رجفان أذيني
إن الرجفان الاذيني (Atrial fibrillation)، عادة ما يكون مصحوبا بتسارع نبض القلب وعدم انتظامه، مما يؤدي لانخفاض القدرة على تزويد الجسم بالدم. ينقبض الاذينان خلال عملية الرجفان، بشكل غير منتظم وغير متناسق مع البطينين؛ وعادة ما تكون هذه الحالة مصحوبة بشعور بضربات قوية في الصدر، ضيق في التنفس وضعف عام في الجسم. يمكن ان يكون الرجفان الاذيني حالة مؤقتة وعابرة، ومن الممكن ان يصبح حالة مزمنة؛ وعلى الرغم من عدم كونه حالة تشكل خطورة على الحياة، الا اننا نتحدث عن حالة مرضية جدية، تستلزم في كثير من الاحيان علاجا مستعجلا، من اجل منع حدوث المضاعفات.
أعراض الرجفان الاذيني
لا ينقبض القلب بافضل صورة ممكنة، عندما يحصل الرجفان الاذيني، مما يجعل امكانية عدم قدرة القلب على التاقلم مع الاوضاع المتغيرة واردة. اما بالنسبة للاشخاص المعافين الذين لا يعانون من اي امراض او اضطرابات قلبية اخرى، فيتم اكتشاف الرجفان الاذيني عن طريق الصدفة، خلال فحص عادي ودوري، على الرغم من عدم شعور الشخص باي اعراض او محدوديات. قد يشتكي قسم اخر من المرضى، من احد الاعراض التالية:
- ضربات قوية في الصدر (او باللغة المهنية "خفقان"). يشعر الشخص بضربات القلب، بل انه يكون في كثير من الاحيان على دراية تامة بان دقات قلبه سريعة وغير منتظمة.
- انخفاض في ضغط الدم.
- ضعف.
- دوار.
- لخبطة وتخبط (بلبلة).
- ضيق في التنفس.
- آلام في الصدر.
يمكن ان يحدث الرجفان (وبعده تظهر الاعراض) مرة كل بضع دقائق او كل بضع ساعات، وبعدها يختفي. يسمى هذا الوضع رجفان اذيني متقطـع (تناوبي) - (Paroxysmal atrial fibrillation). عند الحديث عن حالة متواصلة، يسمى الوضع بالرجفان الاذيني المزمن.
أسباب وعوامل خطر الرجفان الاذيني
يتالف القلب من اربعة تجويفات هي: اذينان، وتحتهما بطينان. في الاذين الايمن يقع منظم دقات القلب الطبيعي في الانسان (SA node)، تتلخص وظيفته بخلق محفز كهربائي يؤدي لانقباض الياف عضلة القلب. يسبب هذا المحفز الكهربائي انقباض الاذينين، ومنهما ينتقل عبر الياف ناقلة خاصة (AV node) الى البطينين. يتلقى الاذينان عند حدوث الرجفان الاذيني، محفزا كهربائيا سريعا وغير منتظم، يؤدي لانقباضهما بسرعة كبيرة، بحيث يصبح هذا الانقباض غير ذي جدوى او فائدة، ولا يتعدى كونه اهتزازا فارغا من المضمون. ان من حسن الحظ، ان الشحنات الكهربائية التي ينتجها الاذينان الى البطينين لا تنتقل كلها، بحيث تبقى وتيرة انقباض البطينين بين 100-175 نبضة في الدقيقة، وهي وتيرة اعلى من الوتيرة السليمة التي تتراوح ما بين 60 الى 100 نبضة بالدقيقة. وعلى الرغم من ان هذه الوتيرة تعتبر اسرع من الطبيعي، الا ان انقباضات القلب خلالها تبقى مفيدة ويتم ضخ الدم من القلب الى الرئتين وبقية اجزاء الجسم. ان اكثر اسباب الرجفان الاذيني انتشارا هو التغيير في بنية القلب، سواء كان هذا التغيير مكتسبا او مولودا (خلقيا)، اضافة الى:
- ازدياد ضغط الدم.
- النوبات القلبية.
- عطب صمامات القلب.
- عدم التوازن في عملية التمثيل الغذائي نتيجة اضطراب بالغدة الدرقية او لاي سبب اخر.
- التعرض لمواد منبهة مثل الادوية المختلفة، المخدرات، القهوة، التدخين والكحول.
- ضرر يصيب منظم دقات القلب الطبيعي نفسه.
- متلازمة العقدة الجيبية المريضة.
- النفاخ الرئوي وغيره من الامراض الرئوية.
- عمليات سابقة في القلب.
- التلوثات الفيروسية.
- حالات الاجهاد الشديد للجسم، مثل التهاب الرئتين او العمليات الجراحية الكبيرة.
- توقف التنفس خلال النوم.
تشمل عوامل الخطورة المسببة للاصابة بالرجفان الاذيني ايضا:
- الجيل: كلما تقدمنا بالسن، كلما زاد احتمال الاصابة بالخفقان الاذيني.
- امراض القلب: الاصابة السابقة بامراض القلب، بما فيها امراض الصمامات، العمليات الجراحية في القلب، والنوبات القلبية، كلها تزيد من احتمال الاصابة بالرجفان الاذيني.
- ارتفاع ضغط الدم: ضغط الدم العالي، وخصوصا عندما لا يتم علاجه بالادوية وتغيير انماط الحياة، يزيد من مخاطر الاصابة بالرجفان.
- الكحول: شرب الكحول، خاصة عند الحديث عن كمية كبيرة منه خلال وقت قصير، يزيد من احتمال الاصابة بالرجفان.
- التاريخ العائلي للمرض.
مضاعفات الرجفان الاذيني
- النوبات الدماغية (Stroke): يمكن ان تسبب الانقباضات السريعة وغير المنتظمة في الاذينين ضخا على شكل دوامة للدم في الاذينين، وهو ما يشكل بيئة خصبة لنشوء الجلطات الدموية (التخثرات). يمكن كذلك، ان تخرج هذه الجلطات من القلب وتذهب لتسد اوعية دموية في الدماغ. تزيد خطورة التعرض لنوبة دماغية، اذا كان الرجفان الاذيني مصحوبا بارتفاع في ضغط الدم، او قصور عضلة القلب، حالة سابقة من الاصابة بالنوبة الدماغية، ووجود مرض السكري. ان من شان استخدام الادوية المضادة للتخثر ان يقلل احتمال الاصابة بهذه المضاعفات.
- قصور عضلة القلب: يمكن ان يؤدي الرجفان الخارج عن السيطرة الى ضعف عضلة القلب، وفي اعقاب ذلك الى قصورها عن اداء عملها – مما يعني عدم قدرة القلب على تزويد الجسم بكميات الدم اللازمة.
تشخيص الرجفان الاذيني
يتم تشخيص الاصابة بواسطة تخطيط القلب الكهربائي (E.C.G) او الهولتير(Holter)، وكذلك بواسطة تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، وحتى بواسطة فحوص بسيطة، مثل فحص الدم او تصوير الصدر بالاشعة. يمكن لكل هذه الفحوص ان تساعد في تشخيص سبب ظهور الاعراض او الاصابة بالرجفان الاذيني.
علاج الرجفان الاذيني
عندما يتم التعرف على سبب حدوث الرجفان ويكون بالامكان علاجه، يكون هذا الوضع افضل وضع، وينحصر العلاج بمحاولة منع حدوث الرجفان. لا يكون سبب الرجفان معروفا في العادة، او يكون التغيير الذي طرا غير قابل للاصلاح ولا العلاج. عندها، تكون هنالك استراتيجيتا علاج مركزيتان. يتم اختيار نوع العلاج بناء على طول مدة الاصابة، وشدة الاعراض، اضافة الى وضع المريض العام وغيرها من العوامل.
- استراتيجية ضبط الايقاع _ النبض - (Rhythm control): يتم في هذه الاستراتيجية اعادة القلب لنشاطه المنتظم بواسطة "العكس". يمكن ان تتم عملية العكس بواسطة ادوية مضادة لاضطرابات النبض او بواسطة شحنات كهربائية، تعمل على وقف عمل القلب لعدة اجزاء من الثانية. تكون هذه العملية مفيدة اذا ضمنا انه بعد عودة انتظام دقات القلب، لن يعود الرجفان للحدوث. يتم، في بعض الحالات، استخدام ادوية من العائلة المضادة للاضطرابات من اجل منع عودة الرجفان.
- استراتيجية الرتابة (الوتيرة) _ (Rate control): لا يمكن، في بعض الحالات، اعادة انتظام دقات القلب الى الوضع الطبيعي، عندها يكون هدف العلاج هو المحافظة على وتيرة نبضات القلب بين 60 – 100 نبضة في الدقيقة، بما يشبه الانسان السليم. تتم في المرحلة الاولى محاولة ابطاء دقات القلب بواسطة بعض الادوية كالديجوكسين (Digoxin)، حاجبات قنوات الكالسيوم (Calcium blockers)، وحاجبات بيتا (Beta blockers). اما اذا لم تنجح الادوية بخفض عدد دقات القلب، عندها يتم اجراء عملية استئصال جراحي (جذ - Ablation) لفصل الالياف الناقلة للشحنات الكهربائية من الاذينين الى البطينين. في هذه الحالة، وعلى الرغم من انقباض الاذينين بوتيرة عالية، يحافظ البطينان على وتيرة طبيعية.
توجد كذلك، اجراءات اخرى، مثل اجراء استئصال المراكز الساخنة او اجراء "الدهليز" (Maze). بكلتا الحالتين، هنالك حاجة لدمج العلاج مع الادوية المضادة للتخثر، من اجل منع حدوث نوبة دماغية. اما في استراتيجية ضبط الايقاع، فيكون الاستخدام محدودا ومحصورا بفترة القيام باجراء عملية "العكس"، بينما عند الحديث عن استراتيجية الحفاظ على الوتيرة، يتم استخدام مضادات التخثر بشكل دائم.