داء منيير

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

داء منيير هو اضطرابٌ في الأذن الدّاخليّة والذي يسبّب إدراكاتٍ حسيّة شاذّة، بما فيها الشّعور بالحركة الدّورانيّة (دوخة)، فقدان السّمع الذي يكون عادةً في أذن واحدة، شعور بالامتلاء أو الضّغط في نفس الأذن، ورنين في نفس الأذن أيضاً (طنين).

إنّ الأشخاص في الأربعينات والخمسينات من العمر هُم أكثر عُرضَةً للإصابة بداء منيير من الفئات العمريّة الأُخرى، وتتنوّع تقديرات عدد الأشخاص المصابين بداء منيير بشكلٍ كبير.

الأعراض

تتلخّص الأعراض والعلامات الأساسيّة لداء منيير فيما يلي:

  • نوبات ناكسة من الدّوار:

الدّوار هو شعورٌ شبيهٌ باحساسٍ يختبره المرء إذا دار حول نفسه عدّة مرات بسرعة وتوقف فجأة، حيث يشعر وكأنّما الغرفة ما زالت تدور ويفقد توازنه. وتحدث نوبات الدّوار دون سابق إنذار وتستمرّ عادةً من20 دقيقة إلى ساعتين أو أكثر. ويمكن أن يسبّب الدّوار الشّديد الغثيان والإقياء.

  • فقدان السّمع:

يمكن أن يتموّج فقدان السّمع في داء منيير وخاصّةً في المراحل الباكرة من سير المرض. وفي النّهاية، يعاني معظم المصابين بداء منيير من درجةٍ معيّنة من فقدان السّمع.

  • الطّنين:

الطنين هو الإحساس بصوت رنين، أو أزيز، أو زئير، أو صفي، ر أو هسهسة في الأذن.

  • الشّعور بالامتلاء السمعي:

وهو الشّعور بالامتلاء أو الضغط في الأذن.

تتنوّع شدّة وتواتر ومدّة كلّ من هذه المشاكل الإدراكية الحسيّة، فقد يعاني المرء من نوبات متكرّرة من الدّوار الشّديد واضطرابات خفيفة فقط في الأحاسيس الأُخرى، أو يمكن أن يعاني من دوار خفيف مع فقد للسّمع بين الحين والآخر بالإضافة إلى طنينٍ متكرّر يزعج نومه.

الأسباب

إن سبب داء منيير غير مفهوم بشكلٍ جيّد، ويبدو أنّه يحدث كنتيجةٍ للحجم أو التّركيب الشاذّين للسّائل في الأذن الدّاخليّة، إلا أنّ العوامل التي تسبّب تلك التّغيرات في سائل الأذن الدّاخلية تبقى مجهولة.

الأذن الداخلية هي كتلةٌ من الممرّات والتّجاويف المتصلّة التي تُدعى بالدّهليز، ويتألّف الجزء الخارجي من الأذن الدّاخلية من العظم (الدّهليز العظمي)، وفي الدّاخل بنيةٌ ليّنة من الغشاء (الدّهليز الغشائي)، وهو أصغر قليلاً من الدّهليز العظمي ويشبهه من حيث الشّكل.

يحتوي الدّهليز الغشائي على سائل (اللّمف الدّاخلي) وهو مبطّن بحسّاسات تشبه الشّعر تستجيب لحركة السّائل، تولّد هذه الحسّاسات النّبضات العصبيّة التي يتمّ إرسالها إلى الدّماغ. وكلّ جزءٍ من الأذن الدّاخليّة مسؤولٌ عن نوعٍ مختلف من الإدراك الحسيّ على الشّكل التّالي:

  • تُمكّن الحسّاسات التي تقع في الجّزء من الغشاء الذي يوجد في القسم المركزي من الدّهليز (الرّدهة) المرء من اكتشاف حركته التّسارعيّة في أيّ اتجاه.
  • تتفرع من جانب واحد من الدّهليز ثلاث عُرى (قنوات نصف دائرية)، وتمكّن الحسّاسات في القنوات نصف الدائرية المرء من الشّعور بحركته الدّورانيّة وهي ضروريةٌ للحفاظ على التّوازن.
  • على الطّرف الآخر من الدّهليز، هنالك بنيةٌ تشبه الحلزون (القوقعة)، وهي الجّزء المتعلّق بالسّمع في الأذن الدّاخليّة. إن العظام المهتزّة في الأذن الوسطى تخلق موجات في سائل الأذن الدّاخليّة، وتقوم الحسّاسات في القوقعة بترجمة تلك الموجات إلى نبضات يتمّ إرسالها إلى الدّماغ.

يجب أن يحتفظ السّائل بحجم وتركيب كيميائي وضغط معيّنين من أجل أن تعمل كل الحسّاسات في الأذن الدّاخليّة كما ينبغي. ويمكن أن تسبّب العوامل التي تغيّر من خصائص سائل الأذن الداخلية الإصابة بداء منيير.

بشكلٍ عام، فإنّ داء منيير يحدث في أذنٍ واحدة، إلا أنّه قد يصيب كلا الأذنين في حالاتٍ نادرة.

المضاعفات

إن النّوبات غير المتوقّعة من الدّوار هي عادةً أكثر مشكلةٍ تسبّب الضّعف في داء منيير، وغالباً ما تجبر النّوبات المرضى على الاستلقاء لعدّة ساعات وعلى إضاعة وقت من العمل أو ممارسة أنشطة أوقات الفراغ، كما أنّها يمكن أن تسبّب الإحراج. كما يمكن للدوار أيضاً أن يزيد من خطر ما يلي:

  • السّقطات
  • الحوادث التي تحدث أثناء قيادة السّيارة أو قيادة آلية ضخمة
  • الاكتئاب والقلق في التّعامل مع المرض

العلاج

لا يوجد علاجٌ يمكن أن يشفي من داء منيير، إلا أنّ هنالك عددٌ من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في السّيطرة على بعض الأعراض.

أدوية الدوار

يمكن للطّبيب أن يصف أدوية تُؤخذ أثناء نوبة الدّوار لتخفيف شدّة النّوبة وهي تتضمّن ما يلي:

  • أدوية داء الحركة (داء السّفر): مثل meclizine أو diazepam، والتي يمكن أن تحدّ من إحساس الدّوران الذي يترافق مع الدّوار وتساعد في السّيطرة على الغثيان والإقياء.
  • الأدوية المضادّة للغثيان، مثل prochlorperazine؛ والتي يمكن أن تسيطر على الغثيان والإقياء خلال نوبة الدّوار.

استعمال الأدوية طويلة الأمد

يمكن أن يصف الطّبيب دواءً ليحدّ من احتباس السّوائل (مدرّ للبول) مثل مزيج دوائي من triameterene و hydrochlorothiazide. يمكن أن يساعد الحدّ من كميّة السّائل التي يحبسها الجّسم في تنظيم حجم السّائل والضّغط في الأذن الدّاخليّة. وبالنّسبة لبعض المرضى فإنّ مدرّ البول يساعد في السّيطرة على شدّة وتواتر أعراض داء منيير. قد تنضب بعض المعادن من الجّسم كالبوتاسيوم مثلاً؛ وذلك لأنّ الأدوية المدرّة تسبب التّبوّل المتكرّر. وإذا أخذ المرء مدرّاً للبول، فيجب عليه أن يدعّم حميته الغذائيّة كل أسبوع بثلاثة أو أربعة حصص من الأغذية الإضافية الغنيّة بالبوتاسيوم مثل الموز، والبطّيخ، والبرتقال، والسّبانخ، والبطاطا الحلوة.

تغييرات الحمية الغذائيّة

يمكن أن يحدّ تعديل الحمية الغذائيّة من احتباس الجّسم للسّوائل ويساعد في تقليل السّائل في الأذن الدّاخليّة. وقد يقترح الطّبيب اتّباع التّغيّرات الغذائيّة التّالية لتقليل شدّة وتواتر أعراض داء منيير:

تناول الطّعام بانتظام

إنّ توزيع ما يتناوله المرء من طعامٍ وشراب بشكل متساوِ خلال اليوم يساعد على تنظيم سوائل الجّسم، ولذلك فيجب على المصاب بداء منيير تناول نفس كميّة الطّعام تقريباً في كلّ وجبة، كما يمكن له أن يتناول خمس أو ست وجبات أصغر عوضاً عن ثلاث وجبات في اليوم.

الحدّ من كميّة الملح

يمكن أن يزيد استهلاك الأغذية والمشروبات الغنية بالملح من احتباس السّوائل، ولذلك فيجب الحرص على الحصول على مقدار من 1000 إلى 1500 ملغ من الصوديوم أو أقلّ كل يوم.

تجنّب الغلوتامات أحاديّة الصّوديوم (MSG)

تتضمّن المنتجات الغذائية المعلّبة مسبقاً وبعض الأغذية الآسيوية الغلوتامات أحاديّة الصّوديوم وهو نوعٌ من أنواع الصّوديوم، والذي يمكن أن يسهم في احتباس السّائل.

تغييرات في نمط أسلوب الحياة

تقترح بعض الأدلّة أن عوامل أسلوب الحياة يمكن أن تفاقم أعراض داء منيير أو تعمل كمحفزات لبداية الأعراض، ويمكن أن يوصي الطّبيب بالتغييرات التّالية لتخفيف الأعراض أو المساعدة على منع بداية ظهورها:

تجنب الكافئين

إنّ للأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافئين مثل الشّوكولا، والقهوة، والشّاي، ومشروبات معينة غير كحولية، خصائص منبّهة يمكن أن تجعل الأعراض أسوأ، فعلى سبيل المثال، قد يجعل الكافئين صوت الرّنين داخل الأذن (الطّنين) أعلى.


الإقلاع عن التّدخين

قد يخفّف تجنّب النّيكوتين من شدّة أعراض داء منيير.

السّيطرة على التّوتّر والقلق

من الصّعب معرفة فيما إذا كان التّوتّر والقلق يعملا كمحفّزات لأعراض داء منيير أو إذا كانا نتيجةً لهذا المرض. وقد أظهرت بعض الأدلّة أن السّيطرة على التّوتّر والقلق يمكن أن يقلّل من شدّة الأعراض ويمكّن المريض من التّأقلم مع المرض. يمكن أن يساعد العلاج النّفسي التّخصّصي المريض على التّعرّف على الأمور التي تبعث على التّوتّر وعلى تطوير استراتيجيات للتّعامل مع التّوتّر والقلق، كما يمكن أن تكون الأدوية التي تلطّف القلق مفيدةً أيضاً.

الحقن في الأذن الوسطى

يمكن أن تحسّن الأدوية التي تُحقَن في الأذن الوسطى، والتي يتمّ بعدها امتصاصها إلى داخل الأذن الدّاخليّة من أعراض الدّوار، وهي تتضمّن ما يلي:

وهو مضاد حيوي سام للأذن الدّاخليّة، حيث يحدّ من الوظيفة التّوازنيّة للأذن، وهكذا تتحمّل الأذن الأُخرى القيام بمسؤوليتها من أجل التّوازن. وغالباً ما يحدّ الإجراء، الذي يتمّ إجرائه تحت التّخدير الموضعي في عيادة الطّبيب، تواتر نوبات الدوار وشدّتها، إلا أنّ هنالك خطرٌ يمكن في حدوث المزيد من فقدان السّمع.

مثل الديكساميثازون، وهي يمكن أن تساعد أيضاً في التّحكّم بنوبات الدّوار عند بعض الأشخاص. يمكن أن يقوم الطّبيب بتنفيذ هذا الإجراء تحت التّخدير الموضعي. على الرغم من أن حَقن الديكساميثازون يمكن أن يكون أقلّ فعالية من الجنتامايسين، إلا أنّه هذا العقار أقلّ عُرضَةً لأن يسبّب فقدان السّمع من الجنتامايسين.

  • الجّراحة:

إذا كانت نوبات الدوار التي تترافق مع داء منيير شديدة وموهنة للمريض ولم تُجدِ العلاجات الأُخرى نفعاً، فقد تكون الجّراحة خياراً مطروحاً. وتتضمّن الإجراءات مايلي:

-إجراءات كيس اللّمف الدّاخلي:

يلعب كيس اللّمف الدّاخلي دوراً في تنظيم مستويات السّائل في الأذن الدّاخليّة. يمكن أن تخفّف هذه الإجراءات الجّراحيّة الدّوار عبر تقليل إنتاج السّائل أو زيادة امتصاصه.

في إزالة الضّغط عن كيس اللّمف الدّاخلي، يتم إزالة جزء من العظم من فوق كيس اللّمف الدّاخلي. وفي بعض الحالات يتم هذا الإجراء مقترناً بتركيب تحويلة؛ وهي أنبوبٌ ينزح عبره السّائل الفائض من الأذن الداخلية.

-استئصال التيه:

يزيل الجرّاح في هذا الأجراء جزءاً من الأذن الدّاخليّة أو كلها، وبالتالي يتمّ إزالة كلٍّ من الوظيفتين السّمعية والتّوازنيّة من الأذن المصابة. ويتمّ تنفيذ هذا الإجراء فقط في حال كان المريض قد أُصيب بفقدان سمع كلّي أو شبه كلّي في الأذن المصابة.

-قطع العصب الدّهليزي:

يتضمّن هذا الإجراء قطع العصب الذي يصل بين حسّاسات التّوازن والحركة في الأذن الدّاخليّة ويبن الدّماغ (العصب الدّهليزي). عادةً ما يصحّح هذا الإجراء مشاكل الدّوار بينما يحاول الحفاظ على السّمع في الأذن المصابة.

-إعادة التأهيل:

إذا كان المريض يعاني من مشاكل في التّوازن بين نوبات الدّوار، فيمكن له الاستفادة من علاج إعادة التأهيل الدّهليزي. يتضمّن هذا العلاج التّمرينات والأنشطة التي يؤدّيها المريض أثناء جلسات العلاج وفي المنزل، وهو يهدف إلى مساعدة الجّسم والدّماغ على استعادة القدرة على معالجة معلومات التّوازن بشكلٍ صحيح.

-مساعدة السّمع (جهاز تحسين السّمع):

يمكن للجّهاز الذي يوضع في الأذن المصابة بداء منيير أن يحسّن السّمع. يمكن للطّبيب أن يحيل المريض إلى أخصّائي السمعيات لمناقشة خيارات مساعدة السمع الأفضل بالنّسبة له.

الإنذار

غير متوفّر

المصدر

http://www.epharmapedia.com