داء المقوسات

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

داء المقوسات Toxoplasmosis مرض يسببه طفيلي وحيد خلية يسمى المقوسات الغوندية Toxoplasma gondii، ينتشر في جميع أنحاء العالم وفي جميع المناخات وتقدر نسبة حدوثه في سوريا بحوالي 60 – 90%.

أشكال المرض

ولهذا الداء شكلان سريريان هما:

  • الشكل المكتسب: يمر عادة دون ظواهر سريرة وإنذاره سليم عموماً.
  • الشكل الخلقي: يسبب إصابات خطيرة عند الجنين مما يعطيه أهمية كبرى.

شكل العامل الممرض

يوجد للمقوسات القندية ثلاثة أشكال هي:

  • الأتاريف Trophozoite: هلالية الشكل تقيس 5-10 × 1-3 ميكرون، لها نهاية مدورة كبيرة تقع فيها النواة، ونهاية أمامية أدق تحوي على جهاز مقعد التركيب لخرق الأنسجة، تشاهد الأتاريف داخل خلايا البالعات الكبيرة Macrophages عند الثوي وهي مقاومة للهضم الخلوي بآلية لم تعرف بعد، وتتكاثر ضمنها تكاثراً لاجنسياً بطريقتين مختلفتين: الأولى هي الانشطار الثنائي، والثانية بالبرعمة الداخلية Endodyogenie والتي لا تشاهد إلا في المقوسات، إذ تتطاول نواة الخلية المقوسة الأم وتنقسم إلى قسمين وتبقى السيتوبلاسما دون انشطار، بعد ذلك يتشكل غشاء سيتوبلاسمي جديد داخل الخلية الأم مشكلاً مقوستين فتيتين، يتمزق بعدها غشاء الخلية الأم محرراً الخليتين الجديدتين.
  • الأكياس Cysts: وهي كروية أو بيضوية الشلك تقيس من 30-300 ميكرون، وتحوي عدة مئات من الأتاريف الناتجة عن التكاثر اللاجنسي والتي تستعمر تدريجياً كامل خلية الثوي وتكون مضغوطة على بعضها البعض وتحاط بغشاء سميك ومقاوم، وتتحول إلى ما يسمى بالأبواغ البطيئة Bradizoite بسبب تكاثرها البطيء بوساطة البرعمة الداخلية وهي مسؤولة عن زيادة حجم الكيس مع الزمن.
  • الخلية البيضية Oocyste: بيضوية الشكل محاطة بغلاف سميك ومقاوم، تقيس 9-14 ميكرون، ناتجة عن التكاثر الجنسي الذي يتم في الخلاي تحت الظهراية لأمعاء القطط، تحوي الخلية البيضية بداخلها على أربع بوائغ تنقسم لتصبح ثماني مقوسات.

الوبائيات والعدوى

تشاهد المقوسات عند جميع الحيوانات ذوات الدم الحار، وتحدث العدوى بطريقتين إما بتناول لحماً نيئاً أو غير مطهو جيداً ومخموج بالأكياس أو نتيجة لتناول الإنسان والحيوانات آكلة العشب كالأبقار الخضار أو الفواكة الملوثة بالخلية البيضية. وتتم آلية العدوى الأولى بتمزق غلاف الكيس بالعصارة الهاضمة المعدية وتحرر الأبواغ البطيئة المقاومة للعصارة المعدية لمدة 3-6 ساعات، وتقاوم هذه الأكياس درجة حرارة 45مْ لمدة ساعة واحدة و 60 م لمدة 20دقيقة بينما تموت بالدرجة 66مْ وتبقى حية لمدة شهرين بالدرجة 4مْ وتتخرب بالتجمد – 20م خلال 18-24 ساعة. أما العدوى بالخلية البيضية المقاومة لحمض كلور الماء المعدي فيتم بتزق غلافها في الأمعاء وتحرير البوائغ الثمانية الموجودة ضمنها، تقاوم الخلية البيضية الناضجة لمدة أكثر من سنة في الوسط المائي ولأكثر من شهر في نسبة رطوبة 100% وأسبوع في نسبة رطوبة 50%. لا تقاوم الأتاريف حموضة المعدة حيث تتخرب بسرعة في حمض كلور الماء المعدي لذا لا يؤدي ابتلاعها إلى حدوث الإصابة.

دورة الحياة

وتقسم إلى دورتين لاجنسية وجنسية وذلك ضمن عدة أثوياء.

  • الدورة اللاجنسية: توجد المقوسات بشكل أكياس في نسج الحيوانات آكلة العشب التي تشكل الثوي الوسيط، ويصاب الإنسان نتيجة تناوله لحوم هذه الحيوانات المصابة، حيث تتحرر الأتاريف منها وتتكاثر بالانقسام اللاجنسي لتشكل أكياساً داخل خلايا الإنسان أو الحيوانات آكلة اللحوم، لا توجد في هذه الدورة ثوي نهائي، إذ يعد الإنسان ثوياً وسيطاً وتكون دورة الحياة مسدودة حين إصابته لأنه لا يمكن أن يؤكل من قبل الحيوان.
  • الدورة الجنسية: يصاب القط بتناوله لحم الحيوان المصاب، فتحرر الأتاريف من الأكياس وتدخل في الخلايا تحت الظهارية لأمعائه حيث تتكاثر بالانقسام اللاجنسي معطية خلايا أعراس مذكرة صغيرة ومتحركة بوساطة ثلاثة سياط وأعراس مؤنثة كبيرة غير متحركة، ينتج عن تزاوج هذين العرسين الخلية البيضية (التكاثر الجنسي) التي تطرح مع براز القط إلى الوسط الخارجي بعد 3 – 5 أيام من العدوى وتستمر لمدة 1 – 3 أسابيع، ويتم نضج الخلية البيضية في الوسط الخارجي خلال 3 – 5 أيام، إذا كانت نسبة الرطوبة والأكسجين كافية، مشكلة خلية بيضية ناضجة ومعدية تحوي على ثمانية مقوسات.

الفيزيولوجيا والآلية الإمراضية

تتطور المقوسات القندية في خلايا الجهاز الشبكي النسيجي، إذ يمكن أن تحرض على تشكل آفات في جميع الأنسجة الفقيرة بالأضداد وبخاصة الجهاز العصبي المركزي وشبكية العين والغدد اللمفية والعضلات. تتكاثر المقوسات القندية في الشكل المكتسب خلال وقت قصير جداً إذ إن المقوسات البنات الناتجة عن التكاثر اللاجنسي تمر بمرحلة حرة خارج الخلايا وذلك لفترة قصيرة تمتد بين انفجار خلية الثوي المصابة والدخول إلى خلية أخرى سليمة، ثم تتشكل بعد 7-10 من بداية الإصابة أضداد جوالة في الدم توقف انتشار وتكاثر المقوسات فتتدفع الأتروفات نحو الأنسجة لتشكل أكياساً ولذلك لا يبقى سوى الشكل الكيسي الحي الموجود داخل الخلايا. إن بقاء الأكياس حية يميز الإصابة البطيئة والمزمنة لهذا الداء، بسبب الانتاج المستمر للمستضدات التي تعبر غشاء هذه الأكياس وتحرض على تشكل مناعة دائمة وواقية مما يمنع حدوث إصابة تالية ويعد داء المقوسات المرض الطفيلي الوحيد الذي يشكل هذه المناعة، ويمكن لهذه الأكياس الكامنة في الأنسجة الفقيرة بالأضداد كالنسيج العصبي وشبكية العين أن تتمزق محررة الأبواغ البطيئة التي تكون السبب بإصابة ناكسة عند المريضة نفسه. تتشكل الآفة البدئية للمقوسات من ورم حبيبي متماثل في جميع الأنسجة ويتحول هذا الورم في بعض الحالات إلى بؤرة تنخرية تتكلس فيما بعد. أما الشكل الخلقي الناتج عن إصابة الجنين بالمقوسات القندية عن طريق المشيمة من أمه المصابة فهو نادر الحدوث وذلك لأنه: يجب أن تصاب الأم بالمقوسات لأول مرة بعد بدء الحمل، وهناك فترة قصيرة جداً (7-10) أيام يسمح خلالها بمرور المقوسات التي تكون حرة في دم الأم إلى الجنين قبل تحولها إلى أكياس يصعب مرورها عبر المشيمة، ولا ننسى أن الأم المصابة قبل الحمل تكون المقوسات عندها متكيسة. في الأشهر الأربعة الأولى من الحمل: تمنع المشيمة السليمة ذات الثقوب الدقيقة مرور المقوسات إلى الجنين لأن قطر الطفيلي أكبر من ثقوبها، وإذا حدث المرور بسبب ما فإن احتمال تشوه الجنين يكون كبيراً. أما في الأشهر الأربعة التالية من الحمل فيصبح الحاجز المشيمي أقل فاعلية ومساماته أكبر يسمح عندها بمرور المقوسات إلى الجنين، فتؤدي إلى إصابته بشكل خفيف أو تبدي أعراضاً سريرة متأخرة في الظهور أو لا تبدي أية أعراض حين الولادة، ويفسر ذلك بنقطتين: الأولى أن الجنين قد اكتمل تمييزه، والثانية أن الأضداد التي دخلت مع المقوسات من الأم إلى الجنين تحد بسرعة من انتشار الطفيلي في جسم الجنين فتقل نسبة حدوث التشوه.

الأعراض السريرية

  • الشكل المكتسب: هو الإصابة التي تحدثها المقوسات عند الإنسان إثر تناوله اللحوم المصابة بالأكياس أو الخضار الملوثة بالخلايا البيضية.

ويغلب على هذا النمط الأشكال غير الظاهرة أو تحت السريرة، والتي لا يمكن تشخيص المرض فيها بسؤال المريض أو فحصه الدقيق سريرياً. أما في الحالات التي تظهر فيها الأعراض السريرية فإن الشكل العقدي هو أكثرها مشاهدة ويصيب عادة الأطفال والشباب، يتظاهر بثلاثة أعراض رئيسية هي: حمى – ضخامة عقد لمفاوية – وهن، إذ ترتفع درجة الحرارة 38.5 لعدة أسابيع ثم تعود لحالة الطبيعية بشكل عفوي، وتتضخم العقد الرقبية الخلفية غالباً ضخامة متوسطة وألمها خفيف، كما يمكن أن تصاب العقد اللمفاوية الأخرى (إبطية – حالبية) وقد تصاب العقد العميقة (البطنية والمنصفية)، أما الوهن فيبقى لفترة طويلة بعد زوال ضخامة العقد اللمفاوية، يتطور هذا الشكل نحو الشفاء العفوي دون معالجة ودون أن يترك عقابيل. أما الأشكال المكتسبة الخطيرة فهي نادرة وتحدث العدوى بدخول المقوسات إلى الجسم مباشرة في أثناء العمل المخبري أو بلدغة قراد مصاب عند أسوياء المناعة أو تشاهد عند مثبطي وفاقدي المناعة كالإيدز الذين أصيبوا بالعدوى التقليدية، وتتظاهر هذه الأشكال على ثلاثة أنماط سريرية:

أولاً: الأشكال الطفحية مع إصابات سحائية أو قلبية أو رئوية وهي ذات تطور مميت أحياناً.

ثانياً: التهاب سحايا مقوسي وحيد يكون فيه السائل الدماغي الشوكي رائق، ويشفى تلقائياً في أغلب الحالات، ولكن يمكن أن يتطور لالتهاب دماغ أو أعراض عينية.

ثالثاً: الأشكال العينية: تشبه الآفات المشاهدة في قعر العين ما يحدث في التهاب الشبكية والمشيمية الخلقي، مع وجود إصابات في البيت الأمامي للعين.

  • الشكل الخلقي: هو إصابة الجنين من أمه التي أصيبت لأول مرة في أثناء الحمل، ويتظاهر بأربعة أشكال سريرية وهي:
  • الشكل الكبير: نادر الحدوث جداً وسببه انتقال المقوسات من الأم الحامل إلى الجنين في بداية الحمل وتلاحظ أعراضه السريرية منذ الساعات الأولى للولادة على شكل التهاب الدماغ السحائي النخاعي بالمقوسات، ويتظاهر بأربعة أعراض رئيسية:
  1. تغير شكل الجمجمة وحجمها: ضخامة واستسقاء الرأس، تقبب الجبهة وتوسع الدروز القحفية.
  2. علامات عصبية مختلفة: يسيطر فيها الاختلاجات المعممة واضطرابات المقوية العضلية (زيادة أو نقصان)، واضطراب في المنعكسات الوترية، وعسرة بلع وعدم انتظام التنفس، واضطراب التوازن الحراري.
  3. تكلسات في باطن القحف: وهي العلامة المميزة لداء المقوسات الخلقي الكبير، تشاهد على شكل عقد إما منعزلة أو مجتمعة بشكل كتل في أحد فصي المخ، وأحياناً بشكل مقوس مثل قشرة البيضة حول البطينيات.
  4. علامات عينية: كصغر العين والحول والرأرأة والساد والتهاب شبكية ومشيمية صباغي لطاخي يكشف بفحص قعر العين، وهو إما وحيد الجانب أو في الجانبين (وهي علامة مميزة جداً لداء المقوسات).

يتطور هذا الشكل الدماغي السحائي النخاعي نحو الموت عادة خلال الأسابيع الأولى من حياة الوليد، وإذا لم يحدث الموت تنتقل الحالة إلى الإزمان، ويصاب الطفل بتأخر التطور الروحي الحركي حيث يصعب تعليمه.

  • الأشكال الحشوية: وسببها حدوث العدوى داخل الرحم في الثلث الثاني من الحمل، وتتميز إما بحدوث يرقان ولادي مع ضخامة كبد وطحال ونزوف في الأغشية المخاطية، أو إصابة هضمية حادة كالتهاب المري، أو التهاب الكولون القرحي الترفي، وتتطور الأشكال الحشوية عادة نحو الموت.
  • الأشكال المتأخرة أو المعزولة: وهي حدوث العدوى داخل الرحم في الثلث الأخير من الحمل، ويمكن أن تشخص مباشرة بعد الولادة أو لا تكشف إلا بعد عدة سنوات من حياة الطفل وهي تشمل أحد الأعراض التالية: تأخر روحي وحركي، أو زيادة محيط الجمجمة بشكل أسرع من الطبيعي، أو نوبات تشنجية، أو التهاب شبكية مشيمية صباغي متأخر.
  • الأشكال غير الظاهرة أو تحت السريرية: وهي الأكثر حدوثاً في داء المقوسات الخلقي وتشكل 80% من حالاته، وتكشف بالاختبارات المصلية فقط، ويجب كشفها ومعالجتها مبكراً لتفادي تحولها إلى الأشكال المتأخرة.

يمكن لداء المقوسات الخلقي أن يسبب الإجهاض أو الخداج.

التشخيص الحيوي

التشخيص الموجه

ويعتمد على ملاحظة العلامات السريرية كالحمى وضخامة العقد اللمفاوية والوهن في الداء المكتسب، والتهاب الشبكية والمشيمية والتكلسات في باطن القحف في الداء الخلقي، يجري التشخيص في أغلب الحالات لكشف مناعة مكتسبة عند امرأة شابة لتجنب حدوث أخطار داء المقوسات الخلقي، وفي هذه الحالات يجرى طلب البحث عن الأضداد بشكل روتيني عند كل شابة قبل الزواج.

التشخيص المؤكد

التحري عن الطفيلي بالفحص المباشر: ويتم بكشف الطفيلي إما في خزعة التشريح المرضي أو عله بحقن العينة المرضية في حيوانات التجربة كالفأر الأبيض، وتعد هاتان الطريقتان من أكثر الطرق المؤكدة للتشخيص لكن يندر استعمالها الروتيني لصعوبة التطبيق. التحري عن الأضداد بالفحص غير المباشر: ويبحث فيه عن الأضداد في مصل المريض بعدد من الاختبارات المصلية، نذكر منها ما يلي:

  • اختبار سابين – فيلدمان Sabin-Feldman أو اختبار الصباغ dye-test أو اختبار الانحلال: ويقوم مبدأه على الانحلال النوعي للمقوسات الحية بوجود مصل منيع (حاوْ على الأضداد النوعية) حيث تتغير هيولى المقوسات وتصبح غير قابلة للتلون بزرقة المتيلين، وتقاس نتيجة عيار الأضداد النوعية بالوحدة الدولية في الميلي لتر، ويصبح هذا الاختبار إيجابياً بدءاً من اليوم 4 – 20 بعد الإصابة.

اختبار التألق المناعي غير المباشر: يكشف الأضداد IgM النوعية في أشهر الحمل الأولى التي تدل على إصابة حديثة، يقاس عيار الأضداد فيه بالوحدة الدولية في الميلي لتر أيضاً، ويبدأ ظهروها في المصل بعد 7 – 10 أيام من الإصابة.

  • اختبار التراص الدموي غير المباشر: يعد هذا الاختبار إيجابياً ابتدءا من عيار الأضداد 64:1، ولكي نفرق الإصابة الحديثة الفعالة عن الإصابة القديمة (وجود مناعة) يمكن أن نجري الاختبار قبل وبعد إضافة مادة 2 – مر كابتوايتانول التي تخرب الأضداد IgM وفي الإصابة المؤكدة يجب أن يكون الفرق بين العيارين بتضاعفهما مرتين على الأقل، وهناك اختبارات أخرى يمكن استخدامها في كشف الأضداد كالاختبار المناعي الأنزيمي ELISA واختبار التراص المباشر واختبار اللاتكس الذي يعد طريقة سريعة تسمح بكشف الإصابة خلال دقائق ولكن يجب معايرة المصل بالطرق السابقة لمعرفة عيار وتركيز الأضداد.

تطور الأضداد في داء المقوسات المكتسب أو الخلقي وتفسير نتائجها: تتطور أضداد IgG في الداء المكتسب على الشكل التالي: يبدأ ظهورها ما بين اليومين السابع والعاشر من الإصابة وهي الفترة التي يكون فيها الطفيلي حراً خارج الخلايا، ثم يزداد تركيزها بسرعة لتصل من 3 – 400 وحدة دولية/ مل بعد شهر من الإصابة، وترتفع في الشهر الثالث لتصل إلى قمتها من 600 – 3200 وحدة دولية/ مل، تبدأ الأضداد بعد الشهر الثالث بالانخفاض سريعاً لتصل إلى 1000 وحدة دولية / مل، وتستمر إيجابية التفاعل بهذه القيمة حتى نهاية السنة الأولى من الإصابة، بعد السنة الأولى تبقى أضداد IgG إيجابية مدى الحياة بقيمة تتراوح بين 4 – 5 وحدات دولية / مل، وهذا ما يفسر وجود المناعة الأبدية ضد المقوسات. تتطور أضداد IgM في الداء المكتسب على الشكل التالي. تبدأ بالظهور في بداية الإصابة، وتبلغ ذروتها بعد شهر ونصف وتبقى إيجابية خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من الإصابة. يصعب تفسير نتائج الاختبارات المصلية عند الوليد المشتبه إصابته بداء المقوسات الخلقي: فإذا كانت سلبية فهي مؤكدة لعدم حدوث الإصابة، أما إذا كانت إيجابية فيجب أن نميز بين الأضداد القادمة من الأم إلى الجنين والأضداد التي حررها الجنين بنفسه حيث أن الأضداد التي عبرت المشيمة إلى الجنين تتناقص إلى النصف بعد شهر من الولادة وتختفي عامة بعد 4 – 5 أشهر منها، ولهذا يمكننا نظرياً الانتظار حتى الشهر الرابع أو الخامس بعد الولادة حيث تختفي الأضداد القادمة من الأم وتبقى الأضداد التي حررها الوليد بنفسه، لكن هذه الفترة تؤخر معالجة الطفل إذا كان مصاباً فعلاً، لذلك يجب من الناحية العملية أن نعاير الأضداد النوعية IgM التي يدل وجودها على إصابته بداء المقوسات الخلقي لأن هذه الأضداد لا تمر عبر المشيمة من الأم إلى الجنين، ويمكن في الإصابات العينية البحث عن هذه الأضداد النوعية في السائل الدماغي الشوكي وفي الخلط المائي للعين، لكنها طريقة صعبة التطبيق وتفسير نتائجها غير دقيق.

المعالجة

في الشكل المكتسب العادي: يعطى السبيراميسين Spiramycin حين وجود الوهن وضخامة العقد اللمفاوية وذلك بمقدار 50ملغ/كغ من الوزن يومياً لمدة شهر ويمكن إشراكه مع حمض الأسكوربيك Acid ascorbic، ويندر إعطاء مشتقات الكورتيزون عند استمرار ضخامة العقد اللمفاوية. في الشكل المكتسب الخطير وفي الشكل الخلقي الكبير: يعطى السبيراميسين بمقدار 50 – 100 ملغ/كغ من الوزن يومياً لمدة شهر، ويشرك بإعطاء مشتقات السلفا (Pyrimetamine + Sulfadoxine) وحمض الفولينيك acid folininc. في الشكل العيني الناكس: يعالج لمدة شهر كما في الشكل السابق، إنما يضاف للمعالجة مشتقات الكورتيزون بالطريق العام، يجرى تعداد دم عام مرتين شهرياً لمراقبة التأثيرات الجانبية للعلاج، وتتابع المعالجة بملاحظة العلامات السريرية وتطور عيار الأضداد المصلية بخاصة عند الولدان والأطفال الصغار.

الوقاية

  • قبل الحمل: يجرى تحري أضداد المقوسات عند المرأة قبل الحمل، فإذا كان عيار الأضداد عندها أكثر من 8 وحدات باختبار التألق المناعي غير المباشر أو أكثر من 64/1 باختبار التراص الدموي غير المباشر دل ذلك على وجود مناعة مكتسبة دائمة لديها، ولا حاجة لإعادة الاختبارات المصلية في المستقبل، أما إذا كانت التفاعلات المصلية سلبية فيجب إعادة الاختبار المصلي للمرأة كل عام وفي بداية كل حمل.
  • خلال الحمل: يمكن أن نصادف ثلاثة أنماط من النتائج وهي:

إذا كانت الاختبارات المصلية سلبية الأضداد، تنصح الحامل بعدم تناول اللحم النيئ أو غير المطبوخ جيداً، وغسل الخضار النيئة بشكل جيد، وبانفصالها عن القطة إذا كان لديها قطة، إلا إذا غذتها بلحوم المعلبات لأنها معقمة، وللتأكد من هذه الاحتياطات يجب مراقبة المصل بإجراء الاختبارات المصلية كل شهر حتى الولادة. أما إذا كانت الأضداد إيجابية بشدة أي أكثر من 800 وحدة دولية باختبار التألق المناعي غير المباشر أو وجدت الأضداد IgM النوعية دلَّ هذا على إصابة الحامل، ولا داعي لإجهاضها، إنما تعالج بإعطائها السبيراميسين بمقدار 3 غ يومياً حتى الولادة، ونشدد على القول بأن إصابة الأم بالمقوسات لا يكون سبباً طبياً لإنهاء الحمل. إذا كانت الاختبارات المصلية إيجابية بشكل ضعيف يعاد إجراؤها بعد 2-3 أسابيع لمعرفة فيما إذا كانت الإصابة قديمة والمرأة ممنعة، أو أن الإصابة حديثة وفعالة.

  • عند الولادة:

يعطى الوليد السليم سريرياً من أم مصابة مداوة كيميائية السبيراميسين لمدة شهرين، ويعطى حديثي الولادة إذا ثبت إصابتهم بالفحص السريري والاختبارات المصلية والصور الشعاعية معالجة وقائية لمدة عام: بالسبيراميسين، ومشتقات السلفا مشاركة مع حمض الفولينيك، تسمح الوقاية العلاجية الكيميائية بتجنب ثلثي الحالات التي يتأخر فيها ظهور الأعراض السريرية ويجب أن تجرى مراقبة مصلية، وفحص لقعر العين وتخطيط دماغ كهربائي حتى السنة العاشرة من العمر.