصف بأنه مُسْتَضِدِّيّ قوي وقادر على الاتحاد وتنشبط خلايا الوَحيدَة (نوع من الكريات البيض) التي عندما تدخل إلى الدم تحفز انتاج الأَضْداد(التي تسمى ضِدُّ الحالَّةِ العِقْدِيَّة) من قبل اللِّمْفاوِيَّة بيتا الموجودة في الجهاز المناعي والتي تعمل ضد البروتين إم الموجود في العقدية حيث يعمل على تدميرها, ولكنه أيضاً يمكن أن يتفاعل مع ميوسين البروتين الموجود في اللِيف العَضَلِيّ القلبي، عدا أنه خلايا الوَحيدَة والبلاعم يمكنها تحفيز خلايا تي لتنتج لِمْفوكين الذي يحفز على بدأ الالتهاب في الأنسجة المحيطة بمساعدة السِيتوكين المتحرر من غليكُوجين العضلة القلبية وخلايا العضلات الملساء في الشرايين، الذي يرافقه التحاق مباشر لمُتَمِّمَات ومستقبلات المعقدات الضدية المستضدية عن طريق جلب وتَوْظِيْف خلايا العدلات والبَلاَعِم, الذي ينجم عنه تكون أجسام آشوف المميزة التي يمكن رؤيتها بواسطة المجهر الضوئي، حيث أنها تتألف من الكولاجين اليوزيني المتورم والمحاط بالخلايا الليمفاوية والبَلاَعِم, في حين أن البلاعم الأكبر قد تصبح خلايا آشوف العملاقة. أما الآفات الصمامية الرثوية الحادة قد تشمل أيضا تفاعل مَناعَي مُتَواسَطَ بالخَلاَيا ( مَناعَةٌ خَلَوِيَّة) حيث أن هذه الآفات تحتوي على الخلايا المساعدة التَّائِيَّة وعلى البلاعم.

في الحمى الرثوية الحادة، يمكن العثور على هذه الآفات في جميع طبقات القلب وحينها يسمى بالْتِهاب القَلْبِ الشَّامِل. وقد يسبب هذا الالتهاب نَضْحَ تَّأْمورِي مَصْلِيُّ فِبْرينِيّ الذي يوصف بالْتِهاب التَّأْموري الشبيه بالخبز والزبدة, الذي عادة ما يزول وتلاشى من دون أن يتسبب بعواقب. شمول الشَّغاف يتسبب عادة بنَخَر شِبْه فِبْرينِيّ وتكون ثَآليل على طول خط إغلاق الصمامات القلبية في الجانب الايسر.

ويمكن أن ينجم عنه تفاعل وتَرسب يؤدي إلى تشكل البروز أو النتوء الثؤلولي ، في حين أن الآفات التي تحت الشغاف ربما تتسبب في ثِخَنٌ غير منتظم يسمى لويحات ماكالوم, ومرض القلب الرثوي المزمن يتميز بالتهابات متكررة مع بُرْء فبريني, والتغييرات التشريحية الرَئيسِية للصمام(خاصة التاجي والأبهري) تشمل ثِخَن وُرَيقَاته ، وانْدِماج صِوارِي وقصير وثِخَن في الحبال الوترية.

الأعراض والعلامات

قد تختلف أعراض الحمى الرثوية من حالة إلى أخرى فالبعض قد يكون لديهم العديد من الأعراض, في حين أن آخرين يظهر لديهم أعراض قليلة فقط, 1-4 والأعراض قد تتغير أيضا أثناء نوبة المرض في نوعيتها وحدتها, وقد تبدأ بشكل تدريجي، أو فجائية, وتختلف شدتها من حالة إلى أخرى, وقد تبدأ على شكل آلام متدرجة غامضة في الأطراف أو في البطن أو في أي مكان مع فتور والتهاب بلعومي ثم تصعد الحرارة بسرعة لتصل إلى أربعين درجة مئوية, وغالباً ما تظهر الحمى خلال مدة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع من عدوى الحلق بالمكورات السبحية.

والعلامات والأعراض الأخرى التي تنتج عنها تتضمن أعراض التهاب القلب والمفاصل والجلد أو الجهاز العصبي المركزي وقد تشمل أيضاً ما يلي: الرُعاف وألم المفاصل وضعفها, التي عادة ما تكون مصحوبة بتورم وأحمرار وسخونة موضعية, ومن العلامات الواصِمة لهذا المرض هو أنها متعددة المفاصل ومتنقلة, وتصيب المفاصل الكبيرة؛ كالركبتين والعقبين والمرفقين أو المعصمين, وأحياناً وبدرجة أقل الكتفين والوركين واليدين والقدمين والرسغين، وتوفر المفاصل الصغيرة, ويصاب المريض خاصة الكهل بتعرق غزير, وتظهر عليه حمامى منتشرة بشكل بقع مسحجة الحوافي؛ الحمامى الهامشية, وقد تشاهد نادراً الحمامى العقدية, فتُحس تحت الجلد ككتل صغيرة، بحجم حبة الفاصوليا غير مؤلمة, تسمى العقيدات الرثوية (عُقَد مينيه).

ومن الأعراض الأخرى قد يكون هناك ألم في الصدر, وإحساس بضربات قلب سريعة, أو خفقان, وتعب, وضيق في التنفس, وطفح جلدي مسطح أو مرتفع قليلا وحافته خشنة (حمامى هامشية) وغير مؤلم, وقد تشاهد حركات متشنجة لبعض اجزاء الجسم, ولا يمكن السيطرة عليها ( رقص سيدنهام أو رقص سانت فيتوس التي تحدث في معظم الأحيان في اليدين والقدمين والوجه وبصورة أقل في الذراعين والساقين, وقد يتسم المريض بنوبات من السلوك الغير العادية ، مثل البكاء أو الضحك الغير المناسبين كالذي يرافق رقص سيدنهام.

التشخيص

من أجل التشخيص يتطلب معرفة التاريخ المرضي الذي يتضمن وجود أدلة على التهابات عقدية في فترة سابقة وحصر الأعراض كالتي وردت آنفاً والكشف عن علامات سريرية أثناء الفحص الطبي العيني للمفاصل والجلد وتسمع القلب للبحث عن ايقاعات غير طبيعية، أونفخات أو أصوات شاذة, مع اجراء سلسلة من اختبارات الحركة البسيطة للكشف عن أدلة غير مباشرة من التهاب في الجهاز العصبي المركزي, واختبارات الدم للكشف عن الأجسام المضادة للجراثيم العقدية في الدم, وتخطيط كهربي للقلب للكشف عن أنماط غير طبيعية يمكن أن تشير إلى التهاب أو إلى اضطراب وظيفي فيه, مع تَخْطيطُ صَدَى القَلْب للحصول على صور حية للقلب وقد تساعد في الكشف عن خلل تشريحي أو وظيفي يتعلق بصمامات القلب وكل ذلك سيسمح في النهاية بالتشخيص من خلال استخدام مَعايير جونز المُعَدَّلة التي نشرت لأول مرة عام 1944 من قبل جونز دوكت.

ووفقا لهذه المعايير المنقحة، يمكن إجراء التشخيص عند توفر اثنين من المعايير الرئيسية، أو معيار واحد رئيسي زائد اثنين من المعايير الصغيرة، جنبا إلى جنب مع وجود دليل على حدوث عدوى عقدية سابقة مثل ارتفاع عِيار أَضْدادِ الحالَّةِ العُقْدِيَّةِ واو، أو إنزيم دِيُوكسِي رِيبُونُيوكِلياز. باستثناء الرَقَص والْتِهاب القَلْب القَليل الإِيْلام، حيث أن كل منهما في حد ذاته يمكن أن يشير إلى وجود الحمى الرثوية.

المعايير الرئيسية

  1. الْتِهابُ المَفاصِل: التهاب مُتَنَقِّل ومؤقت للمفاصل الكبيرة، عادة تبدأ في الساقين وتنتقل صعوداً
  2. التهاب القلب: التهاب عضلة القلب التي يمكن أن تظهر على شكل قصور قلبي احتقاني مع ضيق في التنفس، أو على شكل التهاب تأموري مع احْتِكاك، أو على شكل نَفْخَة قَلْبِيَّة جديد
  3. عقيدات تحت الجلد: ظهور مجموعة عُقَيْدات صلبة غير مؤلمة على العظام والأوتار وتتكون من ألياف الكولاجين وغالباً ما تظهر على الجزء الخلفي من المعصم، الكوع الخارجي، والجزء الأمامي من الركبة
  4. حمامى هامشية: طفح جلدي محمر طويل الأمد يبدأ على الجذع والذراعين كبقع تنتشر نحو الخارج، وصافِية في الوسط لتشكل حلقات تتصل مع بعضها البعض لتظهر في النهاية على شكل يشبه الثعبان, وهذا الطفح يزداد سوءا مع الحرارة، وعادة لا يظهر على الوجهه
  5. رقص سيدنهام (الرقص سانت فيتوس): سلسلة مميزة من الحركات السريعة الغير الهادفة عادة تحدث في الوجهه والذراعين وهي يمكن أن تحدث في وقت متأخر جدا من هذا المرض أي بعد لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من بداية العدوى

المعايير الصغرى

  1. حمى تتراوح بين 38.2 إلى 38.9 درجة مئوية (101-102 درجة فهرنهايت)
  2. ألم مفصلي: آلم مفاصلي بدون تورم (لا يمكن أن يدرج في حالة وجود التهاب المفاصل المتعدد كعرض رئيسي)
  3. ارتفاع سُرْعَة تَثَفُّلِ الكُرَيَّاتِ الحُمُر أو البروتين التَفاعُلِي سي
  4. كَثْرَة الكُرَيَّاتِ البِيْض
  5. وجود إِحْصار قَلْبي مثل فاصِل بي أر مُطَوَّلَ في تخطيط القلب (لا يمكن أن تدرج إذا كان التهاب القلب موجود كعرض رئيسي).
  6. إِحْصار قَلْبي من الدرجة الأولى.
  7. وجود نوبة سابقة من الحمى الرثوية أو مرض قلبي غير نشط

العلاج

العلاج يتجه عادة إلى الحد من الالتهاب عن طريق استخدام الأدوية المضادة للالتهاب مثل الأسبرين أو الكورتيكوستيرويد.

الأفراد ذوي الزَرْع الحلقي الإيجابي بالجرثومة العِقْدِيَّة المُقَيِّحَة ينبغي أيضا علاجهم بالمضادات الحيوية المناسبة من أجل القضاء على تلك الجراثيم، وهناك أنواع مختلفة من المضادات الحيوية يمكن استخدامها مثل البنسلين والإريثروميسين أو غيرهما بالإضافة إلى ذلك يتم علاج الأعراض والمضاعفات التي قد تنشأ مثل إصابات الكلى والجنبة والرئة

الوقايه

الوقاية يمكن أن تكون أولية أو ثانوية, والأولية تكمن في علاج العدوى والخمج العقدي الذي يحدث في المسالك التنفسية العليا بسرعة لمنع حدوث الهجمة الرثوية البدائية.

أما الوقاية الثانوية: تعني منع حدوث إصابة جديدة بالعقديات عند مريض أصيب سابقاً بالحمى الرثوية، وهؤلاء المرضى يجب أن يُعطوا حقن شهرية من البنسلين طويل المفعول لمدة خمس سنوات إذا كانو قد تعرضوا لنوبة من الحمى الرثوية ولم يحدث لديهم إصابة قلبية, أما إذا كان هناك دليل على التهاب أو إصابة قلبية، فإن المدة تطول لتصل إلى 40 عاما, أو أن يتم استخدام جرعة منخفضة ومستمرة مدى الحياة من المضادات الحيوية (مثل البنسلين، والسلفاديازين، أو والإريثروميسين)

المضاعفات

أمراض القلب الرثوية تعتبر أضرار دائمة في القلب والمشاكل الأكثر شيوعا هي الإصابات التي تحدث في الصمام التاجي والأبهر، مع أن الصمامات الأخرى قد تتأثر أيضاً ولكن بنسب أقل, وإصابة أي من الصمامات يمكن أن يؤدي إلى أحد من الظروف التالية :

تضيق الصمام هو مما يؤدى إلى انخفاض تدفق الدم, أو إلى قلس الصمام هو التسرب الذي يسمح بتدفق الدم في الاتجاه المعاكس, كذلك قد تلحق أضرار بعضلة القلب جراء الالتهاب وتؤدي إلى إضعاف عضلة القلب والتسبب لاحقاً بفشل قلبي , أو قد ينجم عنها أيضاً اضطرابات كهربي وتوصيلية تؤثر على النظم الكهربية وتتسبب بالرجفان الأذيني، والإحصار القلبي أوغير ذلك.