داءُ الدونوفانيَّات

من موسوعة العلوم العربية
(بالتحويل من دونوفانيات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داءُ الدونوفانيَّات Donovanosis يعد داء الدونوفانيات عدوى جرثومية تترافق عادةً مع الإصابة بأمراض جنسية أخرى.

يسمى أيضًا هذا الداء بالورم الحبيبي الأربي Granuloma inguinale.

يصيب هذا الورم عادةً الجلد والأغشية المخاطية للعضو الجنسي، ما ينتج عنه آفات عقيدية تتطور لتقرحات. تتوسع التقرحات بمرور الوقت، وتكون مدمرة نسيجيًا.

الفيزيولوجيا المرضية

الجرثومة داخل الخلوية المسؤولة عن هذا الداء وصفها أولًا العالم دونوفان Donovan منذ أكثر من قرنٍ من الزمن، وصنفت عام 1913 تحت اسم المُغَمَّدَةُ الوَرَمِيَّةُ الحُبَيْبِيَّة Calymmatobacterium granulomatis.

واكتشف لاحقًا (كارتر وزملاؤه) أنَّ الجرثومة مشابهة في البنية الجزيئية لأنواع الكلبسيلة، وأعيد تصنيفها كعصيات متعددة الأشكال سلبية الغرام، تحت اسم كلبسيلة الورم الحبيبي Klebsiella granulomatis.

تحصل العدوى لهذا المرض أساسًا من خلال الاتصال الجنسي، لكن يفترض أنَّ لها قدرة معدية ضعيفة، وذلك أنَّ تكرار التعرض ضروري عادةً لنقل مرض سريري. كما يمكن أن تنتقل العدوى من خلال الطريق الفموي البرازي، أو إصابة الجنين أثناء الولادة.

الوبائيات

يعد هذا الداء نادرًا في المناطق معتدلة الحرارة، لكن يشيع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. يكون هذا الداء وبائيًا في الغرب وفي غينيا والكاريبي وجنوب الهند وإفريقيا الجنوبية وجنوب شرق آسيا وأستراليا والبرازيل.

المآل

  • قد يحصل النكس بعد 18 شهرًا من العلاج. وفي حال عدم العلاج قد تستمر الآفات بالتوسع لسنوات.
  • وفي حال عدم العلاج قد تحصل أيضًا عداوى ثانوية وكذلك تضخم عقد لمفية وداء الفيلة.
  • تستمر الآفات بالتوسع، وتكون مدمرة موضعيًا. ويميل العلاج ليظهر تليفًا شديدًا، ناتجًا عن تضيقات. *يمكن أن يتطور عند المريض في الآفات التي مر عليها وقت طويل سرطانة حرشفية الخلايا Squamous cell carcinoma وفي حالات أقل سرطانة الخلايا القاعدة basal cell carcinoma. كما قد تحدث مضاعفات.

الأعراض

الأعراض الشكلية

تشاهد في هذا الداء أربعة أنواع من الآفات الجلدية:

  • عقيدية: تكون آفة الورم الحبيبي الأربي الأولية عبارة عن حطاطة أو عقيدة تظهر في موقع دخول الجرثومة. تظهر العقيدة كعقيدة ناعمة، غالبًا ما تكون حاكة وحماموية، وفي النهاية تتقرح. قد يخطأ بوصفها بظنها عقدة لمفاوية (دبل كاذبة).
  • نابتة متقرحة (الأكثر شيوعًا): تتطور آفات الورم الحبيبي الأربي هذه من الآفات العقيدية، وتتضمن قرحات قيحية متوسعة ضخمة غير مؤلمة عادةً. للقرحات قاعدة هشة نظيفة مع حواف مميزة مرتفعة مدورة، ولديها ميل للنزف بسهولة. تكون التقرحات "حمراء جدًا" وتتوسع ببطء بعيدًا عن المركز، تصبح في النهاية أكثر حبيبية مع حواف ساعية. تتواجد عمومًا في طيات الجلد، وقد تحصل عدوى ذاتية بأن تنتقل الآفات للجلد الملاصق. تصاب القرحات غالبًا بعداوى ثانوية بأنواع أخرى من الجراثيم، وتخرج رائحة تفسخ.
  • ندبية: تتطور القرحات الجافة إلى لويحات ندبية، وقد تترافق مع وذمة ليفية.
  • آفة ضخامية أو ثؤلولية (نادرة نسبيًا): قد يشابه هذا التفاعل التكاثري، مع تشكل كتل إنباتية كبيرة الأورام الثؤلولية التناسلية.

تورم

يعد حصول تورم شبيه بداء الفيلة للأعضاء التناسلية الخارجية مضاعفة متكررة الحدوث، ويشاهد غالبًا عند النساء المصابات في المراحل الأخيرة من الورم الحبيبي الأربي.

التوزع

المناطق الأكثر إصابة بآفات الورم الحبيبي الإربي في الجسم عند الرجال هي المنطقة الحشفية القلفية، بالإضافة إلى الشرج. أما عند النساء فتحدث الآفات في الشفران الصغيران أو جبل الزهرة (جبل العانة) أو العوَيكِشَة (لِجامُ الشُّفْرِ الفَرْجِيّ) أو عنق الرحم. تحصل إصابة عنق الرحم في 10% من الحالات.

الإصابة خارج الأعضاء الجنسية

تحصل الإصابة خارج الأعضاء الجنسية في 6% من الحالات. قد تؤدي العدوى الذاتية أو التوسع المباشر إلى إصابة الشفتين أو المخاطية الفموية/الهضمية أو فروة الرأس أو البطن أو الذراعين أو القدمين أو العظام.

لا يحصل تضخم للعقد اللمفية نتيجةً للعدوى الأولية بجراثيم كلبسيلة الورمية الحبيبية، إنما يحصل كعدوى جرثومية ثانوية. تشابه الدبل الكاذبة العقد اللمفية، لكنها مجرد آفات عقيدية. تشاهد الآفات المنتشرة المترافقة مع الأعراض الجهازية كثيرًا في المناطق المتوطن فيها المرض. وقد يحصل انتشار دموي للطحال والرئتين والكبد والعظام والحجاج ، وكثيرًا ما يؤدي للموت.

المضاعفات

  • المضاعفة الأشد خطرًا للورم الحبيبي الإربي هو سرطانة الخلايا، والتي سجلت عند 0.25% من المرضى. وتتضمن سرطانة حرشفية الخلايا Squamous cell carcinoma وفي حالات أقل سرطانة الخلايا القاعدية basal cell carcinoma. تكون سرطانة الخلايا الحرشفية اأحيانًا صعبة التمييز نسيجيًا عن فرط تنسج الظاهرة الكاذب المترافق مع آفات الورم الحبيبي الإربي. علاوة على ذلك، فمن الممكن أن يحصل كلا نوعي السرطان (حرشفية الخلايا وقاعدية الخلايا) في نفس الآفة.
  • حالما تشفى الآفات يحصل تليف شديد وتشكل تضيقات وشبم (تضيق القلفة)، ما يؤدي لتشوه واضح، وعجز وظيفي.
  • قد يصاب المريض بداء الفيلة في الأعضاء التناسلية بسبب التدمير اللمفاوي.
  • قد يتطور الورم الحبيبي الإربي أيضًا ليشمل مواقع خارج الأعضاء التناسلية، مع انتشار مميت ممكن للأحشاء.
  • يمكن أن يزيد الورم الحبيبي الإربي أيضًا من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، ويزداد الخطر بوجود الآفات المزمنة.
  • وقد سجلت حالة بتر ذاتي للقضيب عند رجل مصاب بالورم الحبيبي الإربي مع عدوى مبطنة بفيروس نقص المناعة المكتسب.

التشخيص

عزل الجرثومة

رغم إمكانية عزل الجرثومة، إلا أنَّها هشة للغاية، وزراعتها تحتاج قدرة لا تتوافر في معظم المختبرات. الطريقة الأسهل لإظهار الجرثومة هي عن طريق مسحات من قاعدة القرحة. تشاهد الجراثيم ضمن سيتوبلاسما المنسجات.

في حال الحاجة لتشخيص سريع يمكن إجراء مسحة. أولًا تدور مسحة قطنية على القرحة بحيث لا تسبب نزيفًا. ثم تدور المسحة على شريحة زجاجية. تعرض الشريحة للهواء والجفاف، ثم تصبغ بملون غيمزا أو بملون بيناسيانول ما يظهر أجسام دونوفان (ذات تصبغ ثنائي القطب).

طريقة بديلة: تؤخذ قطعة سغير من حافة القرحة أو من قاعدتها. ثم تسحق الأنسجة الناتجة بين شريحتين زجاجيتين، وتفصلان، ثم تعرضان للهواء. ثم يستخدم صباغ غيمزا ورايت، أو صباغ وارثين ستاري أو أزرق التولويدين أو ملون ليشمان لإظهار أجسام دونوفان.

اختبارات أخرى

  • تعد تقنية تفاعل البوليمراز المتسلسل أكثر حساسية؛ لكنَّها تستخدم فقط للأبحاث العلمية.
  • تقنية التألق المناعي غير المباشرة متوافرة لاختبار المصل؛ لكنَّها ليست دقيقة كفاية لتأكيد التشخيص.
  • يمكن للُطاخَةُ بابا نيكولاو أن تكشف أجسام دونوفان عند المريضات الخاضعات لفحص روتيني سيتولوجي لعنق الرحم.

تجرى أيضًا اختبارات لكشف إذا ما كان المريض مصابًا بأمراض أخرى تنتقل بالجنس، ذلك أنَّ هذا المرض ينتقل بالجنس.

التصوير

في حال الإصابة العظمية.

العلاج

  • أيٌ من الأدوية السابقة يجب إعطاؤه لمدة 3 أسابيع على الأقل، والاستمرار حتى عودة تشكل الظاهرة على القرحات، واختفاء كل علامات المرض.
  • في حال لم تستجب الأورام الحبيبية الإربية للعلاج في أيامه الأولى، يضاف الأمينوغليكوزيدات (مثل الجنتامايسين 1 ملغ/كغ وريديًا كل 8 ساعات).
  • في حال حصول نكس (والذي يحدث عادةً بعد 6-18 شهر من العلاج الفعال) يعاد بدء العلاج من جديد.

الجرعات

  • الأزيثروميسين: 1 غ فمويًا مرة واحدة أسبوعيً، أو 500 ملغ باليوم لمدة 3 أسابيع على الأقل، أو حتى تشفى الآفات تمامًا.
  • الدوكسيسيكلين 100 ملغ فمويًا مرتين يوميًا لمدة 3 أسابيع على الأقل، أو حتى تشفى الآفات تمامًا.
  • الإريثروميسين أساس 500 ملغ فمويًا 4 مرات يوميًا لمدة 3 أسابيع على الأقل، أو حتى تشفى الآفات تمامًا.
  • السيبروفلوكساسين 750 ملغ فمويًا مرتين يوميًا لمدة 3 أسابيع على الأقل، أو حتى تشفى الآفات تمامًا.
  • التريمثوبريم مع السلفاميثوكسازول: بجرعة مضاعفة (160 ملغ/800 ملغ) فمويًا مرتين يوميًا لمدة 3 أسابيع على الأقل، أو حتى تشفى الآفات تمامًا.

اعتبارات دوائية

  • الخيار المفضل للحوامل والمرضعات هو الماكروليدات (الأريثرومايسين أو الأزيثرومايسين). لكن يعطى الأريثروميسين كأساس أو كملح مع الإيثيلسوكسينات (حيث أنَّ ملح الإيزتولات سبب سمية كبدية في 10% من حالات الحمل). أما التريمثوبريم مع السلفاميثوكسازول وكذلك السيبروفلوكساسين كان تصنيفهم C للحامل. أما الدوكسيسيكلين فتصنيفه D فيجب تجنب هذه الأدوية.
  • بالنسبة للمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب فقد يتطلب الشفاء وقتًا أطول، ويضاف للعلاج الأمينوغليكوزيدات الحقنية. وكذلك الأمر بالنسبة للمؤهلين مناعيًا الذين لم يحققوا استفادة على العلاج العادي.

العلاج الجراحي

بعد شفاء الأورام الحبيبية الإربية تتشكل تورمات مشوهة على الأعضاء التناسلية قد تحتاج لتصحيح جراحي.

المصدر

https://emedicine.medscape.com/article/1052617-overview#a6