المتفطرة السلية

من موسوعة العلوم العربية
مراجعة 09:27، 18 نوفمبر 2017 بواسطة كنان الطرح (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' {{فضل الكاتب الرئيسي|د. جاد الله السيد محمود}} '''المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis''' يعد داء السل...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis يعد داء السل من أقدم الأمراض البشرية المعروفة، وأحد أهم أسباب الوفيات، حيث يحصد سنويًا مليوني إنسان. ورغم وجود لقاحات ضد هذا المرض وعلاجات مناسبة إلا أن انتشاره في ازدياد.

الناحية الميكروبيولوجية

يسبب هذا الداء جراثيم المتفطرة السلية، والتي تنتمي لجنس المتفطرات، وهي عصيات طويلة أسطوانية غير متحركة لا تشكل أبواغًا. يختلف جدارها عن جدر باقي أنواع الجراثيم في أنَّه مكون من الشحوم بنسبة 60%، بما فيها صنف فريد ذو سلسلة طويلة (75-90 ذرة كربون في الجزيء). وحموض دسمة كحولية (حموض الميكوليك).

تشكل هذه الحموض الدسمة مع عدد متنوع من الببتيدات وعديدات السكريد معقدات، مكونةً سطحًا شمعيًا على الخلية، ما يفسر صفاتها الصامدة للحمض. وتجعلها جدرانها الخلوية غير الاعتيادية هذه محصنة ضد كثير من المطهرات الكيميائية، وترجع له مقاومتها للفعل الأكالي للقلويات والحموض القوية. وقد استفيد من هذه الحقيقة في إزالة التلوث من العينات السريرية، مثل عينات المخاط، حيث يمكن القضاء على الكائنات غير المتفطرة باستخدام بعض العلاجات.

تلوينها

يجري تلوين الجراثيم الصامدة للحمض بأن يسكب فوقها ملون كَرْبولُ فُوكْسين الأحمر ثم تسخن لتمكين الصبغة من اختراق الجدار. ثم يُصب الكحول الحمضي (95% إيثانول مع 3% حمض كلور الماء) على المسحة، ثم يُطبق أزرق الميثيلين. لا يتحلل جدار الخلية الشحمي للمتفطرة عند تطبيق الكحول الحمضي، ولذا لا يُزال أحمر الفوكسين منه. فتظهر هذه الجراثيم حينها باللون الأحمر. بينما تظهر باقي الجراثيم باللون الأزرق (بسبب أزرق الميثلين).

كما أنَّ المتفطرات مقاومة للجفاف، لكنها غير مقاومة للحرارة أو الأشعة فوق البنفسجية أو الإشعاع.

ومن أهم الحموض الدسمة فيها:

حمض الميكوليك Mycolic acid

  • الميكوزيد Mycoside: هو حمض ميكوليك يرتبط بجزيئة سكرية مشكلًا ليبيد سكري.

عامل تشكل الحبال Cord factor: هو ميكوزيد يتشكل باتحاد جزيئتين من حمض الميكوليك مع سكريد ثنائي. ويشاهد فقط في السلالات المفوعة للمتفطرة السلية. وهو يثبط هجرة العدلات، ويسبب أذية للميتوكندريا أيضًا. وسبب حقنه في الفئران إنتاج عامل النخر الورمي، ما أدى إلى خسارة سريعة في الوزن.

  • السلفاتيدات Sulfatides: هي ميكوزيدات تشابه عامل تشكل الحبال، مع سلفات مرتبطة بالسكر الثنائي. تثبط اندماج اليبلوع باليحلول الحاوي على الأنزيمات القاتلة للجراثيم.
  • الشمع D Wax D: وهو ميكوزيد معقد يعمل كمساعد (يحسن تشكل الأضداد للمستضدات). وقد يكون جزءاً من مرض السل بتفعيل الجهاز المناعي الخلوي.

المتفطرة جرثومة هوائية تمامًا. وتنمو معظم الأنواع ببطء، فيتراوح زمن الجيل بين 8 حتى 24 ساعة. ويحتاج ظهور مستعمرات مرئية بالعين لـ 6 أسابيع من الزراعة.

تنتمي المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis complex لما يعرف بمعقد المتفطرات السلية، ومنها:

  • المتفطرة الأفريقية Mycobacterium africanum.
  • المتفطرة العكبرية Mycobacterium microti.
  • المتفطرة الكانتية Mycobacterium canetti.
  • المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis.
  • المتفطرة البقرية Mycobacterium bovis.
  • المتفطرة الأوريجس Mycobacterium orygis.
  • Mycobacterium caprae.
  • Mycobacterium pinnipedii.
  • Mycobacterium suricattae.
  • واكتشفت مؤخرًا Mycobacterium mungi.

وتسمى جرثومة السل باسم عصية كوخ، نسبةً لعالم الأحياء الدقيقة الألماني روبرت كوخ، والذي عزلها عام 1882 م.

الإمراضية

بعد استنشاقها تصل المتفطرة للأسناخ الرئوية، حيث تتضاعف في الظهارة الرئوية أو البالعات.

خلال 2-4 أسابيع يدمر جهاز المناعة كثيرًا منها. إلا أنَّ بعضها ينجو وينتشر في المجرى الدموي لمواقع خارج الرئة. وتعتمد فوعتها على قدرتها على النجاة والنمو ضمن خلايا المضيف.

رغم أنَّ الجرثومة لا تنتج ذيفانات مدمرة، إلا أنَّه عندما تغلفها البالعات تثبط السلفولبيدات الجرثومية اندماج الحويصلات البالعة مع الجسيمات الحالة. وتعدُّ قدرة المتفطرة السلية على النمو حتى في البالعات المفعلة مناعيًا وبقاؤها حية ضمن المضيف لعقود صفةً فريدة لها.

المناعة: تحفز المتفطرة السلية كلًا من الاستجابة المناعية الخلطية والمتواسطة بالخلايا.

تتطور المناعة الخلوية (الخلايا التائية CD+4) وتفاعل فرط التحسس المتأخر المرافق ضد عدد من المستضدات البروتينية الجرثومية في مساق العدوى، ويقومان بدور في الإمراضية والمناعة ضد المرض أيضًا. حيث أنَّه عندما تصادف الخلايا التائية مستضداتها الهدف تحرر لمفوكينات تقوم بجذب البالعات وتفعلها عند وصولها، فتقوم هذه البالعات بالقضاء على الجرثومة. وخلال هذه المرحلة تتسبب البالعات بتدمير موضعي وتنخر لأنسجة الرئة. وتصبح هذه الأنسجة المتنخرة أشبه بقطع جبنة حبيبية، وتدعى تنخر جبني caseous necrosis. ثم تحاط هذه التنخرات بالبالعات، والأرومات الليفية والكولاجين، ثم تتكلس وتدعى بؤرة غون.

تسبب عصية السل مجموعة من الأمراض، حيث تصيب:

  • الرئتين: مسببةً ما يعرف بالسل الرئوي، والذي قد يترافق مع سعال مدمى.
  • السحايا: مسببةً التهاب السحايا السلي.
  • العظام: مسببةً السل الهيكلي والذي يترافق مع مشاكل في الظهر أو الأطراف السفلية أو المفاصل.
  • الجهاز التناسلي البولي.
  • السل المعدي المعوي.

طرق تشخيصها

  1. اختبار السلين الجلدي: يستخدم فيه مشتق بروتيني نقي (PPD)، ويظهر العدوى النشطة أو الخاملة: وهو اختبار يعتمد على نمط فرط الحساسية المتأخرة، ينتج مكان حقن البروتين تورم واحمرار في حال الإيجابية، وتؤخذ نتيجته بعد 48 ساعة عادةً، قد يعطي نتيجة إيجابية كاذبة في حال كان المريض قد أخذ لقاح BCG للسل. أما النتيجة السلبية الكاذبة فتكون عند المرضى المفتقرين لرد فعل مناعي طبيعي نتيجة استخدام السيترويدات أو سوء التغذية أو المصابين بالإيدز أو غير ذلك، ولتمييز هؤلاء تعطى حقنة ثانوية (من مستضدات المبيضات البيض أو مستضدات النكاف) في اليد الأخرى، حيث أنَّ معظم الناس قد تعرضوا لها مسبقًا فيجب أن يظهروا نتيجة إيجابية لها أيضًا.
  2. فحص دم في الزجاج: يقوم على مقايسة تحرر الإنترفيرون غاما باستخدام مستضدات نوعية للمتفطرة السلية للعدوى الكامنة.
  3. مسحة لإظهار الجراثيم الصامدة للحمض وزراعتها: تؤخذ العينة من قشع المريض، وغياب نتيجة إيجابية لا ينفي الإصابة بعدوى سل نشطة؛ وتعد هذه الطريقة الاختبار الأكثر نوعية للسل.
  4. اختبار مصلي لفيروس العوز المناعي البشري عند جميع المرضى المصابين بالسل: وذلك لأن المصابين به يزيد خطر إصابتهم بالسل.
  5. البقعة المناعية النوعية المرتبطة بالأنزيم (ELISpot) Specific enzyme-linked immunospot .
  6. اختبار تضخيم الحمض النووي.
  7. زراعة الدم: يجب أن تتبع النتائج الإيجابية للزراعة اختبار حساسية للصادات الحيوية، فالأعراض والموجودات المأخوذة من الصور الشعاعية لا تفرق بين السل المقاوم والسل الحساس للأدوية، وتتضمن مثل هذه الاختبارات (اختبارات الحساسية للصادات):
  8. تحليل تسلسل الحمض النووي المباشر.
  9. اختبار جزيئي آلي.
  10. مقياسات الآغار على طبقة رقيقة، والحساسية للأدوية الملاحظة بالمجهر.
  11. اختبارات سريعة إضافية (مثل تفاعل سلسلة الليغاز).
  12. الحصول على صورة شعاعية للصدر للتقيم، وذلك عند المرضى ذوي الموجودات الرئوية. ومما قد يظهر فيها:
  • تشكل تجاويف: يشير لعدوى متقدمة، مرتبطة بحمل جرثومي عالٍ.
  • ارتشاح مدور غير متكلس: يمكن أن يختلط تشخيصه مع سرطان الرئة.
  • عقيدات متكلسة متجانسة (بقطر 5-20 ملم عادةً): أورام سلية، تمثل عدوى قديمة.
  • السل الأولي: يظهر عادةً شبيه بالتهاب الرئة بعملية ارتشاحية في المناطق السفلية والوسطى من الرئة.
  • السل المستنشط: يظهر آفات رئوية في القطع الخلفية من الفص العلوي الأيمن، والقطعة الخلفية القمية للفص العلوي الأيسر، والقطع القمية للفصوص السفلى.
  • السل المترافق مع داء العوز المناعي البشري المكتسب: يظهر عادةً آفات غير نموذجية، أو موجودات طبيعية في الصور الشعاعية الصدرية.
  • السل الكامن بعد الشفاء: يظهر عقيدات رئوية كثيفة في الفصوص العلوية والنقيرية؛ وعقيدات أصغر في الفصوص العلوية.
  • السل الدخني: يظهر آفات عقيدية صغيرة كثيرة العدد.
  • السل الجنبي: قد يظهر دُبَيلَة (تَجَمُّعٌ قَيحِيٌّ في جَوفٍ) وانصبابات جنبية.

العلاج

الأدوية المستخدمة عادةً لعلاج السل:

راجع مقال داء السل لمعرفة المزيد عن العلاج.

المصادر

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4788904/

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC164219/

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/24450600

http://emedicine.medscape.com/article/230802-overview?pa=YxcUnkd9CApHkiy1dhbc44OZN5NffN0kU2%2FrNA%2FF5arjjJlBDBgB8CfaYGsarlSKX8MwC0EECwzp432Skuf9qw%3D%3D#showall