التقانة الحيوية البيضاء

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. زيد الهبري
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

التقانة الحيوية البيضاء

تشير التقانة الحيوية البيضاء إلى تطبيق التقانة الحيوية في العمليات الصناعية، وتتضمّن استعمال الإنزيمات والكائنات الحية لمُعالجة وإنتاج المواد الكيميائية والمواد الصناعية والطاقة.[1]

http://www.biology-online.org/kb/biology_articles/biotechnology/white_biotechnology.html

تطبيقات مُختلفة

كان من أولى الأهداف في أجندة التقانة الحيوية البيضاء إنتاج البلاستيك بيولوجي التدرّك biodegradable، وعلى مدى 20 سنة مضت، ركّزت الجهود بالدرجة الأولى على عديدات الاستر لحموض 3- هيدروكسي 3-hydroxyacids (PHAs)، والتي تُصنّع طبيعيًا في مجموعة واسعة من البكتيريا كمخزون للطاقة ومصدر للكربون، وتمتلك هذه المركبات خواصًا شبيهة للدائن الحرارية thermoplastics والمطاط الصناعي elastomer من البروبيلين إلى المطاط، لكّنها تتدرّك كليًا وسريعًا بواسطة البكتيريا في التربة أو الماء. من أكثر مركّبات PHA وفرة البولي(3-هيدروكسي-بوتيرات) (PHB)، والذي تصنّعه البكتيريا من الأسيتيل تميم أ (acetyl-CoA). بإمكان البكتيريا Ralstonia eutropha بنموّها اعتمادًا على الغلوكوز أن تكدّس ما يصل حتى 85% من وزنها الجاف على شكل PHB، مما يجعل هذه المتعضية الدقيقة مصنعًا مُصغّرًا للبلاستيك الحيوي.

من أهم ما يمنع تسويق هذه المواد البلاستيكية البكتيرية تكلفتها الكبيرة دائمًا، لأنّ تصنيعها أغلى ثمنًا بـ5 – 10 مرات من البوليمرات البترولية. لذلك بذلت جهود حثيثة لخفض كلفة الإنتاج عبر تطوير سلالات بكتيرية أفضل، لكن ظهر حديثًا بديل أفضل من الناحية الاقتصادية وصديق للبيئة، وهو تعديل النباتات لتصنّع الـPHAs. كان بالإمكان إنتاج كمية صغيرة من الـPHB أولًا في نبات Arabidopsis thaliana بعد تقديم جينات بكتيريا R. eutropha المُرمّزة لإنزيمين أساسيين لتحويل الأسيتيل تميم أ إلى PHB، واستطاعت شركة مونسانتو (سانت لويز، ميزوري، الولايات المتحدة) بعدها تحسين العملية عام 1999، ورغم الإمكانات العظيمة لهذه الموجة الجديدة من البوليمرات، لكنّ الوقت الذي ستزدهر فيه ليس معروفًا بعد، فبعد أن تحمّست شركتي مونسانتو وأسترازينكا (لندن، المملكة المتحدة) إلا أنهما أوقفا تلك المشاريع بسبب قضايا التكلفة.

صادفت الخطط لصناعة ملابس من سكر الذرة لطريق مسدود كذلك. عملت شركة دوبونت (ويلمنغاون، ديلوير، الولايات المتحدة)، التي اخترعت النايلون، لسنين طويلة على تطوير بوليمر يستند على مركب 1،3-بروبانديول 1,3-propanediol (PDO)، ذو مستويات جديدة من الأداء والمرونة والنعومة، وبإضافة جانب المسؤولية البيئية في الإنتاج، استطاع مصنع البلمرة لشركة دوبونت في مدينة ديكاتور، إلينوي (الولايات المتحدة الأمريكية) تصنيع الـDPO بنجاح من سكّر الذرة، أي كمصدر مُتجدّد، ورغم تمتّع هذا البوليمر المعتمد على الذرة، سُمّي Sorona®، بخواص مُحسّنة وهو صديق للبيئة، إلا أنّ نجاحه كان منوطًا بالأسواق. أوقفت الشركة المشروع لأنّ حاجات السوق والعملية الاقتصادية لا تساعد في هذا الانتقال نحو منتجات حيوية.

طوّرت شركة كارغيل دو (مينيتوكا، مينيسوتا، الولايات المتحدة) بوليمر حيوي آخر فريد من نوعه سمّي NatureWorks™، والذي يُمكن استعماله لصناعة أشياء مثل الملابس والتغليف ومفروشات المكاتب. هذا البوليمر مشتق من حمض اللاكتيك، ويُحصل عليه من تخمير سكر الذرة، وقد طرح بالفعل في الأسواق بفاعلية كحاوية للأطعمة العضوية.

تهتم التقانة الحيوية أيضًا بإنتاج الطاقة من مصادر متجدّدة. يُستعمل حاليًا النشاء من الذرة، والبطاطس وقصب السكر والقمح لإنتاج الإيثانول كبديل للغازولين – سيارة هنري فورد الأولى كانت تعمل على الإيثانول. بعض وقود المحركات المُباع في البرازيل عبارة عن كحول نقي مُشتق من سكر القصب، والباقي يحوي على 20% إيثانول، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 10% من جميع وقود المحركات المُباع عبارة عن مزيد من 90% بترول و10% إيثانول. يُستفاد من التقانة الحيوية البيضاء أيضًا في الطب والزراعة، فمثلا يُستعمل فيتامين B2 (الريبوفلافين) بصورة واسعة في علف الحيوانات والغذاء الإنسان ومُستحضرات التجميل وصنّع تقليديًا بعملية كيميائية من ست خطوات. يُصنّع في شركة BASF (لودفيغسهافن، ألمانيا) أكثر من 1000 طن من فيتامين B2 سنويًا بعملية تخمير واحدة. استطاعت هذه الشركة باستعمال الفطر Ashbya gossypii كعامل حفاز حيوي تحقيق خفض كلي في التكلفة والأثر البيئي بنسبة 40%. لكنّ فيتامين B2 مُجرّد قصة نجاح وحيدة، فالفيتامينات الأخرى والأدوية لا يزال من الأرخص أن تصنّع بالكيمياء العضوية التقليدية عوضًا عن التقانة الحيوية البيضاء المُبتكرة.[2]

المصادر

http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1326365/