إقفار الأمعاء

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

إقفار الأمعاء يحتاج الجهاز الهضمي مثل باقي الأعضاء إلى إمداد مستمر بالدم الغني بالأكسجين للعمل بشكل ملائم. يسمّى تضاءل جريان الدم إلى الأمعاء الدقيقة أو إلى القولون بإقفار الأمعاء.

يمكن أن يسبب إقفار الأمعاء ألم و يصّعب قيام الأمعاء بمهامها، ففي الحالات الحادة يمكن أن يؤدي فقدان جريان الدم إلى الأمعاء إلى ضرر أو موت النسيج المعوي كالذي يحدث للقلب خلال الأزمة القلبية و يمكن أن يكون الإقفار المعوي مميتاً كالأزمة القلبية.

إلا أن هذه الإصابة يمكن علاجها بشكل فعال حيث أن العامل الأساسي في العلاج الفعال لإقفار الأمعاء هو الكشف المبكر عن الأعراض و الحصول على المساعدة الطبية بشكل مباشر.

الأعراض

قد يتطوّر إقفار الأمعاء فجأة – إقفار أمعاء حاد – و غالباً ما يكون نتيجةً لخثرة دموية تقوم بإيقاف جريان الدم من أو إلى الأمعاء، كما قد تتطوّر الإصابة بشكل تدريجي مع الوقت (إقفار أمعاء مزمن) نتيجة لعدة أسباب.

تتضمن أعراض إقفار الأمعاء الحاد نموذجياً ما يلي:

  • ألم مفاجئ في البطن يتراوح بين الخفيف إلى الحاد
  • حاجة ملحّة للتغوّط
  • تغوّط متكرر أو شديد
  • مضض أو تمدد في البطن
  • وجود دم في البراز
  • غثيان و إقياء
  • حمى.

تتضمن أعراض إقفار الأمعاء المزمن الذي يحدث فيه انخفاض للجريان الدموي إلى الأمعاء مع الوقت ما يلي:

  • مغص أو امتلاء في البطن يبدأ بعد ثلاثين دقيقة من الأكل و يستمر من ساعة إلى 3 ساعات.
  • ألم في البطن يسوء خلال أسابيع أو أشهر
  • خوف من الأكل لتجنب الألم اللاحق
  • فقدان وزن غير متعمّد
  • إسهال
  • غثيان و إقياء
  • انتفاخ

قد يتطوّر إقفار الأمعاء المزمن إلى نوبة حادة و إذا حصل ذلك فقد يعاني المريض من ألم حاد في البطن بعد أسابيع أو أشهر من هجمات الألم المتقطّع بعد الأكل.

تأجيل علاج إقفار الأمعاء قد يُصّعب العلاج، لذا يجب الحصول على عناية فورية حال شعور المريض بألم بطني مفاجئ و مستمر. إضافة إلى ذلك يجب رؤية الطبيب بأسرع ما يمكن في حال شعر المريض بأي من الأعراض التالية:

  • وجود دم في البراز
  • ألم مزمن في البطن بعد الأكل خصوصاً في حال ترافق الحالة مع فقدان الوزن.


الأسباب

الأبهر هو شريان كبير يمّد أوعية الجسم بالدم الغني بالأكسجين الذي يضخه القلب. إنَّ جزء الأبهر الممتد تحت الحِجاب الحاجز داخل البطن هو الأبهر البطني. تتفرّع ثلاث شرايين من الأبهر البطني و تمّد تقريباً معظم الدم للجهازالهضمي. هذه الشرايين هي:

  • الشريان الزلاقي
  • الشريانِ المَساريقِي العلوِي
  • الشريان المَساريقِي السفلِي

قد يحدث إقفار الأمعاء عند تغير جريان الدم عبر هذه الشرايين أو الأوردة المجاورة لها سواء كان التغير حاداً أو مزمناً. قد يتأثر أي شريان أو جميع الشرايين التي تغذي الجهاز الهضمي بتراكم جزيئات الكوليسترول و النسيج الندبي و الكالسيوم و الحطام الخلوي (تصلّب عصيدي) حيث يمكن أن تضيق هذه الشرايين و تحدد كمية الدم المنتقلة عبرها و هذا حال باقي الشرايين في الجسم.

يمكن أن يقلل تشكل التصلب العصيدي من جريان الدم إلى الأمعاء الدقيقة أو إلى المعي الغليظ أو كليهما بشكل تدريجي، حيث ينتج إقفار الأمعاء المزمن غالباً عن تراكم التصلب العصيدي. غالباً ما يكون سبب إقفار الأمعاء الحاد هو جلطة دموية تتشكل في القلب و تنتقل بعدها إلى أحد الشرايين المعوية. قد تتطوّر في أحيان أخرى الجلطة الدموية في الوريد الخارج من الأمعاء و تقلل تدفق الدم غير المؤكسج. يحدث إقفار الأمعاء أحياناً نتيجة حصار جزء من الأمعاء بسبب فتق (فتق مختنق) أو بسبب التصاقات من جراحة بطنيّة سابقة، و أحياناً أخرى يحدث إقفار الأمعاء بسبب قصور القلب أو انخفاض ضغط الدم.

مهما كان السبب، فإن تضاؤل جريان الدم داخل السبيل الهضمي يترك الخلايا بدون أكسجين كافي، و في ظل هذه الظروف تضعف الخلايا و تموت.

يتطوّر الالتهاب و القرحات مع ازدياد تضرر الخلايا و يؤدي ذلك إلى ضعف امتصاص الطعام و المواد الغذائية و ينتج عن ذلك إسهال دموي. إذا كان الضرر حاد بشكل كافي قد ينتج إنتان و تموّت (غنغرينا)، و بالتالي يمكن أن يكون إقفار الأمعاء مميتاً في حال عدم علاجه.

يُقسّم إقفار الأمعاء إلى عدة فئات و هي:

  1. إقفار القولون (التهاب القولون الإقفاري): هو النوع الأكثر شيوعاً من إقفار الأمعاء و يتمثل بعرقلة جريان الدم إلى القولون.

يحدث غالباً عند الكبار على الرغم من أنه قد يصيب الشباب أيضاً. تكون أعراض إقفار القولون أخف عموماً من أنواع إقفار الأمعاء الأخرى و المضاعفات الحادة غير شائعة. عند معظم المرضى يظهر إقفار القولون على شكل بداية مفاجئة لألم معصي خفيف على جانب البطن الأيسر. لم يُعرف سبب واضح بعد لانخفاض جريان الدم إلى القولون و لكن هناك العديد من الحالات التي يمكن أن تجعل الشخص عرضة للإصابة بإقفار القولون و هي:

  • التَصلب العصيدي
  • انخفاض ضغط الدم بشكل خطير (انخفاض التوتر الشرياني) المرتبط بقصور القلب الاحتقاني أو عمل جراحي كبير أو رض أو صدمة أو التهاب مهدد للحياة في مجرى الدم (تجرثم الدم)
  • وجود خثرة دموية في شريان يغذي القولون
  • انسداد الأمعاء بسبب فتق مختنق أو نسيج ندبي أو ورم
  • عمليات القلب أو الأوعية الدموية أو المعوية أو النسائية.
  • اضطرابات طبية أخرى تؤثر على الدم كالتهاب الأوعية الدموية أو الذئبة أو فقر الدم المنجلي.
  • بعض الأدوية و خصوصاً تلك التي تُضيّق الأوعية الدموية كبعض أدوية القلب أو الشقيقة أو الهرمونات.
  • تعاطي الكوكايين أو الأمفيتامين
  • التمارين المجهدة كالركض لمسافات طويلة.
  1. الإقفار المساريقي الحاد: يؤثر هذا النوع من إقفار الأمعاء على الأمعاء الدقيقة حيث تكون بدايته غير متوقعة و قد يكون بسبب:


  • خثرة دموية تنتقل من القلب عبر المجرى الدموي (صِمّات) تسد شرياناً ما و الذي غالباً ما يكون الشريان المساريقي العلوي الذي يغذي الأمعاء، و هذا هو السبب الأكثر شيوعاً لإقفار الشريان المساريقي الحاد و يمكن أن يسّرعه قصور القلب الاحتقاني أو عدم انتظام نبضات القلب (اضطراب النظم) أو أزمة قلبية.
  • خثرة دموية تتطوّر داخل أحد الشرايين المعوية الرئيسية (خُثار) لتسد جريان الدم كنتيجة للتصلّب العصيدي غالباً، و هذا النوع من نوبات الإقفار الحاد تميل للظهور عند المصابين بإقفار معوي مزمن.
  • اعتلال جريان الدم الناجم عن انخفاض الضغط بسبب صدمة أو قصور قلب: الذي يشيع لدى المرضى ذوو الحالات الشديدة و المصابين بدرجة من التصلّب العصيدي. قد يطلق على هذا النوع من إقفار الأمعاء الحاد اسم الإقفار غير الانسدادي مما يعني أنه ليس بسبب انسداد وعائي.
  • تسلّخ الأبهر: هو تمّزق جزئي في الشريان الرئيسي من القلب (الأبهر) يسبب انفصال طبقات الجدار الأبهري و نزيف داخل جدار الأبهر و على طوله مما يحد من جريان الدم إلى الأمعاء.
  • الإقفار المساريقي المزمن: يُعرف أيضاً بالذبحة المعوية و ينتج عن التصلّب العصيدي. تتطوّر الإصابة عموماً بشكل تدريجي و بطيء جداً بحيث يمكن أن يتضيق اثنان على الأقل من الشرايين الثلاث الرئيسية التي تغذي الأمعاء أو تنسدّ بشكل كامل قبل الشعور بأعراض. إن أحد المضاعفات الخطيرة المحتملة للإقفار المساريقي المزمن تتضمن تشكل خثرة دموية ضمن الشريان المصاب، مما يؤدي إلى حدوث الإقفار المساريقي الحاد.
  • إقفار بسبب خُثار وريدي مساريقي: قد تتطوّر خثرة دموية ضمن الوريد الذي يصرف الدم غير المؤكسج خارج الأمعاء أحياناً، حيث يتسبب انسداد الوريد باحتقان معوي و توّرم و نزيف.

قد تنتج الخثرة الدموية في الوريد المساريقي عما يلي:

  • التهاب حاد أو مزمن في البنكرياس
  • إنتان في البطن
  • تنّدب الكبد (تشمّع)
  • سرطانات الجهاز الهضمي
  • أمراض الأمعاء مثل التهاب القولون التقرّحي أو داء كرون أو الْتِهابُ الرتوج
  • الاضطرابات التي تجعل الدم أكثر عرضة للتجلّط (اضطرابات فرط الأهبة الخثارية) مثل عوز البروتين الوراثي
  • رضوض البطن
  • العلاج الهرموني الذي يمكن أن يسبب حدوث خثرات دموية.


المضاعفات

ينقطع أحيانا جريان الدم إلى السبيل الهضمي كلياً و بشكل مفاجئ بسبب انتقال خثرة دموية إلى المنطقة و غالباً ما تكون من القلب. ينطبق الشيء ذاته في حال تطوّرت الخثرة ضمن أحد الشرايين الثلاث التي تغذي السبيل الهضمي حيث يوجد مسبقاً بعض لويحات التصلب العصيدي، من الممكن أيضاً أن تنتقل الجلطات الدموية أو لويحات التصلب العصيدي من شريان أكبر أو من الأبهر بالقثطرة أثناء إجراء تشخيصي، مما يمكن أن يسبب انسداد شرايين أصغر على طول مسارها، علماً أن هذه الحالة تعتبر من الحالات الطبية الإسعافية.

قد يؤدي توقف جريان الدم إلى الأمعاء إلى موت النسيج المعوي (احتشاء أو نخر). إذا حدثت هذه الحالة المهددة للحياة سيحتاج المريض للخضوع إلى عمل جراحي بهدف إزالة الانسداد و إزالة القسم الميت من الأمعاء، كما قد يلجأ الطبيب لإجراء تداخل جراحي ثاني (عمل جراحي لإلقاء نظرة ثانية) بهدف التأكد من أن نسيج الأمعاء المتبقي سليم للحد من النسيج المعوي المستأصل. بعد إزالة النسيج المعوي المتضرر يقوم الجراح بربط النهايات السليمة مع بعضها، و في حال لم يكن ذلك ممكناً فإن الجراح سيحتاج لإجراء ما يسمّى "فَغر" حيث يقوم الجراح في هذا العمل الجراحي بإجراء فتحة في البطن لسحب قسم من الأمعاء إلى السطح، يقوم بعدها بتثبيت حقيبة بهذه الفتحة ليتم ضمنها طرح الفضلات.

يمكن أن يؤدي توقف جريان الدم إلى القولون إلى تنّدب و تضيّق القولون مما يتطلب عندها علاجاً جراحياً.

العلاج

يتضمن علاج إقفار الأمعاء استعادة التروية الدموية الكافية إلى السبيل الهضمي. تتنوع الخيارات اعتماداً على سبب الإصابة و حدتها:

  • إقفار القولون: تُستعمل غالباً الصادات الحيوية لعلاج الإنتانات أو الوقاية منها، كما يقوم الطبيب بعلاج أي حالة طبية كامنة مثل قصور القلب الاحتقاني أو عدم انتظام نبضات القلب. كما أن على المريض إيقاف جميع الأدوية التي تضيّق الأوعية الدموية كأدوية الشقيقة و الهرمونات و بعض أدوية القلب.

في حال تأذي القولون فقد يحتاج المريض للخضوع إلى عمل جراحي لإزالة النسيج الميّت كما قد يحتاج لجراحة لإجراء طريق جانبي لتجاوز منطقة الانسداد في أحد الشرايين المعوية. يشبه هذا الإجراء ما يتم القيام به في عمليات المجازات الإكليلية لعلاج حالات انسداد الشرايين حيث يتم تحويل الجريان الدموي حول منطقة الانسداد. قد يقوم الطبيب بإخضاع المريض لتنظير كامل للقولون بعد تحسّن الأعراض للاطمئنان على حالة القولون و ذلك لأن سرطان القولون هو أحد أسباب إقفار القولون.

  • إقفار الشريان المساريقي الحاد: تكون الجراحة غالباً ضرورية لإزالة الخثرة الدموية و لتجاوز انسداد الشريان أو لإصلاح أو إزالة القسم المتضرر من الأمعاء، كما قد يتضمن العلاج أيضاً أدوية لمنع تشكّل الخثرات أو لحل الخثرات أو لتوسيع الأوعية الدموية.

في حال إجراء تصوير الأوعية لتشخيص المشكلة فقد يكون أخصائي الأشعة قادراً بشكل آني على إزالة الخثرة الدموية أو فتح الشريان المتضيق من خلال رأب الوعاء. يتضمن تصوير الأوعية استعمال بالون منفوخ في نهاية قثطرة للضغط على ترسبّات الدهون و شد الشريان و فتح الطريق أمام الجريان الدموي، و قد يتم وضع حلزون معدني يشبه النابض في الشريان (شبكة) للمساعدة على الحفاظ على الشريان مفتوحاً.

  • إقفار الشريان المساريقي المزمن: يتضمّن العلاج استعادة الجريان الدموي إلى الأمعاء. يمكن أن يقوم الجرّاح بإجراء طريق جانبي للشرايين المسدودة أو يعمل على توسيع الشرايين المتضيّقة بعلاج رأب الوعاء أو التدعيم.
  • الإقفار بسبب خُثار وريدي مساريقي: إذا لم تبدي الأمعاء أي أعراض على حصول أذية فمن المحتمل أن يحتاج المريض لتناول دواء مضاد للتخثّر لمدة 3 إلى 6 اشهر مما يساعد على منع تشكّل الخثرات.

في حال ظهور علامات الأذية على بعض الأجزاء المعوية فيمكن اللجوء إلى الجراحة لإزالة القسم المتضرر. قد يحتاج المريض بعد الجراحة لتناول مضادات التخثّر لفترة قصيرة.

الإنذار

غير متوفر

المصدر

http://www.epharmapedia.com/