داء باجيت

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

داء باجيت العظمي هو مشكلةٌ تؤثّر على كيفيّة تخرّب العظم وإعادة بنائه. يسمح استقلاب العظام السّليمة بإعادة ترميم العظام القديمة إلى عظامٍ جديدة طوال حياة المرء. وعند الإصابة بداء باجيت العظمي، يحدث خللٌ في نسبة تفتّت العظام القديمة وتشكُّل العظام الجديدة. ومع مرور الوقت، قد تغدو العظام هشّة ومشوّهة بسبب الإصابة بداء باجيت العظمي. يُعَدّ داء باجيت العظمي أكثر شيوعاً مع الّتقدم في السن. ويعتبره الكثير من كبار السّن الذين يعانون من انزعاج أو عدم ارتياح في العظام والمفاصل جزءاً طبيعيّاً من الشّيخوخة ولا يسعون للعلاج. إلا أنّه من المهمّ الخضوع للعلاج في أقرب وقت ممكن بعد ظهور الأعراض؛ وذلك لكن لمنع المضاعفات الأكثر خطورة من داء باجيت العظمي.

الأعراض

يصيب داء باجيت العظمي كل شخص بشكلٍ مختلف، ولا يعاني معظم المصابين به من الأعراض. وعندما تظهر الأعراض، فهي عادةَ ما تتواجد في مناطق محددة مصابة بهذا المرض، على الرّغم من أنّها قد تكون واسعة الانتشار. تصيب هذه الحالة عادةً الجّمجمة، والعمود الفقري، والعظام في الذّراعين، والسّاقين، والحوض. وقد يصيب المرض منطقةً أو اثنتين من مناطق الجّسم، أو قد ينتشر، وتعتمد الأعراض، إن ظهرت، على الجّزء المصاب من الجّسم، وذلك على النّحو التّالي:

  • العظام:

يُعَدّ الألم العظام المصابة أكثر الأعراض شيوعاً لداء باجيت للعظام. قد يكون الألم متواصلاً، ومؤلماً، وعميقاً، ويمكن أن يكون أشدّ في اللّيل.

  • المفاصل:

قد يُلحِق داء باجيت الضّرر بالغضروف الذي يبطّن المفاصل بالقرب من العظام المصابة، وغالباً ما يؤدّي هذا البلى إلى التهاب العظام والمفاصل في المفاصل المتضرّرة، وهو حالةٌ قد تسبّب الألم، والتّورّم، والتّصلّب.

  • الأعصاب:

قد تضغط العظام المتوسّعة على الحبل الشّوكي أو الأعصاب التي تخرج من الدّماغ والحبل الشّوكي، والألم النّاجم عن الضّغط العصبي هو أشدّ من ألم العظام الذي يترافق مع داء باجيت، ويعتمد موقع الألم على العصب المتضرّر. وقد يلاحظ المرء ألماً ينتشر من أسفل الظّهر إلى السّاقين (عرق النسا) إذا كانت المنطقة السّفلي من العمود الفقري هي المتضرّرة، كما قد يسبّب الضّغط على العصب الخدر، والتّنميل، والضّعف، وفقدان السّمع، والرّؤية المزدوجة.

وتتضمّن الأعراض الأُخرى لداء باجيت ما يلي:

  • دفء في الجّلد فوق المنطقة المصابة
  • مشاكل عصبية؛ كفقدان السّمع، والصّداع، ونادراً ما يحدث فقدان الرّؤية
  • تشوهات في العظام؛ كالفحج وتوسّع حجم الرأس
  • الكسور

يجب على المرء رؤية مع الطّبيب في الحالات التّالية:

  • عند ظهور أعراض داء باجيت العظمي؛ مثل ألم العظام والمفاصل
  • أعراض الأعصاب المضغوط عليها؛ مثل الألم والتّنميل والضّعف
  • تشوّهات العظام

وعند ظهور أعراض داء باجيت العظمي، يجب الاتّصال بالطّبيب إذا عانى المرء ممّا يلي:

  • أعراض المرض التي تؤثّر على الجّمجمة؛ مثل فقدان السّمع، أو فقدان الرّؤية، أو الرّؤية المزدوجة، أو الضّعف، أو التّنميل في الوجه
  • فقدان السّيطرة على المثانة أو الأمعاء، يرافقه ضعف في السّاقين؛ والذي يمكن أن يشير إلى أنّ ضرراً شديداً قد لحق بالعمود الفقري
  • ألم شديد أو مفاجئ أو تغير في الألم الذي كان المريض يعاني منه

الأسباب

إنّ العظام لا تتوقّف عن النّمو، حتّى وإن كان المرء قد بلغ طوله الكامل، والعظام هي أنسجةٌ حيّة تشارك في عمليّة التّجديد المستمرّة. أثناء هذه العملية المستمرّة؛ والتي تُدعى إعادة التّشكيل، يتمّ إزالة العظام القديمة والاستعاضة عنها بعظام جديدة. ويقوم داء باجيت العظمي بتعطيل هذه العملية. في وقت مبكر من مسار المرض، تبدأ العظام القديمة بالتحطم أسرع ممّا يمكن للعظام الجّديدة أن تُبنَى. وبمرور الوقت، يستجيب الجّسم عن طريق إنتاج عظامٍ جديدة بشكلٍ أسرع من الطّبيعي، ويُنتِج هذا التّجديد السّريع عظماً أكثر ليونة وأضعف من العظام الطّبيعيّة؛ ممّا قد يؤدّي إلى آلام العظام، والتّشوّهات، والكسور.

لم يتعرّف العلماء على سبب داء باجيت العظمي، على الرّغم من أنّهم اكتشفوا العديد من الجّينات التي يبدو أنها ترتبط بهذا الاضطّراب. ويعتقد بعض العلماء أنّ داء باجيت يرتبط بإنتانٍ فيروسي في الخلايا العظميّة والذي قد يكون موجوداً لسنواتٍ عديدة قبل أن تظهر المشاكل. ويبدو أنّ العوامل الوراثيّة تؤثّر فيما إذا كان المرء عُرضةً للإصابة بهذا المرض، ويُعَدّ العمر والوراثة عوامل الخطر الوحيدة المعروفة لداء باجيت، ويسري المرض أحياناً في العائلات. إنّ الذين يبلغون من العمر أكثر من 40 سنةً هم الأكثر عُرضَةً للإصابة بداء باجيت، كما أنّ الرّجال يصابون بهذا المرض بشكلٍ أكثر شيوعاً من النّساء.

المضاعفات

يترقّى داء باجيت العظمي ببطء في معظم الحالات، ويمكن السّيطرة على المرض على نحوٍ فعّال في في جميع حالات الإصابة به تقريباً ونادراً ما يودي المرض بالحياة. وتتضمّن المضاعفات التي قد تحدث ما يلي:

  • التهاب العظام والمفاصل:

يعدّ مرض المفاصل التنكّسي هذا أحد المضاعفات الشّائعة على المدى الطّويل لداء باجيت.

  • قصور القلب:

إنّ انتشار مرض باجيت غير الاعتيادي قد يجبر القلب على العمل بشكلٍ أكبر من أجل ضخّ الدّم إلى المناطق المصابة من الجّسم. وبالنّسبة للمصابين بأمراض القلب، فإنّ هذا العبء المتزايد على القلب قد يؤدّي إلى قصور القلب.

  • السّاركومة:

يُعَدّ سرطان العظم، من المضاعفات النّادرة التي قد تحدث، وهو يُعرف باسم السّاركومة العظميّة أو السّاركومة عظميّة المنشأ؛ وقد يصيب العظام المصابة بداء باجيت. ويصاب أقلّ من 1 بالمائة من المصابين بداء باجيت العظمي بهذا النّوع من المضاعفات، ولا يحدث عادةً إلا بعد عدّة سنوات من الإصابة بداء باجيت.

إذا أصاب المرض عظام الرّأس، فقد يعاني المريض من فقدان السّمع وفقدان الأسنان، وفي حالاتٍ نادرة، قد يصاب بفقدان الرّؤية.

العلاج

قد لا يحتاج المرء لعلاج إذا لم تظهر الأعراض. ومع ذلك فإذا كان المرض نشطاً، والذي يدلّ عليه ارتفاع نسبة إنزيم الفوسفاتيز القلويّة، وإذا كان يصيب المواقع عالية الخطورة في الجّسم؛ كالجّمجمة أو العمود الفقري، فقد يوصي الطّبيب بالخضوع للعلاج لمنع حدوث المضاعفات، سواء كانت الأعراض قد ظهرت أم لم تظهر. قد يساعد علاج داء باجيت في تخفيف الألم، كما قد يوقف الضّرر الذي لحق بالعظام. في كثير من الحالات، قد يحدث العلاج هجوعاً للمرض، والذي قد يكون طويلاً بالنّسبة لبعض المرضى. بشكلٍ عام، فإنّ الأطبّاء يوصون بالعلاج في الحالات التّالية:

  • إذا كان المريض يعاني من ألم العظام أو أعراض عصبيّة مرتبطة بداء باجيت
  • إذا كان المريض يخطّط للخضوع لعملية جراحيّة لإصلاح الأضرار التي لها علاقة بداء باجيت، وفي هذه الحالة، يقوم الطّبيب بوصف أدوية للحدّ من فقدان الدّم خلال العمليّة
  • إذا كان المريض في خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة على المدى الطّويل بسبب الطّبيعة العدوانيّة للمرض وموقع العظام المصابة. ومن المرجّح أن تنجم المضاعفات عن إصابة العمود الفقري والجّمجمة والعظام بالقرب من المفاصل الرّئيسيّة والعظام الطّويلة في الذّراعين والسّاقين
  • إذا كان القلب يعمل فوق طاقته بسبب انتشار داء باجيت على نحوٍ واسع

إذا كانت أي من المعايير المذكورة أعلاه تنطبق على المرء، فقد يوصي الطّبيب بالخضوع للعلاج.

الأدوية

قد يوصي الطّبيب بأدوية تنظيم العظم إذا كان المرء يعاني من ألمٍ مرتبطٍ بداء باجيت أو إذا كان المصاب في خطر الإصابة بمضاعفاتٍ خطيرة، ويستخدم الأطبّاء نوعين من الأدوية لعلاج داء باجيت العظمي وهي تتلخّص فيما يلي:

  • البايسفوسفونيت

عادةً ما يستخدم الأطبّاء هذه الأدوية لعلاج ترقق العظام ولزيادة كثافة العظام، إلا أنّهم قد يستخدموها أيضاً للحد من نشاط داء باجيت. قد يساعد العلاج بهذه العوامل في استعادة مظهر العظام الأكثر طبيعيّةً، كما قد يسبّب هجوعاً للمرض على المدى الطّويل من داء بهجت. ويُعَدّ البايسفوسفونيت حالياً العلاج المختار لداء باجيت، إلا أنّه لا ينبغي للمرء أن يأخذا إذا كان مصاباً بمرضٍ شديدٍ في الكلى. تعطى بعض أنواع البايسفوسفونيت على شكل أدوية يمكن تناولها فمويّاً، بينما تُعطَى أنواعٌ أُخرى عن طريق الوريد. وبشكلٍ عام، فإنّ المرضى يتحمّلون البايسفوسفونيت الذي يتناولوه عن طريق الفم، إلا أنّه قد يقوم بتخريش الجّهاز الهضمي. يُقَدّم الوريد استجابة أسرع من تلك التي تقدّمها الأدوية الفمويّة، وهو خيار آخر للمريض الذي لا يستطيع تناول البايسفوسفونيت عن طريق الفم. وعادة ما يصف الأطباء البايفوسفونيت لمدة شهرين إلى ستة أشهر، وذلك بحسب الدّواء الذي يستخدمه المريض. قد يحتاج المصاب إلى تغيّر صنف الدّواء إذا كنت هذه الأدوية تؤخذ على المدى الطّويل؛ لأنّه وبمرور الوقت، قد تتشكّل مقاومة لأحد أنواع البايسفوسفونيت.

  • كالسيتونين

إذا كان المريض لا يستطيع تحمل البايسفوسفونيت، فقد يصف الطّبيب له كالسيتونين، وهو هرمون يوجد بشكلٍ طبيعي وهو يشارك في تنظيم الكالسيوم وعملية الاستقلاب في العظام، وكالسيتونين هو عقارٌ يمكن للمريض أن يحقن نفسه به. تتضمّن التّأثيرات الجّانبيّة لهذا العقار الغثيان واحمرار الوجه والتّخريش في موقع الحقن. ويؤدّي وقف العلاج به إلى عودة نشاط المرض بسرعة ونكس الأعراض. قد يستخدم الطّبيب اختبارات الدّم لقياس مستوى الفوسفاتيز القلويّة وذلك لرصد استجابة المريض لهذه الأدوية. فإذا كان العلاج فعالاً، ينخفض مستوى الفوسفاتيز القلويّة وقد يعود لمستواه الطّبيعي.

  • علاج التهاب المفاصل:

قد يحتاج داء باجيت أيضاً إلى علاجٍ لتخفيف الألم أو علاج الالتهاب الذي يترافق مع التهاب المفاصل، وتتضمّن خيارات العلاج ما يلي:

وهذه تخفّف الألم وتحدّ من الالتهاب الذي يكون عادةً مصدر الألم في التهاب المفاصل المرتبط بداء باجيت. وتتوفّر مضادّات الالتهاب اللاستيروئيديّة بنوعين، يباع أحدهما بموجب وصفةٍ طبيّة والآخر دون وصفة طبيّة. وقد يحتاج المريض أن يجرّب أكثر من نوع من مضادّات الالتهاب اللاستيروئيديّة قبل العثور على العقار الأكثر فعاليّة بالنّسبة له. وقد يسبّب الاستخدام طويل الأمد لمضادّات الالتهاب اللاستيروئيديّة أو استخدام أكثر من نوع من مضادّات الالتهاب اللاستيروئيديّة تأثيراتٍ جانبيّة مثل القرحة، والحرقة في المعدة، والغثيان، ونزيفٍ في المعدة. كما يمكن أن يؤدّي تناول جرعاتٍ كبيرة من هذه الأدوية إلى مشاكل في الكلى.

قد يخفّف acetaminophen من الألم، إلا أنّه لا يحسّن من حالة الالتهاب. ويعدّ هذا الدّواء آمناً إذا تناوله المريض لفترةٍ قصيرةٍ من الزّمن وتقيّد بتوجيهات الجّرعة اليوميّة. وقد يؤدّي تناول acetaminophen إلى إلحاق الضّرر بالكبد إذا تناول المريض الجّرعة القصوى منه لمدّةٍ طويلة، وخاصّةً إذا اقترن معه تناول الكحول بشكلٍ منتظم.

الجّراحة

قد يحتاج المريض في حالات نادرة إلى الخضوع لعملية جراحية للمساعدة على التئام الكسور ولاستبدال المفاصل التي تضرّرت بسبب التهاب المفاصل الحاد أو من أجل تكييف العظام المشوّهة. إذا أصاب مرض باجيت العمود الفقري أو الجّمجمة فقد يحتاج المصاب إلى الخضوع للجّراحة لتخفيف الضّغط على الأعصاب ومنع حدوث المضاعفات الخطيرة.

غالباً ما يجعل داء باجيت الجّسم ينتج عدداً فائضاً من الأوعية الدّموية (زيادة الأوعية الدّمويّة) للعظام المتأثّرة. ويزيد هذا التغيير من خطر حدوث فقدان شديد للدّم خلال الخضوع للعمليّة، فإذا كان المريض سيخضع لجراحةٍ تنطوي على العظام المصابة بداء باجيت، فأنّ الطّبيب قد يصف أدويةً للحدّ من نشاط المرض، وهي الخطوة التي قد تحدّ من فقدان الدّم أثناء الجّراحة.

الإنذار

غير متوفر

المصدر

http://www.epharmapedia.com