داء الشيغلات
د. جاد الله السيد محمود |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
داء الشيغلات Shigellosis يعد داء الشيغلات أحد أنواع التسمم الغذائي الذي تسببه عدوى أنواع الشيغيلة. وينتشر بالطريق الفموي البرازي.
تصيب جراثيم الشيغيلة البطانة الظاهرية للفائفي الانتهائي والقولون والشرج، مسببةً إسهالًا وزحارًا جرثوميًا تتراوح من مرض متوسط للشديد. وهي مشكلة صحية عامة أساسية في البلدان النامية، حيث الصرف الصحي سيء، وفي البلدان الصناعية لوجود المشردين وذوي الدخل المتوسط والضعيف.
يعد داء الشيغلات معديًا للغاية. وتسبب جراثيم الشيغيلة السونية Shigella sonnei وجراثيم الشيغيلة الفلكسنرية Shigella flexneri 90% من حالات داء الشيغلات. وفي حال عدم علاجها قد يصاب المريض بزحار خاطف، وقد تكون قاتلة.
ليس ثمة من لقاح ضد أنواع الشيغيلة حتى الآن.
الفيزيولوجية المرضية
تعد جراثيم الشيغيلة عصيات هوائية غير متحركة مخمرة للغلوكوز سلبية الغرام معدية للغاية، تسبب إسهالًا بعد هضم 180 جرثومة فقط.
تسبب هذه الجراثيم الضرر بآليتين:
- تغزو الظهارة القولونية، وهو أمر يعتمد على عامل الفوعة المتواسط بالبلاسميد.
- إنتاج الذيفان المعوي، وهو غير أساسي لالتهاب القولون، لكن يحسن من الفوعة.
الوبائيات
- يشاهد داء الشيغلات في أنحاء العالم، ويميل ليحصل في أماكن الحروب والكوارث الطبيعية (مثل الزلازل والفيضانات) وظروف المعيشة غير الصحية.
- يسبب هذا المرض 700,000 وفاة حول العالم سنويًا، من 165 مليون حالة من الإسهال.
الأعراض
- إسهال حاد مدمى.
- ألم بطني ماعص.
- زحير.
- مرور المخاط.
- حمى (بعد التعرض بـ 1-3 أيام).
- إقياء في بعض الأحيان (35% من الحالات).
- مساق محدود ذاتيًا (يستمر 3 أيام حتى أسبوع، ومن النادر أن يستمر لشهر).
أما موجودات الفحص الجسدي
- مضض أسفل البطن.
- أصوات أمعاء طبيعية أو زائدة.
- تجفاف.
المضاعفات
قد تكون المضاعفات جهازية أو معوية.
المضاعفات المعوية
- التهاب المستقيم أو التدلي الشرجي يعد شائعًا عند الرضع والأطفال الصغار. ويحفزه غزو الجراثيم لمخاطية القولون، ما يسبب التهابًا شديدًا للمستقيم والقولون القاصي.
- يحصل تضخم القولون السام أساسًا عند الإصابة بالشيغيلة الزحارية Shigella dysenteriae.
- قد يحصل انسداد معوي نتيجة المرض القولوني الشديد. ويحصل بنسبة 2.5% تقريبًا.
- يعد ثقب القولون مضاعفة نادرة للغاية لداء الشيغلات.
المضاعفات الجهازية
- يحصل تجرثم الدم بالشيغيلة في حوالي 0-7% من الحالات. وتتضمن العلامات التي تشير لتجرثم الدم: ابيضاض الدم وانخفاض درجة الحرارة وارتفاع الحرارة لما فوق 39.5 درجة مئوية، وتجفاف شديد ونوام.
- ويعد أكثر شيوعًا عند الأطفال مقارنة مع البالغين، ويصاب به أساسًا الأطفال تحت سن الخامسة.
يترافق تجرثم الدم مع زيادة في خطر الوفاة. ويعد الأطفال الصغار سيئي التغذية تحت الخطر الأكبر لإصابتم بذلك.
- اضطرابات استقلابية:
ممكنة الحصول. ففي دراسة لوحظ انخفاض في صوديوم الدم عند 29% من المرضى الذين قدموا المستشفى بعد إصابتهم بإسهال ناتج عن عدوى الشيغيلة الزحارية. لكن غالبًا ينتج انخفاض الصوديوم عن متلازمة الإفراز غير الملائم للهرمون المضاد للإدرار، وليس عن استنزاف حجم الدم. كما قد يلاحظ أيضًا اعتلال معوي بفقد البروتين. زيادة التقويض بعد الحمى، وخسارة البروتينات في البراز، ونقصان تناول الطعام نتيجة القهم، ويمكن أن يزيد سوء الامتصاص من سوء التغذية المسبق.
- التفاعل الابيضاضي Leukemoid reaction:
لوحظ التفاعل الابيضاضي (والذي يحدد بزيادة الكريات البيض في الدم عن 50,000 كرية بالميلمتر مكعب) في 4% من المرضى تقريبًا في بنغلادش، معظمها عند الأطفال بعمر 2-10 سنوات. بالمقابل لم تجد دراسة أجريت في الولايات المتحدة أي علاقة بين شدة المرض وارتفاع عدد الكريات البيض.
- المضاعفات العصبية
قد تظهر مضاعفات عصبية مرتبطة بعدوى الشيغيلة، وتعد النوبات هي الأكثر شيوعًا بينها. وتميل لتكون نوبات معممة. رغم أنَّها غير مرتبطة بعيوب عصبية محددة، إلا أنَّها تترافق مع زيادة في خطر الوفاة. وتحصل النوبات حصريًا عند الأطفال الأصغر من 15 سنة. ولوحظ اقترانها بجميع الزمر المصلية للشيغيلة، وارتباطها بإصابة المريض بحمى (غالبًا أكثر من 39 درجة مئوية) وزيادة في نسبة الكريات البيضاء غير الناضجة وانخفاض في مستويات صوديوم الدم وارتفاع في مستويات بوتاسيوم الدم. في حين يكون تحليل السائل الشوكي المأخوذ بالبزل القطني طبيعيًا نموذجيًا (باستثناء 15% من الحالات). ومن المضاعفات العصبية الأخرى التي وجدت في 40% من الأطفال: اعتلال الدماغ والنوام والتخليط والصداع.
- متلازمة إيكيري Ekiri syndrome
هنالك شكل خاص من داء الشيغلات يدعى متلازمة إيكيري، وقد كان مسؤولًا عن 15,000 وفاة سنويًا في اليابان أثناء الفترة السابقة للحرب العالمية الثانية. وتترافق مع الإصابة بعدوى الشيغيلة السونية، وتتسم بتطور سريع لنوابت وغيبوبة مع حرارة عالية وبعض الأعراض الزحارية.
التهاب المفاصل النشط:
وهي مضاعفة غير شائعة تتبع الإصابة بعدوى الشيغيلة الفلكسنرية. وتحدث لوحدها أو بالترافق مع التهاب الملتحمة والتهاب الإحليل. وهو التهاب مفصلي عقيم. تتطو رالأعراض خلال 1-2 أسبوع من الإصابة بالزحار، بغض النظر فيما إذا عولج الزحار أم لا.
- متلازمة انحلال الدم اليوريمية HUS:
وهو مرض غير شائع نسبيًا، ومع ذلك فهو السبب الأول للفشل الكلوي الشديد بين الرضع والأطفا الصغار حول العالم. ويحصل نتيجة إسهال في الغالب، وفي بعض الحالات يكون الإسهال ناتجًا عن جراثيم الشيغيلة.
- ومن المضاعفات الأخرى ممكنة الحدوث:
- التهاب المهبل والتهاب الفرج والمهبل عند الفتيات الصغيرات، مع أو بدون حصول إسهال.
- نادرًا: التهاب القرنية أو التهاب الملتحمة أو التهاب شغاف القلب.
التشخيص
- تظهر الفحوصات المخبرية عمومًا الموجودات التالية:
- كريات دم بيضاء وحمراء في البراز.
- ارتفاع طفيف في الهيماتوكريت والصوم ومستويات نتروجين البولة.
- ابيضاض الدم (نادرًا).
- إيجابية في زرع البراز.
- خزعة القولون في حال الحاجة للتميز بين الزحار والتهاب القولون التقرحي مجهول السبب. ويجرى خلال 4 أيام من بداية الأعراض. وتتضمن الموجودات النسيجية:
- خلايا وحيدات وعدلات.
- نزفًا.
- قرحات.
- نقص المخاطية.
- خراجات خبيئة في بعض الأحيان.
العلاج
تتضمن المعالجة الداعمة
- علاج ارتفاع الحرارة عند الأطفال.
- إعطاء المريض سوائل نظيفة، وحمية غير حاوية على اللاكتوز حتى زوال الأعراض.
يجب تجنب الأدوية المانعة لحركة المعاء. فقد تجعل الأعراض أسوأ. بالنسبة للسوائل والكهرليات فيفضل إعطاء سوائل اإماهة الفموية.
الأدوية
تسبب الشيغيلة إسهالًا محدودًا ذاتيًا يستمر 5-7 أيام، وقد لا يحتاج استخدام الصادات الحيوية عند الأشخاص الأصحاء باستثناء تلك الإصابة؛ لكن لأسباب عامة يُنصح باستخدامها عند أي شخص تتأكد إصابته بداء الشيغلات. كما ظهر أنَّ الصادات الحيوية تنقص من مدة الحمى والإسهال بمقدار يومين. وهذا النقص في المدة يقلل من خطر انتقال المرض.
ويجب وصف المضادات الحيوية للأشخاص العاجزين والمسنين. وللأطفال سيئي التغذية، والمرضى المصابين بفيروس عوز المناعة المكتسب، ومقدمي الطعام وعمال الصحة والأطفال في مراكز الرعاية. يستخدم الأمبيسيللين على نحو واسع في الماضي، لكن لم يعد فعالًا بسبب ظهور سلالات مقاومة له في الولايات المتحدة. وتنتشر السلالات المقاومة في أنحاء العالم، لذلك يفضل القيام باختبار تحسس على الصادات الحيوية.
وحاليًا يعد السيبروفلوكساسين والأزيثروميسين والسفترياكسون الركن الأساسي في علاج داء الشيغلات.