شذوذ إيبشتاين

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

شذوذ إيبشتاين في القلب هو عيب وِلاديّ نادر يصيب القلب منذ الولادة (خلقي). حيث لا يعمل صمام القلب ثلاثي الشرف في الجانب الأيمن من القلب كما ينبغي، مما يجعل الدم يتسرب إلى الخلف عن طريق الصّمام، ممّا يجعل القلب يعمل بشكلٍ أقلّ كفاءة. ويؤدي شذوذ إيبشتاين إلى تضخم القلب أو قصوره.

وفي حال عدم ظهور أعراض شذوذ إيبشتاين، فقد يكون مراقبة القلب بحذر هو جُلَّ ما يمكن فعله، أما إذا أصبحت الأعراض مزعجة أو بدأ قلب المريض بالتّضخم أو بدأ يضعف، فقد يكون اللّجوء إلى العلاج أمراً لا بدّ منه، وتشمل خيارات العلاج الأدوية والجّراحة.

1277015507.jpg

الأعراض

من المحتمل ألا يسبب شذوذ إيبشتاين أية أعراض حتى سن متأخرة في سنّ الرّشد. وقد يعاني المصابون بشذوذاتٍ بليغة في الصّمامات من مشاكل طفيفة أو قد لا يعانوا من أيّة مشاكل. وتظهر أعراض شذوذ إيبشتاين ببطء على مدى عدّة سنوات، وهي تتضمّن مايلي:

  • ضيق في التّنفّس
  • إعياء، وخاصّةً عند الإجهاد
  • تورّم في السّاق
  • خفقان القلب أو اضطراب نظم القلب.
  • زرقة الشّفتين والجّلد نتيجةً لنقص الأوكسجين (زُراق)

وتظهر أعراض الإزرقاق، إضافةً إلى أعراض قصورالقلب، باكراً لدى الأطفال حديثي الولادة والرّضّع، وتشير هذه الأعراض لدى ظهورها مبكراً إلى وجود عيبٍ حادّ يحتاج إلى العلاج.

وبالنّسبة للأطفال الأكبر سناً، فقد تظهر أعراض القصورالقلبي، مثل سهولة الشّعور بالتّعب أو ضيق التّنفّس خلال اللعب، أو أعراض أُخرى مثل تسرع ضربات القلب أو الزُّراق، وخاصّةً حول الشّفاه وأطراف الأصابع.

إذا كان البالغ أو الطّفل يعاني من أعراض القصور القلبي، كالشّعور بالإعياء بسهولة أو ضيق التنفس أثناء القيام بنشاط عادي أو ظهور الزُّراق حول الشّفاه والأظافر، فيجب رؤية الطّبيب، الذي قد يحيل المريض إلى طبيب مختصٍّ بأمراض القلب.

الأسباب

يعتبر شذوذ إيبشتاين عيباً ولادياً يصيب الطّفل عند الولادة (خلقي)، ولابدّ من معرفة كيفية عمل القلب وتزويده للجّسم بالدم؛ لكي يتوضّح مدى تأثير شذوذ إيبشتاين على القلب.

كيفيّة عمل القلب

يتألف القلب من أربع حجرات، حيث تعرف الحجرتان العلويتان اليمنى واليسرى بالأذينين، أما الحجرتان السّفليتان فهما البطينين، وهما أكبر، وذاوات جدرانٍ أثخن، وتعملان على ضخ الدم. وتفصل الصّمامات الأذينين عن البطينين، وفي الوقت ذاته، فهي تحافظ على تدفق الدم في الإتجاه الصحيح في القلب. ويتألف كل صمّامٍ من طبقتين أو ثلاث طبقات قوية ورفيعة من الأنسجة، وعندما يغلق الصّمّام، فإنّه يمنع الدّم من التّدفّق إلى الحجرة التالية أو من العودة إلى الحجرة السابقة.

ويتدفق الدم العائد من الجّسم والذي يفتقر للأوكسجين إلى الأذين الأيمن مروراً بالصّمام الثّلاثي الشّرف، وبعد ذلك يتّجه الدّم إلى البطين الأيمن الذي يقوم بضخ الدم إلى الرئتين ليتزوّد بالأوكسجين. وفي الجهة الأُخرى من القلب يتدفّق الدّم الغني بالأوكسجين من الأذين الأيسر مروراً بالصمام التاجي وبعد ذلك إلى البطين الأيسر الذي يقوم بضخ الدم إلى بقية الجّسم.

مالذي يحدث في شذوذ إيبشتاين

في شذوذ إيبشتاين، يكون الصمام الثلاثي الشرف متوضعا في الأسفل داخل البطين الأيمن، أكثر ممّا هو عليه في القلب السّليم. وهذا ما يجعل قسماً من البطين الأيمن يصبح جزءاً من الأذين الأيمن؛ مما يؤدي إلى تضخم الأذين الأيمن وعدم عمل البطين الأيمن كما ينبغي.

وبالإضافة إلى مشاكل توضّع الصّمّام ثلاثي الشّرف، فإنّ طيّاته تكون متشكّلة بطريقة شاذّة؛ ممّا يسبّب ارتداد (قلس) الدّم إلى الخلف إلى داخل الأذين الأيمن. وفي الحالات الشديدة تلتصق أنسجة الصّمّام بجدار الجّزء الأيمن من القلب مما يتسبب بمنعها من الحركة ويؤدّي إلى تسرّب الدّم إلى الأذين، وغالباً ما تتضخّم إحدى الطيّات.

يختلف مكان توضّع الصّمّام، ومدى سوء تشكّله من شخص لآخر. فقد يكون الصّمّام شاذاً بشكل طفيف لدى بعض الأشخاص، أمّا لدي آخرين، فقد يكون بعيداً جدّاً عن مكانه الطبيعي ومشوهاً بشدة حيث يؤدي إلى التسرب الحاد. وكلّما سرّب الصّمام الدّم، كلّما تضخم الأذين الأيمن بسبب تلقّيه كميّةً أكبر من الدّم. ويتضخم البطين الأيمن في الوقت ذاته في محاولةٍ للتّكيّف مع الصّمام الذي يسرّب الدّم، وليستمرّ في ايصال الدم إلى الرّئتين. وهكذا تتضخم الحجرات اليمنى من القلب؛ ممّا يؤدي إلى ضعفهما، والذي يؤدّي بدوره إلى يعني القصور القلبي.

وقد تترافق بعض مشاكل القلب مع شذوذ إيبشتاين، وتتلخّص المشاكل الثّلاثة الأكثر شيوعاً فيما يلي:

العيب الحاجزي الأذيني

يوجد لدى نصف المصابين بشذوذ إيبشتاين ثقب بين الحجرتين العلويتين والذي يدعى بالعيب الحاجزي الأذيني (ASD)، حيث يسمح هذا الثقب للدم غير المؤكسَج في الأذين الأيمن بالاختلاط بالدم المؤكسَج في الأذين الأيسر؛ مما يؤدي إلى نقصان كمية الأوكسجين في الدم، والذي بدوره يسبب زرقة الشفاه والجلد. وقد يزيد العيب الحاجزي الأذيني الذي يترافق مع شذوذ إيبشتاين، من خطر مرور خثرة دمويّة من الأوردة التي توجد في القلب إلى الأوعية الدّمويّة التي تنقل الدّم إلى الدّماغ، ممّا يسبّب الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة. إذا خضع المريض لجراحة إصلاح الصّمّام، فإن الجرّاح سيقوم بإغلاق العيب الحاجزي الأذيني في الوقت ذاته.

اضطراب نُظُم ضربات القلب

يصاب بعض مرضى شذوذ إيبشتاين بإضطرابات نظم والتي تتّسم بتسرّع ضربات القلب. ومن شأن هذه الإضطرابات أن تجعل القلب يعمل بفعالية أقل، وخاصّةً عندما يتسرّب الدّم من الصّمام ثلاثي الشّرف بشدّة. وفي بعض الحالات، يسبّب تسرّع نُظُم ضربات القلب نوبات إغماء.

متلازمة وولف- باركنسون- وايت (WPW)

يصاب بعض مرضى شذوذ إيبشتاين بمتلازمة وولف- باركنسون- وايت وهي عبارة عن ممر كهربائي شاذّ في القلب، ويمكن أن تؤدّي الإصابة بمتلازمة وولف-باركنسون- وايت إلى تسرّع نُظُم ضربات القلب ونوبات إغماء.

المضاعفات

يعاني المصابون بحالةٍ خفيفة من شذوذ إيبشتاين من بعض المضاعفات، وقد يتعيّن على المرء اتّخاذ الإحتياطات اللازمة في حالاتٍ معيّنة:

  • ممارسة الأنشطة:

قد يتمكّن المصاب بحالةٍ خفيفة من شذوذ إيبشتاين من المشاركة في أغلب الأنشطة الجّسديّة، إذا كان قلبه ذو حجم عادي، وإذا كان لا يعاني من أيّة اضطّرابات في نُظُم ضربات القلب. وقد يوصي الطّبيب بالابتعاد عن بعض الرّياضات التّنافسيّة مثل كرة القدم أو كرة السّلّة، وذلك بحسب الأعراض والعلامات التي تظهر على المريض. وقد يساعد اخصّائي أمراض القلب في تحديد الأنشطة المناسبة لكلّ مريض.

  • خلال الحمل:

في معظم الحالات، تتمكّن النّساء المصابات بحالة خفيفة من شذوذ إيبشتاين من إنجاب الأطفال، إلا أنّ ذلك لا ينفي خطورة الحمل، حيث يضيف الحمل إجهاداً إضافياً على قلب الحامل وجهازها الدّوراني، ولا يقتصر ذلك على فترة الحمل، إنما يمتد إلى أثناء المخاض أو الفترة التي تلي الولادة. ويزداد خطر الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة عند وجود ثقب بين الحجرتين العلويتين من القلب (العيب الحاجزي الأذيني)

ونادراً ما تظهر المضاعفات التي تؤدي إلى الوفاة لدى الحوامل المصابات بشذوذ إيبشتاين. ومن الأفضل أن تستشير المرأة أخصّائي الأمراض القلبيّة إذا كانت تخطّط للحمل قبل أن تحمل، وذلك لكي يخبرها فيما إذا كان من الآمن أن تحمل، وتحديد مدى المراقبة التي تحتاجها خلال الحمل والولادة.

وتتضمّن المضاعفات الأُخرى التي قد تنجم عن شذوذ إيبشتاين: قصور القلب ومشاكل في النُظم، وبشكلٍ أكثر شيوعاً: توقّف القلب بشكلٍ مفاجىء أو السّكتة الدّماغيّة.

العلاج

يعتمد علاج شذوذ إيبشتاين على مدى شدة العيب بالإضافة إلى الأعراض، ويهدف العلاج إلى الحدّ من الأعراض، وتجنّب حدوث المضاعفات في المستقبل، مثل القصور القلبي واضطرابات النظم. ويشمل العلاج ما يلي:

  • المراقبة المنتظمة:

إذا كان المريض لا يعاني من أيّة أعراضٍ أو اضطرابات في نظم القلب، فقد يوصي الطّبيب بمراقبة حالة قلب المريض بشكلٍ حذر، بالإضافة إلى مع الفحوصات الدورية، والتي تشمل: الفحص الجسدي، تخطيط كهربيّة القلب، وفحص الصّدر بالأشعّة السّينيّة، وتخطيط صدى القلب، وفي حال الضّرورة يتم اجراء اختبار مراقبة هولتر. وقد يطلب الطبيب إجراء اختبار تمرين الجهد كالمشي على جهاز المشي، حيث يوضّح هذا الإختبار ردّة فعل قلب المريض تجاه الأنشطة الجسدية.

  • الأدوية:

تساعد الأدوية في التّحكم بسرعة ضربات القلب والمحافظة على نظم القلب الطّبيعيّة، في حال وجود اضطّرابات في نظم القلب. وعادةً ما يستخدم الأطبّاء أدوية مثل مضادّات اضطّراب النّظم، وحاصرات بيتا، وحاصرات قنوات الكالسيوم، ومركّبات الديجيتال، وأميودارون amiodarone.

وقد يصف الطبيب الأدوية لعلاج أعراض قصور القلب في حال الحاجة إليهم، وتتضمّن تلك الأدوية مدرّات للبول وأدوية أُخرى.

  • الإصلاح الجّراحي للقلب:

قد يوصي الطّبيب بإصلاح جراحي في حال أصبحت الأعراض مزعجة، أو إذا أخذ قلب المريض بالتضخم، أو إذا بدأ الأداء العام لأداء القلب لوظائفه يتراجع. يجب على المريض اختيار جرّاحٍ على درايةٍ بشذوذ إيبشتاين، وذو خبرةٍ في إجراء الإجراءات المتّبعة لإصلاح ذلك الشّذوذ، وذلك لأنّ شذوذ إيبشتاين يُعَدّ نادراً. ويمكن إتّخاذ عدّة إجراءات لعلاج شذوذ إيبشتاين والعيوب المترافقة معه جراحيّاً، وتتضمّن تلك الإجراءات ما يلي:

  1. إصلاح الصّمّام ثلاثي الشّرف:

تنطوي هذه الجّراحة على تقليص حجم فتحة الصّمّام، والسّماح لأنسجة الصّمّام الموجودة بالإلتحام لكي تعمل كما ينبغي. وعادةً ما يتمّ اتّخاذ هذا الإجراء في حال كان هنالك ما يكفي من أنسجة الصّمّام لتسمح بالإصلاح.

  1. استبدال الصّمام ثلاثي الشّرف:

في حال عدم إمكانية اصلاح الصّمّام الموجود، فمن الممكن استبداله وذلك عن طريق إزالة الصّمّام المشوّه وزرع صمّامٍ ميكانيكيٍّ أو صمام يتألف من نسيج حيوي معالَج، وفي حال استخدام الصمام الميكانيكي، يتحتّم على المريض تناول دواء مضّادٍ للتّخثّر مدى الحياة.

  1. إغلاق عيب الحاجز الأذيني:

في حال وجود عيب الحاجز الأذيني، يقوم الجّرّاح بإغلاق الثّقب خلال جراحة إصلاح أو استبدال الصّمّام المشوّه.

  1. إجراء Maze:

وهو إجراءٌ آخر قد يستخدمه الأطبّاء أثناء جراحة استبدال أو إصلاح الصمام، ويُستخدَم للمساعدة على تصحيح نبضات القلب السريعة في الأذين (تسرّع النّظم الأذيني). ولعمل هذا الإجراء، يقوم الطّبيب بإحداث سلسلة من الشقوق في الأذين الأيمن بواسطة المبضع أو أداة تحطم النسيج عن طريق تجميده. وعند شفاء تلك الشقوق تشكّل النّدوب حاجزاً من الأنسجة في القلب، ويؤدي ذلك إلى عودة النّبض إلى سرعته الطّبيعيّة. ويٌعتَبَر هذا الإجراء جراحة قلبٍ مفتوح.

  1. الاجتثاث بموجات التّردّدات الرّاديويّة بواسطة القسطرة:

وهو يُعتَبَر إجراء آخر يمكن أن يساعد على علاج تسرّع ضربات القلب أو متلازمة وولف- باركنسون- وايت، وخلال هذه العملية، يتمّ إدخال قسطرة أو أكثر عبر الأوعية الدّمويّة إلى داخل القلب، حيث يتم توليد النبضات الكهربائية التي تجعل القلب ينبض. ويتمّ تسخين الأقطاب الكهربائية في رؤوس القسطرة بطاقة التّردّد الرّاديوي، مما يدمّر (يجتثّ) بقعة صغيرة من أنسجة القلب ويخلق حصاراً كهربائياً عبر الممر الذي يسبّب اضطراب النّظم، وعادةً ما توقف هذه العملية اضطراب النّظم.

  1. زراعة القلب:

قد تكون زراعة قلبٍ جديد أمراً ضرورياً في حال وجود شذوذ إيبشتاين مع صمام مشوّه بشدة وانخفاض أداء القلب.

الإنذار

غير متوفّر

المصدر

http://www.epharmapedia.com/