وسواس قهري

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الوسواس القهري Obsessive – Compulsive Disorder

د. مجدولين البدوي
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

نظرة عامة

يتميز الوسواس القهري بنمط من الأفكار غير المفسرة، والمخاوف التي تقود المريض إلى القيام بالأفعال مراراً وتكراراً. تتداخل هذه الوساوس والهواجس مع النشاطات اليومية، وتتسبب بألم كبير. قد يحاول المريض تجاهل أو إيقاف الوساوس لكن ذلك يزيد فقط من الألم والعصبية. ما يدفع المريض إلى مسايرة وساوسه لتخفيف توتره. على الرغم من محاولات تجاهله أو التخلص من إزعاج التفكير المستمر، لكن بدون فائدة. يؤدي ذلك إلى التصرفات الطقسية نفسها؛ حلقة الوسواس القهري الخبيثة.

يتركز الوسواس القهري حول مواضيع معينة؛ كالخوف من التلوث بالجراثيم، ولكي تريح مخاوفك ضد التلوث، فإنك ستغسل يديك مراراً وتكراراً حتى تتورم أو تتشقق.

قد يعاني المريض من الحرج بسبب حالته، لكن يمكن للعلاج أن يكون فعالاً.

الأعراض

يتضمن الوسواس القهري كلاً من الوسوسة والقهر. لكن من الممكن أن يظهر على المريض أعراض الوسوسة فقط أو أعراض القهر فقط. قد يدرك المريض أو قد لا يدرك أن وساوسه وقهراته مفرطة أو غير مبرَّرَة، إلا أنها تستغرق الكثير من الوقت وتتداخل مع العمل اليومي والنشاط الاجتماعي أو العمل.

أعراض الوسوسة

تتضمن أعراض الوسوسة أفكاراً وتصورات مكررة ومستمرة وغير مرغوبة، وتكون عادةً فضولية وتسبب الألم والعصبية. يحاول المريض أن يتجاهلها أو يتخلص منها عبر التزامه بسلوك أو طقس معين. تكون هذه الوساوس مزعجة حينما يفكر المريض أو يحاول القيام بشيء آخر.

تتضمن الوسوسة عدة أنماط، نذكر منها:

  1. الخوف من التلوث أو الأوساخ.
  2. الحاجة إلى فعل الأشياء بطريقة منظمة ومتماثلة.
  3. وجود أفكار مخيفة أو عداونية حول إيذاء النفس أو الآخرين.
  4. وجود أفكار غير مرغوبة، كوجود أفكار عدوانية، أو جنسية أو دينية متطرفة.

تتضمن أعراض الوسوسة:

  • الخوف من التلوث بلمس الأشياء التي لمسها الآخرون.
  • وجود شكوك إذا ما كان الشخص قد أقفل الباب أو أغلق الفرن.
  • وجود تصورات حول إيذاء النفس أو شخص آخر غير مرغوب به أو لا يرتاح المريض له.
  • أفكار عن الصراخ بكلمات بذيئة أو التصرف بتصرفات غير مرغوبة وقد تجعل المريض غير مرتاحاً.
  • تجنُّب المواقف التي تحث الوسوسة، كارتجاف الأيدي.
  • عدم الارتياح تجاه تصورات جنسية منحرفة تتبادر للذهن.

أعراض القهر

يتمثل القهر في الوسواس القهري بسلوكيات متكررة تُشعر المريض وكأنه مجبر على القيام بها. تمنع هذه السلوكيات أو التصرفات العقلية أو تخفف من حدة التوتر المتعلقة بالوساوس أو تمنع من حدوث أمر سيء. إلا أن الاشتباك في القهر لا يعطي أي رضا و يخفف التوتر لفترة مؤقتة.

قد يحاول المريض عمل طقوس معينة تخفف من حدة التوتر حينما تخطر له أفكار قهرية، يكون القهر مفطاً عادة ولا يمت لحل المشكلة الماثلة.

تتضمن أنماط القهر:

  1. الغسل والتنظيف
  2. التحقق
  3. العد
  4. الترتيب
  5. اتباع نظام قاسي
  6. طلب تاكيد

أمثلة على أعراض القهر:

  • غسل اليدين مراراً حتى تتشقق البشرة
  • التأكد من قفل الأبواب عدة مرات
  • التأكد من إغلاق الفرن عدة مرات
  • إعادة العد بطرق مختلفة
  • إعادة الصلاة أو كلمة أو جملة عدة مرات
  • ترتيب البضائع المعلبة لتكون جميعها مرتبة بنفس الشكل

المسببات

لم يعرف السبب الرئيس المسبب للوسواس القهري، إلا أن النظريات الحالية تقترح الأسباب التالية:

  • بيولوجية الجسم: قد ينتج الوسواس القهري عن تغيرات الجسم الطبيعية التي تسبب تغيراً في كيميائية أو وظائف الدماغ.
  • الجينات: قد يكون مسبب الوسواس القهري جيناً معيناً بحد ذاته، إلا أنه لم يتم تحديد هذا الجين حتى الآن.
  • البيئة: تقترح بعض الدراسات كون بعض العوامل البيئية كالعدوى مسؤولة عن التسبب بالوسواس القهري، إلا أن الدراسات حول هذا الأمر ليست كاملة.


التشخيص

ينبغي القيام بالخطوات التالية لضمان التشخيص الصحيح للمرض:

  • الفحص الجسماني: يتم القيام بهذا الفحص لاستبعاد أي أمراض أخرى قد تسبب الأعراض الموجودة، وللتنبؤ عن المضاعفات المحتملة.
  • فحص مخبري: ويتضمن تعداد دم كامل، فحص وظائف الغدة الدرقية، ومسح الكحول والعقاقير غير الشرعية.
  • التقييم النفسي: ويتضمن مناقشة الأفكار، المشاعر، الأعراض، وسلوكيات المريض. كما يفضل الحديث مع العائلة والأصدقاء إن سمح المريض بذلك.
  • معايير تشخيص الوسواس القهري: قد يعتمد الطبيب على الدليل التشخيصي والأحصائي للأمراض العقلية، المنشور من قبل الجمعية الأمريكية للصحة النفسية.

مصاعب التشخيص

قد يصعب تشخيص الوسواس القهري بسبب تشابه أعراضه مع أمراض أخرى، كالقلق، والاكتئاب، والفصام، وقد يكون المريض مصاباً بالوسواس القهري المرافق لاحد الأمراض العقلية الأخرى. يساعد تعاون المريض مع الطبيب على التشخيص الصحيح.


العلاج

لا يؤدي علاج الوسواس القهري للشفاء التام بالضرورة، ولكنه يخفف من الأعراض ويجعلها تحت السيطرة، بحيث تتحسن جودة حياة المريض. وقد يحتاج بعض المرضى إلى الالتزام بالعلاج طيلة حياتهم.

يتضمن العلاج كلاً من العلاج النفسي والأدوية، ولوحظ أن النتائج تكون أفضل باستخدام الاثنين معاً.

العلاج النفسي

يعد العلاج السلوكي الإدراكي (CBT) -وهو أحد أنماط العلاج النفسي- فعالاً في علاج الوسواس القهري. يعد التعرض ومنع الاستجابة (ERP) أحد أنماط العلاج السلوكي الإدراكي، ويتضمن التعرض لوسواس المريض أو للأشياء التي تخيفه تدريجياً، كالأوساخ، وتعلُّم كيفية التخلص من التوتر. يتطلب هذا العلاج جهداً ومثابرة، لكن الحياة ستكون أفضل للمريض حالما يتمكن من السيطرة على وساوسه وقهره.

الأدوية

تساعد بعض الأدوية النفسية على السيطرة على الوساوس والقهر. وتعد مضادات الاكتئاب الأدوية الأكثر شيوعاً في علاج الوسواس القهري.

تتضمن مضادات الاكتئاب الموافق عليها من منظمة الغذاء والدواء العالمية لعلاج الوسواس القهري:

  • كلومبيرين (أنافرانيل) للبالغين والمرضى الأطفال بعمر 10 سنوات وما فوق.
  • فلوكسيتين (بروزاك) للبالغين والمرضى الأطفال بعمر7 سنوات وما فوق.
  • فلوفوكزامين: للبالغين والمرضى الأطفال بعمر 8 سنوات وما فوق.
  • باروكسيتين: للبالغين فقط.
  • سيرترالين (زولوفت): للبالغين والمرضى الأطفال بعمر 6 سنوات وما فوق.

قد يصف الطبيب مضادات اكتئاب أو أدوية نفسية أخرى.

  • الأدوية: ما ينبغي الانتباه له:

فيما يلي بعض الأمور التي ينبغي للمريض مناقشتها مع الطبيب حول الدواء الموصوف:

  1. اختيار الدواء: إن الهدف من استخدام الدواء هو تخفيض الأعراض الموجودة بأقل جرعة ممكنة. لا يتم عادةً تجربة عدة أدوية لمعرفة أيها الأفضل. قد يصف الطبيب أكثر من دواء لتتحسن الأعراض بطريقة فعالة. قد يتطلب ملاحظة التحسن من أسابيع إلى أشهر بعد بدء أخذ الدواء.
  2. الآثار الجانبية: لجميع الأدوية النفسية آثار جانبية تظهر عند أخذها. يمكن للمريض مناقشة الطبيب حول الآثار الجانبية المحتملة وحول الحاجة إلى المراقبة الصحية حين أخذ أي دواء نفسي. من المهم إبلاغ الطبيب حول وجود أي من الآثار الجانبية للدواء.
  3. خطر الانتحار: تعد معظم الأدوية النفسية آمنة، لكن حذرت منظمة الغذاء والدواء العالمية (FDA) من أن جميع الأدوية النفسية تحمل تحذير الصندوق الأسود، وينبغي أخذ الاحتياطات الصارمة عند وصفها. تتزايد في بعض الحالات احتمالا وجود أفكار أو سلوكيات انتحارية لدى الأطفال أو الشباب الصغار الذين تقل أعمارهم عن 25 عام لدى تناول المضادات الاكتئابية. خاصة في الأسابيع القليلة الأولى من بدء أخذ الدواء أو حين وجود تغير في الجرعة. وينبغي على المريض التواصل مع الطبيب فور وجود أفكار انتحارية أو طلب المساعدة الإسعافية. كما ينبغي تذكر أن المصادات الاكتئابية تقلل من الأفكار الانتحارية بعد أخذها على المدى الطويل بتحسينها للمزاج.
  4. التداخل مع المواد الأخرى: ينبغي على المريض الذي يتناول مضادات الاكتئاب إخبار طبيبه عن تناوله لأي أدوية أخرى أو أدوية التي يتم صرفها دون وصفة طبية، أو أي أعشاب أو مكملات غذائية. قد تسبب بعض مضادات الاكتئاب تداخلاً خطيراً عند أخذها مع بعض الأدوية أو المكملات العشبية.
  5. إيقاف مضادات الاكتئاب: لا تعد المضادات الاكتئابية أدوية مسببة للإدمان، لكن قد تسبب أحياناً التعود عند أخذها (والذي يختلف عن الإدمان). لذا فقد يسبب إيقاف الدواء فجأة أو نسيان عدة جرعات أعراضاً شبه انسحابية، ويسمى ذلك أحياناً بمتلازمة عدم الإكمال. ينبغي عدم إيقاف تناول الدواء دون مناقشة ذلك مع الطبيب، حتى وإن شعر المريض بالتحسن، فقد يسبب ذلك أعراض انتكاسية للوسواس القهري. يتم إيقاف الدواء بالتدريج وبطريقة آمنة.
  6. العادات المنزلية: يعد الوسواس القهري مرضاً مزمناً، ما يعني أنه قد يلازم الشخص المصاب مدى الحياة. يمكن اتخاذ عدة خطوات قد تكون مفيدة إضافة لتناول الدواء الموصوف من قبل الطبيب:
  • تناول الدواء كما هو موصوف: حتى وإن شعر المريض بالتحسن، فإن التوقف عن تناول الدواء فجأة سيؤدي لمعاودة الأعراض الظهور مرة أخرى.
  • إعارة الانتباه للإشارات التحذيرية: قد ينتبه المريض مع طبيبه لوجود أمور معينة تحفز أعراض الوسواس القهري. ينبغي وضع خطة يمكن للمريض من خلالها أن يعرف كيف يتصرف في حال عاودت الأعراض الظهور. كما ينبغي التواصل مع الطبيب أو المختص المعالج في حال وجود أي تغير في الأعراض أو كيفية شعور المريض.
  • التحقق قبل تناول أي أدوية أخرى: ينبغي على المريض مناقشة أي أدوية يصفها طبيب آخر أو قبل تناول الأدوية التي يمكن أخذها دون وصفة طبية، أو اية فيتامينات أو أعشاب أو أي مكملات أخرى لتجنب أي تداخل دوائي محتمل.


عوامل الخطورة

تتضمن عوامل الخطورة التي يمكن أن تسبب أو تزيد من خطر الوسواس القهري:

  • تاريخ العائلة: يزيد إصابة أحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة من خطر الإصابة بالوسواس القهري.
  • أحداث الحياة المتوترة: في حال تعرض الشخص لصدمة نفسية أو لأحداث حياتية صعبة فإن ذلك يزيد من خطر الإصابة بالوسواس القهري. قد يسبب ذلك لسبب ما التفكير بالأفكار الوسواسية أو القهرية، أو القيام بالعادات والطقوس التي يقوم بها المصاب بالوسواس القهري.
  • وجود اضطراب عقلي آخر: قد تتعلق الإصابة بالوسواس القهري بوجود أمراض أخرى كالتوتر أو الاكتئاب أو إدمان العقاقير.

المضاعفات

تتضمن المشاكل الصحية المتسببة بالوسواس القهري ما يلي -بالإضافة لوجود مضاعفات أخرى لم تُذكَر- :

  • وجود مشاكل صحية؛ كالإصابة بالتهاب الجلد التماسي بسبب غسل اليدين المستمر.
  • عدم القدرة على مزاولة العمل أو الذهاب للمدرسة أو النشاطات المجتمعية المختلفة.
  • وجود مشاكل في العلاقات.
  • تدني جودة الحياة بصورة عامة.
  • تشكل أفكار وسلوكيات انتحارية.

المصدر

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/obsessive-compulsive-disorder/symptoms-causes/syc-20354432