مكورات سحائية

من موسوعة العلوم العربية
مراجعة 11:47، 16 فبراير 2018 بواسطة كنان الطرح (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'{{فضل الكاتب الرئيسي|د. جاد الله السيد محمود}} '''المكورات السحائية Meningococcus''' تعد هذه المكورات أ...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

المكورات السحائية Meningococcus تعد هذه المكورات أحد أكثر المسببات لالتهاب السحايا. يمكن أن تأخذ العدوى بهذه المكورات شكل إنتان دم خاطف بالمكورات السحائية، مع تخثر وعائي، ووهط دوراني، وإمكانية الإصابة بصدمة قاتلة، لكن دون حصول التهاب سحايا. وفي كل حالة يمكن أن تحدث الأعراض ببداية سريعة للغاية، وشدة كبيرة.

تحصل الوبائيات الشديدة أيضًا في بعض الدول، مثل الصحراء الإفريقية الجنوبية وفي أمريكا اللاتينية.

البنية

المكورات السحائية جراثيم سلبية الغرام غير متحركة كروية مزدوجة، تشبه شكل زوجٍ من الكلى، وتوجد دائمًا كثنائيات. كما أنَّ لها أشعارًا أيضًا، تسمح بالتصاقها بالمخاطية الأنفية البلعومية، حيث توجد هنالك عند كل من حاملي المرض والمصابين فعلًا بداء المكورات السحائية.

عندما تعزل المكورات السحائية من الدم أو من السائل النخاعي تكون دائمًا مغلفة بمحفظة. تمنع المحفظة عديدة السكريد للمكورات السحائية البلعمة، وهي أهم عوامل فوعتها.

المجموعات المصلية

المحفظة عديدة السكريد تنتوع مستضديًا، ما يسمح بتحديد 13 نمطًا مختلفًا على الأقل من هذه الجراثيم، تدعى الزمر المصلية A و B وC وW-135 وY؛ رغم أنَّه تقريبًا 90% من حالات مرض المكورات السحائية تسببها الزمرالمصلية A و B وC. تعد الزمرة المصلية A عادةً مسؤولة عن وبائيات هائلة في البلدان النامية. أما الزمرة المصلية B فهي السبب المهيمن للمرض والوفيات الناتجة عنه، تتلوها الزمرة المصلية C.

الأنماط المصلية

وهو نظام تصنيف ثانوي يدعى التنميط المصلي (النمط المصلي 1 و2...20) يستند على خواص بروتينات الغشاء الخارجي. تعبر المكورات السحائية عن بورينات من أنماط PorA و PorB. وليس هنالك من علاقة متوقعة بين الزمر المصلية والأنماط المصلية.

الوبائيات

يحصل الانتقال عبر استنشاق قطيرات تنفسية من حامل أو من مريض في المراحل المبكرة من المرض. وتتضمن عوامل الخطورة: الاتصال مع حامل للمرض، والإصابة بعدوى فيروسية أو بالمفطورات في السبيل التنفسي، والتدخين، ونقص المتممة. عند الأشخاص الحساسيين يمكن أن تغزو السلالات الممرضة مجرى الدم مسببةً مرضًا جهازيًا بعد فترة احتضان 2-10 أيام.

يصيب مرض المكورات السحائية في الولايات المتحدة الأطفال تحت السنة أكثر من غيرهم.

الإمراضية

تساعد الخواص المضادة للبلعلمة لمحفظة المكورات السحائية على بقاء العدوى. وتعد الشحميات قليلة السكريد التي تتحرر أثناء الانحلال الذاتي وفي حويصلات الغشاء الخارجي مسؤولة عن التأثيرات السامة الموجودة في داء المكورات السحائية المنتثر.

وكل من المكورات البنية والمكورات السحائية تنتج بروتيازًا لأضداد IgA يقسم أضداد IgA1 ما يساعد العامل الممرض على تجنب الغلوبولينات المناعية الفرعية هذه.

الأهمية السريرية

تستعمر المكورات السحائية أولًا البلعوم الأنفي، ما يؤدي إلى التهاب بلعوم لا عرضي بالمكورات السحائية. وعند الأطفال وباقي الأفراد الحساسين تستطيع الجرثومة أن تسبب مرضًا منتثرًا من خلال الانتشار في مجرى الدم، ما يؤدي إلى التهاب سحايا مع أو بدون إنتان دم خاطف. وتعد المكورات السحائية حاليًا السبب الأساسي للإصابة بالتهاب السحايا.

التهاب السحايا

تخدم الطبقة البطانية للبلعوم الأنفي طبيعيًا كحاجز للجراثيم. لذلك معظم الأشخاص الذين تستعمر عندهم المكورات السحائية يبقون بصحة جيدة. وفي حالات نادرة تخترق المكورات السحائية هذا الحاجز وتدخل مجرى الدم حيث تتضاعف بسرعة (إنتان الدم بالمكورات السحائية). لذا عند المرضى المصابين بإنتان دموي خاطف يمكن كشف المكورات السحائية في مسحات الدم المحيطي. وفي حال لم يكن المرض شديدًا، يعاني المريض من حمى وأعراض أخرى غير محددة. لكن يمكن أن تنتقل الجراثيم من الدم، فمثلًا من خلال عبورها للحاجز الدموي الدماغي وإصابة السحايا؛ حيث تتضاعف وتحفز رد فعل التهابيٍ حاد، مترافق مع تدفق الكريات البيضاء مفصصة النوى، ما يؤدي إلى التهاب سحايا قيحي.

من الشائع أيضًا إصابة المريض أيضًا بأعراض مفصلية، وطفح فرفري و/أو حبري. وخلال عدة ساعات قد تتطور الحمى والتوعك إلى صداع شديد، وتيبس رقبة وإقياء وحساسية للضوء الساطع (وهي أعراض التهاب السحايا).

قد تحدث الغيبوبة خلال بضعة ساعات. والعامل الأساسي في تشخيص هذه العدوى هو عزل الجرثومة من سوائل الجسم العقيمة عادةً، مثل الدم أو السائل الدماغي الشوكي. وإجراء صبغة غرام على السائل، لكن بعد تثفيل العينة لتركيز الجراثيم، لأن الاختبار يحتاج وجود 105 حتى 106 من الجراثيم في الميلي الواحد.

تجرثم الدم

يمكن أن تسبب المكورات السحائية إنتانًا دمويًا مهددًا للحياة عند الأشخاص الذين تبدو عليهم الصحة في أقل من 12 ساعة.

نسبة 30% من المرضى المصابين بالتهاب السحايا يتطور لديهم إنتان دموي خاطف. في هذه الحالة فإنَّ التظاهر السريري المتمثل بإنتان الدم والصدمة يكون المسؤول عنه الذيفان الداخلي للجراثيم (الشحميات قليلة السكريد). يشاهد إنتان الدم بالمكورات السحائية الخاطف أساسًا عند الأطفال الصغار جدًا (متلازمة ووترهاوس-فريدريكسن). وهي تتسم بنزوفات جلدية لطخية وبنفسجية وكبيرة، وإقياء وإسهال ووهط دوراني وتنخر كظري والموت خلال 10-12 ساعة.

الفحوصات المخبرية

الفحص المجهري

تشاهد المكورات السحائية تحت المجهر الضوئي في عينات السائل الشوكي وارتشافات الآفات الجلدية، حيث تبدو كجراثيم مكورة مزدوجة سلبية الغرام، غالبًا بالترافق مع كريات بيضاء مفصصة النوى. يمكن تحديد الحوامل من خلال زرع مسحات من منطقة البلعوم الأنفي.

الزرع

تزرع المكورات السحائية على وسط آغار شوكولا بوجود زيادة من ثنائي أوكسيد الكربون. يجب طلي المزارع بشكل مناسب، أو في حال عدم إمكانية ذلك فيجب استخدام وسط ناقل لمد عيوشية الجرثومة للزراعة. وبخلاف المكورات البنية فإنَّ المكورات السحائية تزرع من عينات الدم أو السائل الشوكي، والتي تكون عادةً عقيمة، ولذلك ليس من الضروري استخدام وسط خاص (وسط آغار ثاير مارتن)، ويعد وسط آغار شوكولا كافٍ لها.

اختبارات إضافية

كل أنواع النيسرية إيجابية على تفاعل الأوكسيداز. وللتمييز بين الأنواع تستخدم اختبارات استخدام السكر. حيث أنَّ المكورات السحائية تستخدم كل من الغلوكوز والمالتوز، في حين أنَّ المكورات البنية تستخدم فقط الغلوكوز.

في التهاب السحايا الجرثومي يظهر تحليل السائل النخاعي زيادة في الضغط وارتفاعًا في البروتينات ونقصًا في الغلوكوز وكثيرًا من العدلات.

العلاج

يعد التهاب السحايا الجرثومي حالة طبية طارئة. ولذلك لا يمكن الانتظار حتى تأكيد التشخيص لبدء العلاج، بل تؤخذ عينة دم ويعالج المريض حال رؤية الأعراض عليه (حمى عالية وصداع وطفح) وذلك لمنع الإصابة بإنتان دم خاطف والذي يترافق مع معدل وفيات مرتفع.

يقلل إعطاء الصادات الحيوية قبل أخذ عينة السائل النخاعي من إمكانية حصول إيجابية في زراعته، لكن ما يزال يمكن حينها تأكيد التشخيص من زرع الدم المأخوذ قبل بدء العلاج.

يمكن علاج التهاب السحايا بفعالية باستخدام البنسيلين ج أو الأمبيسيللين (كلاهما يمكنه اختراق الحاجز الدماغي الدموي) بجرعات وريدية كبيرة. وعندما يكون سبب العدوى غير واضحٍ ينصح باستخدام السيفوتاكسيم أو السيفترياكسون.

يقلل العلاج المناسب الوفيات حتى 10%، وبسبب التفاعل الالتهابي الشديد الذي يترافق مع التهاب السحايا الجرثومي ينصح بحقن المريض بالقشراني السكري الديكساميتازون قبيل الجرعة الأولى من الصادات الحيوية أو معها.

اللقاحات

لقاح المكورات السحائية المقترن (MCV4) صادقت عليه الولايات المتحدة عام 2005 لاستخدامه عند الأفراد من سن 11 حتى 55، وقد استبدل لقاح عديدات السكريد غير المقترنة.

MCV4 هو لقاح رباعي يحتوي عديدات سكريد المحفظة من الزمر المصلية A وC وW-135 وY، بالإضافة لذوفان الخناق (الدفتريا).

يثير اللقاح استجابة الذاكرة المعتمدة على الكريات البيضاء التائية ما يزيد من فعالية اللقاح، ويؤدي ذلك إلى استجابة أولية أفضل للقاح واستجابة أقوى في التعرض اللاحق للعامل الممرض.

تعد المحفظة عديدة السكريد B مستضدًا ذاتيًا، ولذلك لا تحفز استجابة مناعية فعالة.

الوقاية

يعطى الريفامبين كوقاية لأفراد عائلة المريض، بسبب حتمية اتصالهم القريب معه، وبذلك إمكانية تعرضهم للجرثوم.

وتتضمن باقي الأدوية المستخدمة للوقاية السيبروفلوكساسين الفموي والسيفترياكسون العضلي.

المصادر

Richard A. Harvey, Lippincott’s Illustrated Reviews microbiology, third edition, Wolters Kluwer, P.P. 96-103.