حمى الجبال الصخرية المبقعة

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

حمى الجبال الصخرية المبقعة Rocky Mountain spotted fever (RMSF)

هي مرض تحمله حشرة القراد للإنسان تسببه جراثيم الريكتسية الريكتسية Rickettsia rickettsia. يتمثل ببقع حطاطي منتشر في الجسم وحرارة، رغم أنَّ هذا المرض قد يكون مميتًا إلا أن علاجه ممكن. ويعد أكثر أمراض الريكتسية عدوى.

يكثر هذا المرض في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. وقد وصف بـ "ذئب متنكر بثوب خروف" وبـ "المقلد العظيم" لعمليات أمراضٍ أخرى. حيث أنَّه بسبب سماته السريرية المتنوعة فكثيرًا ما يختلط مع باقي العداوى.

تعد العلامة المميزة في هذا المرض هي الطفح الحبري، يبدأ بأكف اليدين وأخمص القدمين. الناقلين الأساسيين لهذا الداء في أمريكا الشمالية هما ناخس الجلد لمتبدل (قراد الكلاب) وناخِسُ الجِلْدِ الأَنْدَرسُونِيّ.

وهنالك أنواع أخرى متعددة مختلفة من القراد تنقله أيضًا.

لمحة تاريخية

وصف أول مرة عام 1896. وأول تقرير في الأدبيات الطبية كان عام 1899. وفي عام 1902 مات 7 أشخاص بهذا المرض في وادي بيتيروت. ثم درست 111 حالة في الجزء الغربي من نهر بيتيروت Bitterroot؛ 69% منها كانت حالات مميتة.

وفي عام 1906 وضح ريكتس نقل القراد لحمى الجبال الصخرية المبقعة لخنازيير غينيا، مظهرًا أنَّ العامل المسبب يوجد في دم الإنسان المصاب، ويمكن عزله بالترشيح.

وفي عام 1916 نُشرت ورقتان تصفان أيضًا مظهر الريكتسية الريكتسبة باستخدام صبغة غيمزا. وفي عام 1919 ذكر تقرير أنَّها عوامل ممرضة داخل خلوية، ووصفت الآفة الوعائية الناتجة.

وفي الأربعينات تبين أنَّ الكلورامفنكول والتتراسيكلينات فعالين في علاج هذا الداء.

وقد سجلت 4700 حالة بين عامي 1989 و1996 في 46 دولة. و90% منها حصل بين شهري نيسان وأيلول. أما في عام 2005 فقد سجلت 1936 حالة.

العامل الممرض

العامل الممرض هي جراثيم الريكتسية الريكتسية، وهي جراثيم صغيرة (0.3-1 مكم) سلبية الغرام داخل خلوية مجبرة عصوية مكورة (عصورة). تمتلك بروتينات A وB على الغشاء الخارجي (OmpA وOmpB)، وبروتينات سطحية سائدة مناعيًا وحواتم هيئية.

يعد البروتين OmpB البروتين الأكثر توافرًا على الغشاء الخارجي، ويتشارك بتتاليات جينية ومستضدات محدودة مع الريكتسيات من مجموعة التيفوس.

تصبح حشرة القراد معدية بعد أن تغذى على دم الحيوانات المصابة. ثم تنتقل الريكتسية إلى الإنسان أثناء تغذية الحشرة عليه.

يجب أن تلتصق الحشرة بالمضيف لمدة 6-10 ساعات لتتحرر جراثيم الريكتسية من الغدد اللعابية، رغم أنَّ الانتقال قد لا يحصل قبل مضي 24 ساعة. وبالإضافة لذلك يمكن لهذه العضوية أن تصيب الناس الذين ينزعون الحشرة من على جلد الأشخاص الآخرين أو الحيوانات وذلك عن طريق الاتصال مع أنسجة وسوائل الحشرة.

تنتشر الجرثومة في الجسم عبر الدم والنظام اللمفاوي. وتتراوح فترة الحضانة للعدوى بين 3-12 يومًا، وذلك اعتمادًا على حجم اللقيحة.

الإمراضية

تميل هذه الجراثيم لإصابة الخلايا البطانية التي تبطن الأوعية الدموية، وقدرتها تفوق باقي الريكتسيات في الاختراق في الجسم. تلتصق الجراثيم عن طريق البروتين OmpA بالغشاء البطاني، حيث تحفز الخلايا على ابتلاعها، وحال دخولها الخلايا تتجنب بفعالية تدميرها باليبلوعات، ثم تتضاعف من خلال الانشطار الثنائي في السيتوزول وتنتشر من خلية إلى أخرى مدفوعة بالاستقطاب القطبي لخيوط الأكتين في خلية المضيف، دون أن تسبب حل الخلية.

التأثير الفيزيولوجي المرضي الأساسي لإصابة الخلايا البطانية هو زيادة النفوذية الوعائية، ما ينتج عنه وذمة ونقص في حجم الدم وانخفاض في الضغط ونقص ألبومين الدم. كما تصيب الجرثومة الخلايا العضلية الملساء الوعائية.

يسبب انتشار الريكتسية في الأوعية الدموية إصابات وعائية، ما ينتج عنه استجابة نسيجية لوحيدات النوى. وتتضمن الإصابة الوعائية التهاب رئة خلالي، والتهاب عضلة خلالي، وعقيدات دبقية محيطة بالأوعية في الجهاز العصبي المركزي، مع آفات وعائية مشابهة في الجلد والسبيل الهضمي والبنكرياس والكبد والعضلات الهيكلية والكلى.

يفعل الالتهاب و الضرر اللاحق بالأوعية الدموية والشعيرات الدموية الصفيحات، ويولد الثرومبين، ويفعل نظام حل الفيبرين كجزء من الاستجابة الفيزيولوجية الاستتبابية للجسم نتيجة الأذية البطانية. قد تسبب الريكتسيات نتيجة لذلك تشكل خثرات. وفي الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي التهاب الأوعية الشديد لانسداد الأوعية الصغيرة. حصول التنخر الوعائي والتخثر شائع أكثر في حمى الجبال الصخرية المبعقة مقارنة بالتيفوس، وقد تشابه داء الكولاجين الوعائي.

تعلق الإصابة بالعرق

يصاب الأمريكان البيض بالمرض ضعف الأفارقة الأمريكان، لكن معدل الوفيات عند الأفارقة الأمريكان كان أكثر ارتفاعًا. قد يعود ذلك لصعوبة تقدير ظهور الطفح عند الأشخاص ذوي البشرة الغامقة جدًا.

الإنذار (المآل)

يرتبط معدل الوفيات عند الإصابة بحمى الجبا الصخرية المبقعة بالمعايير التالية:

  • التأخر في التشخيص.
  • التأخر في البدء بالعلاج المناسب بالصدات الحيوية.
  • العمر.
  • العرق.
  • الجنس (الوفيات أعلى عند الذكور).
  • شدة المرض.
  • إدمان الكحول المزمن.
  • الإصابة بعوز أنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجيناز.

معدل الوفيات في الحالات غير المعالجة هو 20-25%. وينخفض حتى 5% عند استخدام العلاج المناسب بالصادات الحيوية، ويصل حتى 70% عند المسنين غير المعالجين.

المضاعفات

الأعراض

  • حمى أكثر من 102 فهرنهايت [39 مئوية] (عند 94% من الحالات المسجلة).
  • حمى خلال 3 أيام بعد عضة القراد (66% من الحالات).
  • صداع يكون شديدًا عادةً (86% من الحالات المسجلة).
  • ألم عضلي.
  • أعراض جهازية (25% من المرضى).
  • أعراض هضمية.
  • صدمة.
  • تخثر وعائي منتشر.
  • انخفاض في الضغط.
  • طفح: ويظهر عند عدد قليل من المرضى في اليوم الأول من العدوى، وعند 49% فقط من المرضى في الأيام الثلاث الأولى. وفي 88-90% من الحالات يظهر الطفح البقعي الحطاطي بعد 2-6 أيام من بداية الحمى، ويتطور على مراحل. ويظهر التوزع التقليدي للطفح في 43% من المرضى فقط بعد اليوم الخامس من الأعراض. أما إصابة اليدين والقدمين معًا بالطفح فيكون عند 49-74% من الحالات. نادرًا ما يصاب الوجه بالطفح. وتشير إصابة الصفن أو الفرج بالطفح لهذا الداء.
  • قد يصاب المريض المصاب بالطفح بسعال غير منتج (33% من الحالات).

الطفح

  • في المراحل الأولى قد يكون الطفح بقعيًا غير حاك عديم اللون. ويصبح عند 45-49% من المرضى حبريًا في النهاية.
  • يغيب الطفح عند 10-15% من الحالات.

الأذنين

يحصل صمم عابر عند 7% من المرضى.

الأعراض القلبية الوعائية

وتتضمن:

  • التهاب عضلة القلب.
  • اضطراب نم القلب (عند 7-16% من المرضى).
  • انخفاض الضغط (7-17% من المرضى).
  • وتعد حمى الجبال الصخرية المبقعة هي المرض الوحيد المنقول بالقراد الذي يمكن أن يسبب مباشرةً فشل قلب احتقاني تالي لالتهاب عضلة القلب (5-26%).

الرئة

تحدث الوذمة الرئوية في الحالات الشديدة. ويحصل التهاب الرئة عند 12-17% من المرضى.

الأعراض الهضمية

  • قهم.
  • مضض وألم بطني: 34-52% من الحالات.
  • يرقان: ويحصل في الحالات الشديدة؛ 8-9% من الحالات.
  • تضخم الكبد (12-15% من الحالات) وتضخم الطحال (14-16% من الحالات).
  • إسهال: 19-20% من الحالات.
  • زيادة مستويات ناقلات أمين الأسبارتات: 36-62% من الحالات.

الأعراض العضلية الهيكلية

تتضمن:

  • ألم عضلي شديد: 72-82% من الحالات.
  • التهاب مفاصل منتشر.
  • وذمة على ظهر اليدين والقدمين؛ وهي علامة مميزة: وتحصل في 18-20% من الحالات.
  • تضخم العقد اللمفاوية: في 27% من الحالات فقط.

أعراض الجهاز العصبي المركزي

  • تململ وهيوجية.
  • تبدل الحالة العقلية: قد تتضمن هذيان ونوام وغيبوبة.
  • رهاب الضوء.
  • التهاب الدماغ والسحايا: تخليط ونوبات وعيوب عصبية بؤرية.
  • التهاب الأعصاب القحفي.
  • سلس برازي أو بولي.
  • فَقْدُ الانْتِظَام.
  • حَالَةٌ سِحائِيَّةٌ.
  • شلل الأعصاب القحفية.
  • فقد السمع.
  • رهاب الضوء.
  • دوار شديد.
  • رثة (عسر التلفظ).
  • حبسة.
  • رَأْرَأَة.
  • شُنَاج (فَرْطُ التَّوَتُّرِ التَّشَنُّجِيّ).
  • ارْتِجافٌ حُزْمِيّ.
  • شلل نصفي أو شلل سفلي أو شلل كامل.

العين

يعد حصول تغيرات في العينين حال الإصابة بهذا المرض منخفضًا، لكن ربما يقلل من تقديره. يمكن أن تتضمن مثل هذه التغيرات التهاب ملتحمة حبري، والتهاب عنبة أمامي.

يتطور استرواء ملتحمي عند 30% من المرضى. وتحدث وذمة ثنائية الجانب.

قد يحصل خلل وعائي شبكي نتيجة حصول نزيف شبكي.

قد تحصل وذمة القرص البصري، وذلك نتيجة الإقفار والالتهاب ووذمة حجاجية نتيجة زيادة الحجم خارج الوعائي.

أعراض إضافية

قد تتضمن:

  • تجفاف: نتيجة الحرارة المرتفعة والإقياء.
  • وذمة معممة.
  • ارتعاشات.

التشخيص

يعتمد لتشخيص أساسًا على المعايير السريرية (الطفح والحرارة والألم العضلي) وعلى الوبائية. وذلك أنَّ التشخيص المختبري غير نوعي وصعب. ومع ذلك فيجب القيام ببعض الفحصوات المختبري.

الفحوصات العامة

  • تعداد كامل للدم: حيث يحصل بدايةً انخفاض في عدد الكريات لابيض، ثم زيادة طفيفة في عددها، ويحصل انخفاض في عدد الصفيحات عند 32-52% من المرضى وقد يحصل في الحالات الشديدة تخثر وعائي منتشر؛ ويصاب 5-24% من المرضى بفقر دم.
  • مستوى الكهرليات: يحصل نقص في صوديوم الدم عند 19-56% من المرضى.
  • اختبارات الوظيفة الكلوية: تزداد مستويات البيلوروبين في 8-9% من المرضى، كما يصاب 12-14% المرضى بفرط آزوت الدم.
  • اختبارات الوظيفة الكبدية: ترتفع قليلًا مستويات ناقلات الأمين عند 36-62% من المرضى.
  • التخثر.

الفحوصات المصلية

يمكن تأكيد التشخيص استنادًا إلى اختبار الأضداد المفلورة المناعية (IFA) أو التراص على اللاتكس أو المقايسة المناعية للأنزيم. وتتطور النوعية المصلية لعدوى الريكتسية الريكتسية خلال 6-8 أسابيع من الإصابة.

زراعة الدم

ممكن عزل الجرثومة من الدم، لكن يحمل الأمر بعض المخاطر. وهو اختبار غير حساس، ذلك أنَّ معظم الريكتسيات تتواجد في الخلايا البطانية الوعائية، وليس في المجرى الدموي.

التصوير

البزل القطني

يجرى عادةً كجزء من العمل المخبري عند الشك بالتهاب السحايا.

تشاهد كثرة الخلايا في السائل النخاعي عند 34-38% من الحالات. وتكون عادةً 10-100 خلية/مكل. كما تشاهد البروتينات في 30-35% من الحالات. أما مستوى الغلوكوز فيكون طبيعيًا.

اختبارات أخرى

يستخدم اخْتِبارُ فايل فيليكس لكشف الأضداد المتقاطعة مع أذداد المتقلبة الاعتيادية OX-2 و OX-19. يفتقر هذا الاختبار للحساسية والنوعية.

يمكن أن يستخدم تخطيط كهربية القلب للتحقق من وجود شذوذات في الوصل القلبي أو في العضلة القلبية.

خزعة الجلد

  • يمكن استخدام الفحص المجهري بالتألق المناعي في حال توافره للقيام بتشخيص نسيجي سريع.
  • بالنسبة للتألق المناعي وصبغة البيروكسيد المتألقة للريكتسية الريكتسية في خزعة الجلد أو عينة العضو فتصل حساسيتها حتى 73% ونوعيتها 100%. ولكن لأنَّ التألق المناعي لديه نسبة إعطاء سلبية كاذبة 30%، فيجب البدء بلاج المريض وإن كانت النتيجة سلبية في حال الشك بالإصابة.

العلاج

الصادات الحيوية

يجب البدء بها بأسرع ما يمكن، وهي تقلل نسبة الوفيات من 20% حتى 5%.

يعد الدوكسيسيكلين هو الصاد الحيوي المفضل لعلاج حمى الجبال الصخرية المبقعة. أما البديل فهو الكلورامفنكول. كما يعالج الدوكسيسيكلين داء لايم وعدوى الإيرليخية والحمى الراجعة، وهي أمراض يختلط تشخيصها مع حمى الجبال الصخرية المبقعة. ويستخدم الدوكسيسيكلين أيضًا لعلاج الأطفال المصابين في أي عمر.

السوائل

في حال التجفاف (قد ينتج عن الحرارة والإقياء) يجب إمداد المريض بالسوائل؛ وقد يحتاج لتركيب قثطرة سوان غانتس.

في الحالات الطارئة

معالجة داعمة مباشرة، تتضمن دعم هوائي وسوائل وريدية تبعًا لشدة وحالة المريض.

المصدر

https://emedicine.medscape.com/article/228042-medication#1