عدوى الإيرليخية

من موسوعة العلوم العربية
مراجعة 15:20، 15 نوفمبر 2017 بواسطة كنان الطرح (نقاش | مساهمات) (←‏التشخيص)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

عدوى الإيرليخية Ehrlichiosis هي عدوى تصيب الكريات الدموية البيضاء، تؤثر على أنواع متعددة من الثديات، بما فيها الفئران والكلاب والقطيع والأيل والأحصنة والماعز والخراف والبشر أيضًا.

تعد هذه العدوى مرضًا خطيرًا وقد يكون قاتلًا في حال عدم تقديم العلاج المناسب.

العامل المسبب هو جرثومة الإيرليخية Ehrlichia وتسمى أيضًا بـ Anaplasma، وهي جراثيم صغيرة (0.2-2 ميكرومتر) داخل سيتوبلاسمية مجبرة، سلبية الغرام، تشابه جراثيم الريكتسية، تنقسم بالانشطار المنصف، وتتضاعف ضمن سيتوبلاسما الكريات البيضاء المصابة.

تتضاعف عناقيد هذه الجرثومة في فجوات الوحيدات (ضمن اليبلوعات) مشكلةً تجمعات كبيرة تدعى "تويتة". وتكون مرئية داخل الخلايا البالعة بعد 5-7 أيام.

يعتمد نوع الإصابة الناتجة عن العدى بهذه الجراثيم على نوع الجرثومة ونمط الكرية البيضاء المصابة. فهنالك مثلًا:

  • عدوى المحببات البشرية بالإيرليخية (HGE)، وتعرف أيضًا بـ Human granulocytic anaplasmosis (HGA)، تسببها جراثيم الإيرلخية المحبة للبالعات، والتي تصيب الخلايا المحببة.
  • وهنالك أيضًا عدوى الوحيدات البشرية بالإيرليخية (HME) وتسببها جراثيم الإيرليخية الشافينية Ehrlichia chaffeensis، وتصيب الوحيدات.

وتسبب كلا الإصابتين نفس التظاهرات السريرية. لذلك يستخدم مصطلح عدوى الإيرليخية لكليهما. أما مدة الإصابة فغير معروفة، ولم تسجل حالات مزمنة لهذه الإصابة.

  • إضافة لنوع آخر من هذه الجراثيم يدعى الإيرليخية الشبيهة بالفأرية Ehrlichia muris-like (EML) كشف عنه في عدد صغير من نالمرضى المقيمين أو الذين سافروا إلى مينيسوتا وويسكونسن. ولم يعرف بعد الناقل يقينًا.
  • بسبب تشابه الناقل بين عدوى المحببات البشرية بالإيرليخية مع داء لايم وبقع الإصابة من العالم المتقاطعة فيمكن وفي حالات نادرة إصابة مريض ما بكلا المرضين، ويمكن حينها للدوكسيسيكلين علاجهما معًا.

الأعراض

تتطور الأعراض خلال 1-2 أسبوع بعد عضة الحشرة المصابة. وعادةً ما تكون العضة غير مؤلمة، لذا وتقريبًا لا يذكر نصف الناس المصابين بالمرض العضة.

يختلف عدد وشدة كل عرض من شخصٍ لآخر، وهي:

  • حمى.
  • صداع.
  • قشعريرة.
  • توعك.
  • ألم عضلي.
  • غثيان وإقياء وإسهال.
  • تخليط.
  • عدوى الملتحمة (عين حمراء).
  • طفح (عند 60% من الأطفال المصابين تقريبًا، وأقل من 30% من البالغين المصابين).
  • وقد يصاب المريض بصعوبة في التنفس أو اضطرابات دموية.

الطفح

لا يعد الطفح الجلدي علامة شائعة للإصابة بهذا الداء، ويجب عدم استخدامه لإثبات أو نفي الإصابة.

يمكن أن تسبب العدوى بالإيرليخية الشافينية Ehrlichia chaffeensis طفحًا عند 60% من الأطفال المصابين تقريبًا، وأقل من 30% من البالغين المصابين. لكن من غير الشائع ظهور الطفح عند المصابين بباقي أنواع الإيرليخية.

يتراوح الطفح الناتج من بقعي حطاطي حتى حبرات، وعادةً لا يكون حاكًا.

لا يصيب الطفح عادةً الوجه، لكن يمكن أن يمتد في بعض الحالات لأكف اليدين وباطن القدمين. وقد يصاب بعض المرضى بما يسمى احمرار الجلد. وهو نوع من الطفح يشابه الحرق بأشعة الشمس، ويشمل احمرارًا للجلد واسع الانتشار قد يتقشر بعد عدة أيام.

قد يصاب بعض المرضى بطفح يشبه طفح حمى الجبال الصخرية المبقعة ما يجعل تفريق هذين المرضين عن بعضهما صعبًا من ناحية العلامات السريرية لوحدها.

الأشخاص مضعفو المناعة

قد تعتمد شدة العدوى الإيرليخية جزئيًا على الحالة المناعية للمضيف.

يكون المرض شديدًا عند المضعفين مناعيًا سواءً نتيجة العلاج بكابحات المناعة أو عدوى الإيدز أو مستأصلين الطحال، كما تكون معدلات الوفيات لديهم أعلى.

نقل الدم وزراعة الأعضاء الملوثة بجراثيم الإيرليخية

تبقى جراثيم الإيرليخية الشافينية Ehrlichia chaffeensis على قيد الحياة لمدة أسبوع في الدم المحفوظ. وسجلت حالات إصابة نتيجة نقل الدم الملوث، لكن لم يسجل حتى الآن حالات إصابة بنقل أعضاء من أشخاص مصابين لأشخاص سليمين.

استخدام دم ناقص الكريات البيض يكمن أن يقلل نظريًا من خطر انتقال المرض. لكن لا تزيل عملية الفلترة جميع الكريات البيض والجراثيم، لذلك قد لا تلغي هذه العملية الخطر بالكامل.

التشخيص

يعتمد التشخيص في البداية على العلامات والأعراض السريرية، ثم يمكن التأكد باستخدام بعض الفحوصات المخبرية. حيث يجب عدم تأخير العلاج بانتظار نتيجة هذه الاختبارات.

يمكن استخدام تفاعل البوليمراز المتسلسل على عينة دموية لكشف إذا كان المريض مصابًا بعدوى الإيرليخية. وتكون هذه الطريقة في قمة حساسيتها لهذا المرض في الأسبوع الأول من المرض، ثم تنخفض الحساسية سريعًا بعد إعطاء الصادات الحيوية المناسبة. ورغم أنَّ الإيجابية في هذه المقايسة مفيدة، إلا أنَّ السلبية لا تنفي التشخيص.

خلال الأسبوع الأول من المرض يُظهر الفحص المجهري لمسحة الدم التويتة في سيتوبلاسما الكريات البيضاء عند 20% من المرضى. تزود معرفة نمط الكريات البيض المصابة (المشاهد التويتة فيها) بفكرة عن النوع الذي أصاب المريض، حيث تصيب الإيرليخية الشافانية Ehrlichia chaffeensis غالبًا الوحيدات، في حين تصيب الأخرى المحببات. إلا أنَّ مشاهدة التويتة في نوع محدد لا يحسم الإصابة بنوع محدد. عزل الإيرليخية بالزراعة في المختبرات المتخصصة هي الطريقة الوحيدة لذلك، أما الزراعة الروتينية فغير مفيدة في تحديد الجرثومة.

يرتفع عيار الأضداد لمستوىً يمكن قياسه بعد 7-10 أيام عادةً من بداية المرض. ومن المهم ذكر أن 85% من المرضى لا يرتفع عندهم الأضداد في الأسبوع الأول من المرض، كما أنَّ السلبية في هذا الوقت لا تنفي الإصابة.

تعد مقايسة التألق المناعي (IFA) غير المباشرة هي المعيار الذهبي من بين الفحوصات المصلية للتشخيص؛ وذلك باستخدام مستضدات الإيرليخية الشافينية، ويجري العمل على عينات مصلية مزدوجة لإظهار الارتفاع الواضح (4 أضعاف) في عيار الأضداد. تؤخذ العينة الأولى في بداية المرض قدر الإمكان، ويفضل في الأسبوع الأول من الأعراض، في حين تؤخذ العينة الثانية بعد 2-4 أسابيع. في معظم الحالات يكون عيار أضداد IgG الأول منخفضًا أو يظهر نتيجة سلبية، ويظهر ارتفاعًا ملحوظًا (أكثر من 4 أضعاف) عند القياس الثاني. كما ترتفع مستويات أضداد IgM بالوقت الذي ترتفع به أضداد IgG، لكنها أقل نوعية منها، ومن المحتمل أكثر أن تعطي نتيجة كاذبة. لذلك يفضل في حال طلب عيار أضداد IgM أن يترافق معه قياس لمستويات IgG أيضًا.

المقايسة المناعية للأنزيم (EIA): متوافرة في بعض المختبرات التجارية، لكنها نوعية أكثر منها كمية، ما يعني أنَّها تزود فقط بنتيجة إيجابية أو سلبية، وغير مفيدة لقياس التغيرات في عيار الأضداد بين العينات المزدوجة. كما أنَّ بعضها يعتمد فقط على أضداد IgM غير النوعية، والتي قد ترتفع معطيةً نتيجة إيجابية كاذبة.

يمكن أن تبقى الأضداد مرتفعة لشهور بعد الشفاء من المرض، كما يمكن أن تظهر عند مرضى ذوي إصابة سابقة. حيث توجد عند 12% من المرضى السليمين في بعض المناطق، ما يجعل من الصعب تفسير النتائج باستخدام عينة واحدة، لذلك تُستخدم عينتان معًا.

العلاج

يعد الدوكسيسيكلين خط العلاج الأول للكبار والأطفال من مختلف الأعمار، ويجب البدء به مباشرةً عند الشك بالإصابة، حتى قبل ظهور نتائج الاختبارات المؤكدة.

وتنحسر الحمى خلال 24-72 ساعة من بدء العلاج به في حال علاج المريض في الأيام الخمسة الأولى من المرض. الجرعات الموصى بها:

  • البالغين: 100 ملغ كل 12 ساعة.
  • الأطفال تحت 45 كغ: 2.2 ملغ/كغ من وزن الجسم مرتين يوميًا.

يجب الاستمرار بالعلاج لمدة 3 أيام على الأقل بعد زوال الحمى. والمدة المعيارية للعلاج 7-14 يومًا. ويمكن أن يستمر عند بعض المرضى الصداع والضعف والتوعك لعدة أسابيع بعد العلاج.

في حال الحساسية للدوكسيسيكلين وعند المرضى الحوامل ذوات الإصابة لاخفيفة يكمن استخدام صادات حيوية أخرى، حيث يمكن استخدام الريفامبين، لكنه غير فعالة في معالجة حمى الجبال الصخرية المبقعة (والتي قد يختلط تشخيصها معها).

المصادر

https://www.cdc.gov/ehrlichiosis/symptoms/index.html

https://emedicine.medscape.com/article/235839-overview#showall