داء اللشمانيات الحشوي

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داء اللشمانيات الحشوي visceral Leishmaniasis

داء اللشمانيات مرض تسببه طفيليات داخل خلوية تنتقل عن طريق لسعة ذبابة الرمل ذات الاسم العلمي Phlebotomus. ويتراوح المجال المرضي لهذا الداء من قرحة جلدية متموضعة إلى آفات متقدمة منتشرة على الجلد وصولًا إلى داء مخاطي جلدي، وقد يسبب داء اللشمانيات الحشوي، وهو شكل جهازي متقدم شديد مميت من المرض. يصيب غالبًا البلدان التي تتسم بضعف العناية الصحية، مع الحالة الغذائية السيئة.

نسبة الوفيات في هذا الداء بعد العلاج المناسب والداعم 5%؛ لكن بدونه تصل إلى 75-95% بعد سنتين، وغالبًا ما تكون نتيجة نقص التغذية وعدوى ثانوية.

الانتقال

نمط الانتقال

تنتقل هذه الطفيليات للثديات عن طريق لسعة أنثى ذبابة الرمل، وهي بعوضة صغيرة بطول 2-3 ملم من جنس Phlebotomus.

لسعة بعوضة واحدة كافية لتسبب المرض، ذلك أنَّ ذبابة الرمل يمكن أن تخرج أكثر من 1000 طفيلي باللسعة الواحدة. وقد عُرف أكثر من 20 نوعًا ممرضًا من اللشمانيا.

نموذجيًا تستمر فترة الحضانة في داء اللشمانيات الحشوي أسابيع لأشهر قبل أن تظهر عوارضه السريرية. ويمكن أن يكون المرض حادًا أو تحت حاد أو مزمنًا، وقد يظهر عند المرضى منقوصي المناعة بعد سنوات من مغادرتهم المنطقة الموبوءة.

يعد داء اللشمانيات عدوى حيوانية المصدر، حيث تحتاج الحالات المتوطنة لمستودع حيواني. ويعد البشر عمومًا مضيفين عرضيين. لكن العدوى عند الحيوانات عادةً ما تكون غير ممرضة، باستثناء عند الكلاب.

وتشمل الحيوانات المضيفة في العالم القديم الكلاب والقوارض والثعالب والذئاب والراكون وأبناء آوى. بينما تشمل الحيوانات المضيفة في العالم الجديد الكسلان وحيوانات الأبوسوم والقوارض.

ومن المضيفات الثديية القرود والخيول.

أشكال الانتقال غير الشائعة

  • الانتقال الجنسي.
  • الانتقال عبر إبرة لموثة.
  • نقل الدم.

دورة حياة الليشمانيا

ينتقل الطفيلي لأنثى ذبابة الرمل عندما تمص دم الإنسان المصاب بالطفيلي. وخلال 4-25 يمًا يتابع الطفيلي تطوره داخل ذبابة الرمل، حيث يخطع لتحول لشكل المشيقة. فيوجد الطفيلي بشكله المسوط (المشيقة) فيها، ثم يتضاعف بالانقسام المنصف منتجًا عددًا كبيرًا من الطفيليات. ويجري ذلك التضاعف في المعي المتوسط لذبابة الرمل، وتميل تلك الأشكال لتهاجر إلى بلعوم والجوف الشدقي للذبابة. فيلاحظ عدوى بلعومية شديدة عند ذبابة الرمل بين اليوم 6 و9 بعد تناولها وجبة الدم الملوثة.

يلاحظ عدوى بلعومية شديدة عند ذبابة الرمل بين اليوم 6 و9 من تناولها وجبة الدم. تنتقل الطفيليات إلى المضيف الفقاري الجديد أثناء تناول وجبة الدم، حيث يحدث لدى الحشرة المصابة قلس بسبب انسداد البلعوم، فيعود الدم المبتلع إلى خرطومها ويحقن في المضيف مع الطفيليات.

بعد اللسع تموت بعض الطفيليات المسوطة التي دخلت دوران المضيف، بينما يدخل بعضها الآخر اليحلول داخل الخلوي في بالعات الجهاز الشبكي البطاني، وهناك تفقد سوطها وتتحول إلى ليشمانة غير مسوطة في الحيوانات والمضيفات البشرية.

تتضاعف الليشمانة أيضًا بالانقسام المنصف، وتستمر بذلك حتى تتمزق الخلية، فتتحرر هذه الليشمانات إلى الدوران الدموي. ثم تغزو خلايا جديدة، وبذلك تتكرر الحالة وتصيب كامل الجهاز الشبكي البطاني.

اعتمادًا على نوع الطفيلي وعلى مناعة المضيف يمكن أن تستمر فترة الحضانة من أسابيع إلى أشهر قبل بدء الآفة الجلدية أو الانتشار الجهازي.

أنواع اللشمانيا المسببة لداء اللشمانيات الحشوي وتوزعها

  • التوزع في العالم القديم:

- الليشمانية الدونوفانية Leishmania donovani: في الصين والهند وبنغلاديش والسودان.

- الليشمانية الطفلية Leishmania infantum: في آسيا وإفريقيا وأوروبا.

- الليشمانية المدارية Leishmania tropica (نادرًا): في إيران.

  • في العالم الجديد الليشمانية الدونوفانية الشاغاسية Leishmania donovani chagasi في أمريكا الوسطى والجنوبية.

وتقدر 90% من الحالات حدثت في 6 بلدان في العالم، وهي: بنغلاديش والبرازيل وأثيوبيا والهند وجنوب السودان والسودان. وكان للهند النصيب الأكبر بـ 13,869 حالة عام 2013. ورغم إصابتها لجميع الفئات العمرية، إلا أنها تصيب غالبًا الأطفال.

الداء الأسود (كالازار) kala-azar

الاسم هندي، مشتق من كلمتين، كلمة kala وتعني أسود، أما كلمة azar فتعني حمى. ويشير المصطلح للحالات الشديدة من داء اللشمانيات الحشوي، رغم أنه يستخدم بالتبادل مع داء اللشمانيات الحشوي عمومًا.

ويشير مصطلح ما بعد الداء الأسود Post–kala-azar (PKDL) إلى متلازمة تتسم بآفات جلدية تتطور في فواصل مختلفة بعد (أو أثناء) الشفاء من داء اللشمانيات الحشوي. يتمثل الداء أفضل ما يكون بعدوى اللشمانية الدونوفانية donovani في آسيا الجنوبية وأفريقيا الشرقية.

  • الانتشار في العالم القديم:

الليشمانية الدونوفانية Leishmania donovani: في الصين والهند وبنغلاديش. - الليشمانية الطفلية Leishmania infantum: في آسيا وإفريقيا وأوروبا.

  • في العالم الجديد الليشمانية الدونوفانية الشاغاسية Leishmania donovani chagasi في أمريكا الوسطى والجنوبية.

الأعراض

تكون بداية الأعراض أحيانًا مفاجئة. وتتفاوت فترة الحضانة بعد العدوى (عادةً 3-6 أشهر، لكن يمكن أن تصل لسنوات) وقد تعتمد على سن المريض وحالته المناعية بالإضافة لنوع اللشمانية التي أصابته. ويعد الأطفال الصغار الأكثر عرضة.

تشمل العدوى إصابة الكبد والطحال ونقي العظام. ويتراوح طيف المرض من عدوى لاعرضية أو تشفى تلقائيًا إلى عدوى خاطفة شديدة مهددة للحياة، وقد تحدث العداوى كحالات تحت سريرية.

تتميز المتلازمة بـ:

  • حرارة.
  • فقد وزن.
  • تضخم الكبد والطحال.
  • قلة الكريات الشاملة.
  • فرط الغلوبولينات المناعية في الدم.

تكون العدوى مستمرة أو مترددة؛ وتصبح متقطعة في مرحلة لاحقة. كما توصف أيضًا كارتفاع مضاعف خلال 24 ساعة، حيث تتبع موجات من فرط الحرارة فترة لا تصاحبها حرارة عند المريض. ومن الأعراض الأخرى:

  • فرط تعرق ليلي.
  • ضعف.
  • إسهال.
  • توعك.
  • قهم.

ويمكن أن يصاب المريض بجفاف وتحفيز للخلايا لاميلانية، مما يسبب جلدًا متصبغًا مميزًا.

داء اللشمانيات الموجه للأحشاء Viscerotropic leishmaniasis

يتميز بتظاهرات سريرية مميزة قليلة الإيلام، ولا يتطور عادةً لداء لشمانيات حشوي كامل. ويصاب فيه المرضى بمجموعةم نالأعراض بعد شهر إلى سنوات من العدوى، والتي تشمل:

  • الحمى.
  • صمل.
  • توعك.
  • تعب.
  • سعال غير منتج.
  • إسهال متقطع.
  • صداع.
  • ألم مفاصل.
  • ألم عضلي.
  • تضخم عقد لمفاوية.
  • تضخم كبد وطحال عابر.
  • ألم بطني.

التشخيص

العزل والزرع

يمكن كشف الطفيلي من خلال الكشف المباشر (كشف شكل الليشمانة) من عينات الدم المحيطي أو نقي العظام أو الكبد أو الطحال. والطريقة الأكثر حساسية هي بزل الطحال، رغم أنَّ المضاعفات الناتجة قد تكون شديدة، وتتضمن نزيفًا مهددًا للحياة.

يشاهد الطفيلي باستخدام ملون غيمزا على مسحة، أو بمشاهدة زرع عينات نقي العظام أو الطحال أو الكبد أو العقد اللمفية.

الفحوصات المصلية

طورت مقايسة شديدة الحساسية والنوعية للمستضد K39 المؤشب، ما جعل من بزل الطحال وباقي الارتشافات غير ضرورية.

تستخدم مقايسة الضد المتألق غير المباشرة (IFA) والتي لها نسبة حساسية 80-100% عند المرضى غير المصابين بالإيدز. لكن يمكن أن تتقاطع مع مرضى الجذام والسل والملاريا وداء شاغاس وداء المثقبيات الإفريقي وداء البلهارسيا.

يمكن استخدام مقايسة الامتصاص المناعي المرتبط بالأنزيم (ELISA) بالترافق مع مقايسة الضد المتألق غير المباشرة و/أو لطخة ويسترن لزيادة الحساسية والنوعية. يزداد استخدام تفاعل البوليمراز المتسلسل (PCR)، وهو أكثر حساسية في تحديد بداءة المرض من المقايسات المصلية (بحساسية 92-99%، ونوعية 100%). ويساعد توطن المرض على التشخيص.

الاختبارات الروتينية

تعداد كامل للدم

وذلك لكشف حصول فقر دم أو نقص في الكريات البيض أو نقص صفيحات. والتي يمكن أن تتراف قمع الإصابة بهذا الداء.

  • دراسات التخثر.
  • اختبارات وظائف الكبد:

يمكن أن يظهر المرضى زيادة بسيطة في مستويات الفوسفاتاز القلوية وناقلات أمين الأسبارتات AST وناقلات أمين الآلانين ALT.

اختبارات أخرى

  • انخفاض الغلوبولين المناعي غاما.
  • المعقدات المناعية الدورانية.
  • العوامل الروماتيزمية.
  • الليباز.
  • الأميلاز.
  • الغاما غلوبولين.
  • الألبومين.

العلاج

العلاج الدوائي

  • الصوديوم ستيبوغلوكونات أو ميغلومين أنتيمونات.
  • الأمفوتيرسين ب: فعال داء اللشمانيات الجلدي المخاطي المقاوم. لكن استخدامه محدود نظرًا لسميته.
  • ميلتيفوسين فموي miltefosine.
  • بنتاميدين حقن عضلي.

العلاج الداعم

يجب الانتباه للمعالجة الداعمة، فغالب المرضى يموتون بسبب سوء التغذية والعداوى الثانوية، فيجب:

  • تصحيح سوء التغذية.
  • تقديم الصادات الحيوية لمعالجة عداوى الجروح والعداوى الثانوية.
  • تقديم معالجة داعمة للأعراض الناتجة عن داء اللشمانيات الحشوي، والتي تشمل الراحة، ونقل الدم وغيرها.

المصدر

https://emedicine.medscape.com/article/220298-overview#showall