داء البرتونيلات

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داء البرتونيلات Bartonellosis يتضمن داء البرتونيلات عداوى تسببها جراثيم تنتمي لجنس البرتونيلة.

عام 1909 وصف بارتون A. L. Barton كائنات تلتصق بالكريات الحمر. وقد أطلق اسم برتونية Bartonia لأحد أفراد مجموعة الجراثيم تلك التي اكتشفت قبل عام 1993، ثم أصبح اسمها لاحقًا البرتونيلة العصوية Bartonella bacilliformis. وقد دمجت معه مجموعة مشابهة من الجراثيم اسمها الروكاليمية Rochalimaea.

اعتقد سابقًا أنَّ هذه الجراثيم من الريكتسيات، إلى أن ظهرت قدرتها على النمو على الأوساط الصنعية بخلاف الريكتسيات.

هنالك ما لا يقل عن 12 نوعًا من جنس البرتونيلة؛ لكن ثلاثة منها فقط تعد ذات أهمية خاصة في الإصابة البشرية.

تسبب البرتونيلة العصوية Bartonella bacilliformis حمى أورويا وثؤلول بيرو. وتسبب البرتونيلة الهنسلية Bartonella henselae داء خدش القطة (CSD) وفرفرية الكبد (تدعى غالبًا بالفرفرية العصوية). تسبب البرتونية الخمسية حمى الخنادق. وكل من البرتونية الخمسية والبرتونيلة الهنسلية تسببان ورامًا وعائيًا عصويًا.

وتبين أنَّ هنالك أنواع أخرى من البرتونيلة تسبب إمراضية للإنسان لكن تلك كانت أهم ثلاثة أنواع.

الفيزيولوجيا المرضية

يحصل انتقال أنواع البرتونيلة عبر الاتصال الرضحي مع الحيوانات المصابة أو النواقل مثل براغيث القطط أو باقي مفصليات الأرجل الماصة للدم (مثل ذبابة الرمل).

تلتصق البرتونيلة العصوية والتي تستخدم سوطًا قطبيًا للحركة بالكريات الحمر وتغزوها. وبعد الدخول تتضاعف الجرثومة في الفجوات. كما تصنع أيضًا عاملًا محفزًا للخلايا البطانية مسببًا تكاثر كل من الخلايا البطانية والأوعية الدموية.

لا ترتبط البرتونيلة الخمسية والبرتونيلة الهنسلية بالكريات الحمر بالطريقة ذاتها؛ إنما تصنع بروتين ارتباط يلتصق بأغشية الكريات الحمر الهرية، فتخترقها للخلايا البطانية. يبدأ كلا النوعين بإنتاج عامل محفز للخلايا البطانية. قد تعمل الكريات الحمراء كمستودع لأنواع البرتونيلة. تغزو أيضًا البرتونيلة الخمسية الخلايا البطانية وتشكل تجمعات جرثومية تلتهمها الإنفازوم invasome وهي بنى بلعمية فريدة. وتقوم بالتكاثر وتشكيل فقاعات داخل خلوية.

الوبائيات

بالنسبة للبرتونيلة الخمسية فقد سجلت الإصابة في جميع القارات باستثناء القارة القطبية. وتصيب المشردين على وجه الخصوص (إضافة للمعسكرات).

أما البروتنيلة العصوية فوجودها محدود في جبال الأنديز على ارتفاع 1000-3000 م بسبب توطن ذبابة الرمل الفاصدة هناك (ناقلها) والتي تعرف الآن باللوتزومية. ووبائية البرتونيلة الهنسلية أيضًا في أنحاء العالم وترتبط بالقطط.

الوفيات

  • عادة ما يشفى داء خدش القطة تلقائيًا، إلا في الحالات الشديدة واللانموذجية.
  • أما حمى الخنادق فهي حمى ناكسة تشفى أيضًا تلقائيًا.
  • ومن الشائع أن يصيب داء كاريون الأطفال في البيرو والإكوادور. ويختلف معدل الوفيات الناتجة عنه تبعًا للعداوى والمضاعفات المتداخلة.

الأعراض

الورام الوعائي العصوي والتهاب الكبد الفرفري

وصف الورام الوعائي العصوي أول مرة عند المصابين بفيروس عوز المناعة المكتسب. وكان يعتقد أنه يشابه ساركوما كابوزي (ساركوما نزفية مجهولة السبب) لكنه يمكن أن يؤثر على أعضاء أخرى مثل السبيل التنفسي والعظام والعقد للمفية والسبيل الهضمي والدماغ. بعد إصابة الكبد والطحال شخصت فرفرية عصوية قبل اكتشاف أنَّ عدوى البرتونيلة هي السبب.

تعتمد الأعراض على الموقع التشريحي المصاب وتتضمن الحمى وتضخم عقد لمفاوية ممضة وآفات جلدية.

حمى أورويا وثؤلول بيرو

منذ قرنٍ من الزمن حقن طالب طب اسمه دانيل كاريون نفسه بدم من آفة جلدية لمريض مصاب بثؤلول بيرو. فأصابته حمى أورويا. تدعى حمى أورويا وثؤلول بيرو اليوم داء كاريون. وقبل ذلك الوقت لم تكن العلاقة بين المرضين معروفة.

يبدأ تجرثم الدم بعد 3-12 أسبوع من لسعة ذبابة الرمل. يتراوح المرض من الخفيف للشديد جدًا. في الحالات الشديدة قد يصاب المريض بحمى وارتعاشات وصداع وتعرق وأوجاع وعسر تنفس وتغيرات في الحالة العقلية ونوبات.

داء خدش القطة

الأعراض الأساسية

  • الحطاطة:

- قد يظهر الفحص الحذر حطاطة عند معظم المرضى.

- يُظن خطًا غالبًا أنَّ الحويصلة الناتجة مكان دخول الجرثومة ناتجة عن لسعة بعوضة. تكون الآفات غير حاكة، وتشفى خلال أيام إلى أشهر دون أن تترك تندبًا.

- أما عن مكانها، فبسبب حمل المرء للقط على صدره تحصل معظم الآفات غالبًا في الرأس أو الأطراف العلوية. فيمكن أن تصيب فروة الرأس والجفون والملتحمة.

  • العقد اللمفية:

تتضخم عقدة أو أكثر خلال أسبوعين تقريبًا (بمجال يترواح 5-50 يومًا) بعد الاتصال مع القطة. غالبًا ما يبحث المرضى المصابون بداء خدش القطة عن العناية الطبية بسبب تضخم العقد اللمفاوية الناحي الممض، والذي يتضمن نموذجيًا عقد الإبط والرقبة وعقد تحت الفك السفلي وأمام صيوان الأذن.

العقد المتضخمة: يصاب المريض بتضخم العقد اللمفاوية في عقدة واحدة أو مجموعة من العقد الناحية. تتضمن أكثر من 65% من الحالات إصابة عقد الإبط أو المثلثات الأمامية أو الخلفية للعنق. وقد سجلت الإصابة بتضخم العقد اللمفاوية الإربية في 17% من الحالات.

يحصل تقيح العقد عند 8.5-30% من المرضى. ويتناسب خطر التقيح مع حجم تضخم العقد.

الأعراض الجهازية

يصاب تقريبًا 50% من المرضى أيضًا بأعراض جهازية. والتي يمكن أن تتضمن:

- توعك وتعب (29.4%).

- حمى (28%)، وتزيد عن 38.3 درجة مئوية (101 فهرنهايت).

- قهم (14.5%).

- صداع (13%).

- التهاب الحلق (7%).

- ألم المفاصل (2.5%).

  • الحمى

تكون الحمى – في حال وجدت – منخفضة نموذجيًا. ففي دراسة على 1200 مريض فقط 9% منهم ارتفعت درجة حرارتهم لأكثر من 39 درجة مئوية. ويصاب تقريبًا 32% من المرضى بحمى مطولة، أو بحمى تستمر 3 أسابيع.

أعراض نادرة

- مرض جهازي.

- التهاب رئة غير نموذجي.

- ورم في الثدي.

- حمامى عقدية.

- فرفرية نقص الصفيحات.

ويمكن أن تحصل انتكاسة بعد الشفاء بفاصل 4-20 شهرًا.

داء خدش القطة غير النموذجي

ويتضمن الأعراض التالية:

- متلازمة بارينو العَينِيَّةُ الغُدِّيَّة.

- إصابة الجهاز العصبي المركزي.

- أعراض كبدية طحالية.

- التهاب شغاف القلب.

- التهاب العظم والنقي.

- ألم المفاصل.

- شكاوى تنفسية.

- تظاهرات جلدية.

أعراض حمى الخنادق:

أولا: حمى الخنادق

  • يمكن أن يصاب الجنود الشبان المصابين بحمى الخنادق بـ:

1. صداع.

2. حمى ناكسة.

3. ألم في الساق.

4. طفح جذعي.

5. تضخم طحال.

6. الصداع.

  • تتضمن الأعراض العصبية النفسية الأخرى:

7. الضعف.

8. الاكتئاب.

9. التململ.

10. الأرق.

11. يمكن أن يصاب كثير من مرضى حمى الخنادق بإعياء شديد.

12. تصل الحمى غالبًا حتى 104 فهرنهيات. وترتبط بتوعك وقشعريرة وتعرق.

  • للحمى 3 أنماط متمايزة، وكلٌ منها يرتبط غالبًا مع قشعريرة وتعرق غزير:

- الحمى المجهضة.

- الحمى الناكسة.

- الحمى المستمرة.

13. الألم العظمي.

14. يعد التهاب الملتحمة عرضًا أوليًا شائعًا آخر. الطفح الجذعي الحماموي وتسرع القلب يمكن أن تتطورا أثناء النوبات الحموية. وقد يحصل انقطاع في النفس.

15. كان من الشائع إصابة مرضى حمى الخنادق بلسان مفرى أو مطلي.

16. أصيب بعض المرضى بعجز لمدة أشهر، وبعضهم استمر بأداء نشاطاتهم اليومية، وتعافى بعد مدة قصيرة.

ثانيا: حمى الخنادق المدنية تتصف حمى الخنادق المدنية أيضًا بأحد أو أكثر من الأعراض الموصوفة أعلاه، إلا أنَّ تظاهراتها تميل لتكون أكثر تنوعًا.

من غير الشائع إصابة مرضى حمى الخنادق المدنية بأعراض بطنية وعصبية.

ثالثا: متلازمات مرافقة

  • المرضى المصابين بالتهاب عقد لمفية مزمن عادةً ما يصيب المرض عفدهم اللمفية الرقبية والمنصفية. ولا يصابون بحمى، وقد يكونون لا عرضيين.
  • يتظاهر الورام الوعائي العصبي نموذجيًا مع حطاطة واحدة أو أكثر تتطور لعقيدات، ويمكن أن تنحصر بمنطقة تشريحية واحدة. لكن تميل الآفات عند المرضى منقوصي المناعة لتكون أكثر انتشارًا.

أما المرضى المؤهلين مناعيًا المصابين أيضًا بورم وعائي عصبي لا يصابون بحمى نموذجيًا. المرضى المصابين بالتهاب شغاف القلب بالبرتونيلة الخمسية يصابون بحمى ونفخات.

التشخيص

التلوين

يستخدم الفحص المجهري لمسحات الدم المستخدم فيها تلوين غيمزا لكشف جراثيم البرتونيلة العصوية عند المرضى الذين يشك بإصابتهم بحمى أورويا. تظهر فيه جراثيم مدورة ومنحنية قليلًا مشابهة لجراثيم العطيفة Campylobacter والبوابية Helicobacter.

تشاهد غالبًا هذه الجراثيم ملتصقة مع الكريات الحمر، لكن قد تشاهد أيضًا داخلها.

باقي أنواع البرتونيلة مرئية فقط بصبغة الفضة (مثل ملون وارثين ستاري وشتاينر).

يمكن أن يساعد التلوين المناعي في تشخيص الآفات الباكرة للتظاهرات اللانموذجية لداء خدش القطة.

الزراعة

لا ينصح بزراعة جرثومة البرتونيلة في الحالات الروتينية لتضخم العقد اللمفاوية بداء خدش القطة. وقد يكون الزرع مفيدًا عند المصابين بأعراض أخرى إما بعدوى البرتونيلة الهنسلية أو الخمسية؛ وتتضمن حرارة غير معروفة المنشأ والتهاب العصب البصري والشبكية والتهاب شغاف القلب السلبي على الزراعة والتهاب الدماغ والورام الوعائي العصوي. يتطلب الأمر وسطًا طازجًا لزيادة فرص العزل.

اختبارات مصلية

تفاعل البوليمراز التسلسلي

التصوير

الموجودات النسيجية

تبعًا للمرض والإصابة.

التدبير والمعالجة

تشفى أغلب هذه الحالات تلقائيًا دون الحاجة لاستخدام الصادات الحيوية، وذلك يعتمد على شدة الحالة ونوعها وعلى الجهاز المناعي للمريض. والصادات الحيوية الممكن استخدامها عند الضرورة تتضمن الأريثروميسين والدوكسيسيكلين والأزيثروميسين والكينولونات، وكذلك يستخدم الريفامبين والجنتاميسين.

العلاج الجراحي

قد يكون ضروريًا، خاصة عند تصريف العقد اللمفية المتضخمة المسببة للألم.

المصادر

https://emedicine.medscape.com/article/213169-overview#a6