سرطان الجلد
سرطان الجلد
نظرة عامة
هي السرطانات التي تنشأ بسبب نمو خلايا جلدية شاذة لها القدرة على الغزو والانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم. وهي ثلاثة أنواع رئيسة:
- سرطان الخلايا القاعدية.
- سرطان الخلايا الحرشفية.
- الأورام الميلانينية.
يطلق مصطلح السرطانات الجلدية غير الميلانينية على النوعين الأول والثاني معاً بالإضافة إلى بعض الأنواع الأخرى من سرطانات الجلد الأقل شيوعاً. ينمو سرطان الخلايا القاعدية ببطء، وقد يؤذي الأنسجة المحيطة به، إلا أنه من غير المرجح أن ينتشر إلى مناطق بعيدة في الجسم أو أن يسبب الموت. غالباً ما يظهر هذا السرطان كمنطقة مرتفعة من الجلد غير مؤلمة، قد تكون لامعة مع أوعية دموية صغيرة تمر من فوقها، أو من الممكن أن يظهر كمنطقة مرتفعة من الجلد يصاحبها تقرح. بينما سرطان الخلايا الحرشفية فهو أكثر قدرة على الانتشار إلى أماكن أخرى من الجسم وغالباً ما يظهر ككتلة صلبة متقشرة من الأعلى وقد يتقرح أيضاً. أما الأورام الميلانينية فهي أكثر أورام الجلد عدائية على الإطلاق. من علامات الورم الميلانيني منطقة غامقة من الجلد(شامة أو تسمى الخال) تغيرت بعض خصائصها من حجم، أو لون، أو شكل، أو أصبحت حوافها غير منتظمة، أو أصبحت تحوي أكثر من لون (أسود وبني مثلاً)، أو بدأت تنزف أو تسبب حكة. إن أكثر من 90% من حالات الميلانوما كانت بسبب التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية علماً أن التعرض لهذه الأشعة يزيد من خطر الإصابة بجميع أنواع سرطانات الجلد الثلاثة المذكورة سابقاً ولقد ازداد التعرض لهذه الأشعة بعد أن أصبحت طبقة الأوزون أكثر رقة. يشكل التعرض لهذا النوع من الأشعة خلال مرحلة الطفولة خطراً كبيراً إذ يؤهب للإصابة بسرطان الخلايا القاعدية والأورام الميلانينية بينما يعد مجموع التعرض الكامل لها بغض النظر عن المرحلة العمرية، مؤهباً للإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية بشكل خاص. ينشأ حوالي 20% إلى 30% من الأورام الميلانينية من الشَّامات. إن الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة هم أكثر عرضة للإصابة من غيرهم بالإضافة إلى الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة كنتيجة لتناولهم أدوية تعمل على إضعاف جهاز المناعة أو كالمصابين بمرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).
يتم تشخيص المرض عن طريق أخذ خزعة من مكان الورم. ويعتبر استخدام الواقي الشمسي لحجب الأشعة الشمسية، بالإضافة إلى التقليل من التعرض للأشعة فوق البنفسجية طرقاً فعالة لمنع الإصابة بالأورام الميلانينية وسرطانات الجلد الحرشفية. لكن لم يبد حجب أشعة الشمس باستخدام المراهم الواقية من الشمس أي تأثير في التقليل من خطر الإصابة بسرطانات الجلد القاعدية. إن الأورام غير الميلانينة عادةً ما تكون قابلة للشفاء التام. وبشكل عام تتم معالجة أورام الجلد إما بإزالتها جراحياً، أو عن طريق المعالجة الشعاعية أو باستخدام أدوية موضعية مثل: الفلورويوراسيل.
قد تتضمن معالجة الاورام الميلانينية أكثر من علاج معاً، من جراحة، وعلاج كيميائي، وعلاج بالأشعة، بالإضافة إلى المعالجة المستهدفة. أما عن هؤلاء الأشخاص الذين تمكن السرطان وانتشر إلى عدة مناطق من أجسادهم، فإن الرعاية المُلَطِّفة قد تحسن نوعية حياتهم وجودتها.
تعد الأورام الميلانينة واحدة من أعلى السرطانات نسبة من حيث معدل البقيا من بين السرطانات الأخرى، حيث صارع 85% من سكان الدولة المتحدة و90% من سكان الولايات المتحدة هذا المرض وتمكنوا من العيش معه لأكثر من 5 سنوات.
وبائيات المرض وانتشاره
على الصعيد العالمي، يعد سرطان الجلد أحد أكثر أنواع السرطانات شيوعاً، حيث يشكل 40% على الأقل من حالات السرطان عموماً ويشيع عند ذوي البشرة فاتحة اللون أكثر من ذوي البشرة السمراء. ويعد سرطان الخلايا غير الملانينية أكثر شيوعاً من بقية سرطانات الجلد الأخرى، حيث يسجل ما معدله 2-3 مليون حالة لكل سنة على الأقل. يعتبر هذا الرقم قريباً جداً من النسبة الحقيقية لكن بالرغم من ذلك لا توجد إحصاءات كافية تفي بالغرض. يشكل سرطان الخلايا غير الملانينية (80% من سرطانات الخلايا القاعدية، و20% من سرطانات الخلايا الحرشفية) من السرطانات التي من النادر ما تؤدي إلى الموت.
في الولايات المتحدة الأمريكية كانت نسبة الحالات التي توفيت بسبب هذا النوع من السرطانات أقل من 0.1% من مجموع وفيات مرضى السرطان. ففي عام 2012 سجلت 232000 حالة ورم ميلانيني حول العالم، 55000 منهم ماتوا نتيجة لهذا السرطان. تمتلك أستراليا ونيوزيلاندا النسب الأعلى للأورام الميلانينية بين البلدان الأخرى من العالم. أصبحت أنواع سرطان الجلد الثلاثة الرئيسة أكثر شيوعاً في ال 20 إلى 40 سنة الأخيرة، خاصة في بلاد القوقاز.
التصنيف
يوجد ثلاثة أنواع رئيسة من سرطان الجلد: سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية، والأورام الميلانينية الخبيثة.
سرطان الخلايا القاعدية Basal cell carcinoma
تظهر سرطانات الخلايا القاعدية في المناطق الأكثر تعرضاً لأشعة الشمس، خاصةً في الوجه. من النادر أن تنتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم وتتسبب بموت المريض. يعالج هذا النوع من السرطانات بسهولة جراحياً أو باستخدام العلاج الشعاعي. لاحظ في الصورة التالية الشفافية اللؤلؤية واللون اللحمي، والأوعية الدموية الصغيرة الموجودة على سطح البشرة، وجود التقرح في بعض الأحيان الذي يعد من الخصائص المميزة لهذا السرطان. العلامة المميزة هنا هي الشفافية.
سرطان الخلايا الحرشفية Squamous Cell Carcinoma
يطلق مصطلح سرطان الخلايا الحرشفية على الورم الظهاري الخبيث الذي ينشأ بشكل أساسي من طبقة البشرة من الجلد أو من الغشاء المخاطي الحرشفي أو من المناطق التي حدث بها حُؤول (Metaplasia) حرشفي. بالعين المجردة، يكون الورم مرتفعاً، مُتَفاطِر، أو من المحتمل أن يكون به تقرحات مصاحبة بحواف غير منتظمة. أما مجهرياً، تكون خلايا الورم قد دمرت الغِشاءُ القاعِدِيّ وكونت صفائح أو كتل كثيفة لها القدرة على غزو النسيج الضام السفلي (طبقة الأدمة). تكون خلايا الورم في السرطانات جيدة التمايز متعددة الأشكال، لا نموذجية، لكن بالرغم من ذلك تبقى شبيهة بالخلايا المتقرنة الطبيعية الموجودة في طَبَقَةُ الخَلاَيا الشَّائِكَة (كبيرة، متعددة الأضلاع، مصاحبة لخلايا أيُوزِيْنِيّة (وردية) السيتوبلازما، وافرة العدد، نواتها مركزية) إن عملية التخلص منهم مشابهة لتلك التي تحدث في طبقة البشرة الطبيعية؛ بدايةً خلايا قاعدية غير ناضجة موجودة عند الحافة، ثم تصبح أكثر نضجاً كلما اقتربت إلى مركز الكتلة السرطانية. تتحول خلايا الورم إلى خلايا حرشفية متقرنَّة، مكونةً بذلك عقد مدورة مصاحبةً إياها طبقات صفحائية مركزية تسمى "أعشاش خلوية" أو " لآلئ كيراتينية/ظِهارية".
ويكون السدى المحيط قليل الحجم ويحتوي على رشح التهابي (خلايا لمفاوية). تحتوي سرطانات الخلايا الحرشفية ضعيفة التمايز على خلايا متعددة الأشكال بشكل أكبر ولا يوجد بها تقرُّن. يعد سرطان الخلايا الحرشفية شائعاً نوعاً ما إلا أنه ليس أكثر شيوعاً من سرطان الخلايا القاعدية، لكنه ينتقل إلى مناطق أخرى من الجسم بشكل أكبر منه. وبالرغم من ذلك، يعتبر معدل انتقاله قليلاً نوعاً ما، باستثناء حالات معينة، كحالات سرطان الخلايا الحرشفية التي تظهر في الشفاه، أو الأذن، أو في الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة. ومن الشائع أن يظهر أحمر اللون كما في الصورة التالية ومكسواً بالجلبات (أي المكسو بقشرة جافة صفراء اللون)، أو لطخة متقشرة، أو نتوء أو تحدب وغالباً ما يكون ورماً سريع النمو.
الأورام الميلانينية الخبيثة Melanoma
وهي الأقل حدوثاً بين الأنواع الثلاثة الشائعة لسرطان الجلد وغالباً ما تنتقل إلى أماكن أخرى من الجسم ومن الممكن جداً أن تؤدي إلى الموت بعد انتشارها في الجسم. المظهر الشائع لها هي منطقة من الجلد غير متماثلة، ذات حواف غير منتظمة، يوجد بها تنوع واختلاف في اللون، غالباً ما يكون قطرها أكثر من 6 مم كما يظهر في الصورة التالية:
الأنواع الأخرى
تتضمن سرطانات الجلد الأخرى الأقل شيوعاً:
- ساركومةٌ لِيفِيَّةٌ جِلْدِيَّةٌ حَدَبِيَّة
- سرطان خلايا مِرْكل
- ساركومة كابوسي
- الوَرَمٌ الشائكِيٌّ المُتَقَرِّن
- أورام الخَلاَيا المِغْزَلِيَّة
- السَرَطانَات الزُهْمِيَّة
- سرطان التَّكَيُّساتِ الدَّقيقَة للمُلْحَقاتِ الجِلْدِيَّةِ
- داء باجيت في الثدي
- وَرَمٌ أَصْفَرُ لِيفِيّ لانموذجي
- ساركومةٌ عَضَلِيَّةٌ مَلْسَاء
- ساركومةٌ وِعَائِيَّة.
الآلية الإمراضية لسرطانات الجلد
تحمل كل من سرطانات الخلايا القاعدية، سرطانات الخلايا الحرشفية طفرة من الأشعة فوق البنفسجسة (UV-signature) التي تشير إلى أن هذه السرطانات تحدث بسبب الأشعة فوق البنفسجية بيتا عن طريق إلحاقها ضرراً مباشراً بالحمض النووي منقوص الأكسجين (DNA)، أما الأورام الميلانينة الخبيثة فتحدث بشكل أساسي بسبب التعرض لأشعة ألفا فوق البنفسجية، التي تؤذي الحمض النووي منقوص الأكسجين أو ما يعرف بال (DNA) بشكل غير مباشر، ينتج هذا الضرر بسبب ما يعرف بالجذور الحرة وأنواع الأكسجين التفاعلية. تشير الأبحاث إلى أنه ينتج عن امتصاص البشرة لثلاثة مكونات تركيبية لمستحضرات الواقية من الشمس مصاحبةً إياها تعرضها للأشعة فوق البنفسجية لمدة 60 دقيقة، زيادة في عدد الجذور الحرة الموجودة في البشرة، إذا تم استخدامها بكميات بسيطة جداً أو بشكل غير متكرر.
بالرغم من ذلك، وجد الباحثون أن المستحضرات الواقية من الشمس الحديثة لا تحتوي في الغالب على هذه النوعية من المركبات، وعليه فإن عملية مزج المكونات الأخرى مع هذه المركبات تميل إلى جعل هذه المركبات باقية على سطح الجلد. وقالوا أيضاً أن إعادة التطبيق والاستخدام المتكرر لها يقلل من خطورة تكوين هذه الجذور الحرة.
الأعراض والعلامات
يوجد تنوع كبير في الأعراض المختلفة لسرطان البشرة، لكن هناك أعراض عامة مشتركة لمختلف أنواعه منها: وجود تغيرات في الجلد الذي لا يشفى من الجروح، وجود تقرحات في الجلد، تغير في لون الجلد، بالإضافة إلى حدوث تغيير إما في الخيلان (جمع خال وهي الشامة أو الحسنة) الموجودة سابقاً، كأن تصبح حوافها أكثر خشونة وذات تضاريس أو أن يزيد حجم الخال.
الصفات النوعية لكل نوع من أنواع سرطان الجلد:
سرطان الخلايا القاعدية
يظهر على شكل جزء من الجلد مرتفع، ناعم الملمس، نتوء أو تحدب لؤلؤي اللون، في المناطق المعرضة لأشعة الشمس من البشرة، كالرأس، والرقبة، والأكتاف. في بعض الأحيان يمكن رؤية بعض الأوعية الدموية ويطلق على هذه الحالة؛ توسع الشعيرات الدموية، داخل الورم نفسه، عادةً ما يحدث تقشير مُجَلِّب (مغطى بالجلبات)، ونزيف في منتصف الورم. وفي معظم الأحيان يتم تشخيص هذه السرطنات بشكل خاطئ، على أنها قرحٌ لا يُشفى. يعتبر هذا النوع من سرطانات الجلد، السرطان الأقل ميتةً، ومع المواظبة على العلاج الصحيح يمكن الشفاء منه تماماً، دون بقاء ندبات في معظم الأحيان.
سرطان الخلايا الحرشفية
غالباً ما يظهر هذا النوع من السرطان، كلطخة سميكة، حمراء اللون، متقشرة، في الجزء المتعرض للشمس من البشرة. بعضها يكون على شكل عقدة صلبة قليلاً ومتماسكة تكون على شكل قبة تسمى وَرَمٌ شَائكِيٌّ مُتَقَرِّن. من الممكن حدوث التقرحات أيضاً، إذا ترك هذا النوع من السرطانات من غير علاج، قد يؤدي ذلك إلى أن يصبح كتلة كبيرة الحجم. يعتبر سرطان الخلايا الحرشفية ثاني أكثر سرطان جلدي شيوعاً. كما يعتبر خطراً نوعاً ما، لكن لا يصل إلى درجة خطورة الأورام الميلانينة الخبيثة.
الأورام الميلانينة الخبيثة
تكون أغلب الاورام الميلانينية عادةً من مختلف درجات اللون البني إلى اللون الأسود، لكن هناك القليل منها ما يكون وردي اللون، أحمر أو لحمي، يطلق عليهم الأورام الميلانينية غير الميلانينية وتميل لأن تكون عدائية أكثر. تشمل العلامات التحذيرية للإصابة بالأورام الميلانينية الخبيثة وجود تغيير في حجم أو شكل أو لون الخال (الشامة)، أو أن يتغير ارتفاعه عن مستوى الجلد. ومن العلامات أيضاً ظهور شامة جديدة خلال مرحلة الرشد أو أن تصبح الشامة مؤلمة، يسبب الحكة، فيه تقرّح أو احمرار – احمرار فيه أو فيمن حوله. توجد كلمة تساعد على حفظ هذه العلامات تستخدم بشكل كبير وهي (ABCDE) حيث يدل: حرف A: يشير إلى كلمة (Asymmetrical) وتعني غير متماثل. حرف B: يشير إلى كلمة (Borders) وتعني الحواف، حيث تكون غير منتظمة يطلق على هذه العلامة اسم علامة ساحل مير (Coast of Maire sign). حرف C: يشير إلى كلمة (Color) حيث يكون اللون متعدد ومتنوع. حرف D: يشير إلى كلمة (Diameter) وتعني القطر، حيث يكون أكبر من 6 مم؛ أي بحجم ممحاة قلم رصاص. حرف E: يشير إلى كلمة (Evolving) وتعني تطور أي جديد.
أخرى
تعرّف خلايا مَرْكل السرطانية بإنها سرطانات تنمو بسرعة غالباً، حيث تكون على شكل منطقة من الجلد محمرة او أرجوانية اللون، تسبب الألم عند الضغط عليها، أو ممكن أن تكون نتوء تغير لونه غير مؤلم أو لا يسبب الحكة. يمكن أن تُشخص بشكل خاطئ على أنها كيس أو نوع سرطاني آخر.
الأسباب
يعد التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية السبب الأساسي لسرطان الجلد. تشمل الأسباب الأخرى التي تلعب دوراً في الإصابة بسرطان الجلد ما يلي:
- تدخين التبغ والسجائر.
- الإصابة بعدوى فيروس ال HPV (فيروس الورم الحليمي البشري) التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية.
- بعض المتلازمات الوراثية مثل متلازمة الوَحْمَةٌ ميلانينيَّةُ الخلايا الخَلقية (congenital melanocytic nevi syndrome) التي تتسم بوجود الوحمة (الشامة أو عَلامَةٌ خِلْقِيَّةٌ على الجَسَد) ذات الحجم المختلف، حيث توجد إما منذ الولادة أو تظهر بعد 6 أشهر من الولادة. عندما تكون الوحمة أكبر من 20 مم تصبح عرضة بشكل أكبر لأن تتحول إلى خلايا سرطانية.
- الجروح المزمنة التي لا تشفى، ويطلق عليها تقرحات Marjolin بالاعتماد على مظهرها، ومن الممكن أيضاً أن تتطور لتصبح سرطان خلايا حرشفية.
- الإشعاعات المؤيَّنة، المواد البيئية المسرطنة، الإشعاعات فوق البنفسجية الصناعية –كأسِّرة التسمير على سبيل المثال- التقدم بالعمر، أصحاب البشرة فاتحة اللون. يعتقد أن أسِّرة التسمير هي السبب لحدوث مئات الآلاف من إصابات سرطان الخلايا القاعدية والحرشفية. تعمل منظمة الصحة العالمية (WHO) على وضع مستخدمي تلك الأسرة الصناعية للتسمير ضمن قائمة الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الجلد.
- إن استخدام الأدوية المثبطة للمناعة يزيد من خطورة الإصابة بسرطان الجلد، من الإمثلة على تلك الأدوية: سيكلوسبورين أ (Cyclosporin A)، وهو دواء مثبط للكالسينورين (Calcineurin) يزيد من خطر الإصابة حوالي 200 مرة، بينما يزيد الأزاثيوبرين (Azathioprine) الخطر إلى 60 مرة.
الوقاية
إن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس فعال جداً، وموصى به لمنع حدوث الأورام الميلانينية وسرطان الخلايا الحرشفية أما سرطان الخلايا القاعدية فلا توجد اثباتات علمية كافية تشير إلى مدى فعالية تلك المستحضرات في منع حدوثه. من الأدوات والأجهزة الأخرى المستخدمة لتقليل معدل سرطان الجلد ما يلي: تجنب حروق الشمس، ارتداء النظارات الشمسية والقبعات، محاولة تجنب التعرض لأشعة الشمس، أو تجنب التعرض لأشعتها في أوقات الذروة. توصي فرقة العمل الوقائي في الولايات المتحدة (The U.S. Preventive Services Task Force) الأشخاص بأعمار تتراوح بين 9-25 سنة بأن يتجنبوا التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
يمكن تقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد باتباع عدة إجراءات، ومنها:
- تقليل عمليات التسمير الداخلية.
- تقليل التعرض لأشعة الشمس في وضح النهار، استخدام مستحضرات الواقية من الشمس بشكل أكثر بالإضافة إلى تجنب استخدام منتجات التبغ.
لا توجد دلائل علمية كافية تدعو إلى الفحص الدوري للتحري عن سرطان الجلد. وُجد أن تناول الفيتامينات المدعمة ومضادات الأكسدة المكملة ليس لها أي تأثير في الوقاية من سرطان الجلد.
أما الأدلة العلمية على وجود فائدة من اتباع نظام غذائي للتقليل من سرطان الجلد لا تزال أولية ولا يمكن البت بها.
العلاج
يعتمد علاج سرطان الجلد على نوعه، ومكانه، وعمر المصاب، وما إن كان السرطان أولياً أو ناكساً، بالإضافة إلى أن المعالجة تُحدد بشكل رئيسي بالاعتماد على النوع الدقيق لسرطان الجلد؛ فمثلاً إذا أصاب سرطان الخلايا القاعدية صغير الحجم شخصاً فتيَّ العمر، يكون العلاج الذي يحصِّل أعلى معدلات الشفاء في هذه الحالة هو جراحة موس (mohs surgery) أو ممكن أن يعالج باستخدام CCPDMA) complete circumferential peripheral and deep margin assessment) - أي التقييم المحيطي الكامل للحافة العميقة والهامشية- أما في حالة الشخص المتقدم في العمر، الهَرِم، الذي يعاني من مشاكل صحية معقدة وكثيرة، فإنه من الصعب استئصال سرطان الخلايا القاعدية الموجود في أنفه، لذلك قد يلجأ للعلاج بالأشعة (معدل الشفاء أقل بقليل) أو قد لا يُتخذ أي إجراء علاجي لتلك الحالة. قد يُوصف العلاج الكيميائي الموضعي لمعالجة سرطان الخلايا القاعدية السطحية كبيرة الحجم، لنتائج تجميلية أفضل، لكن قد يكون ذلك علاجاً غير كافي أن كان لمعالجة سرطان الخلايا القاعدية العقدي الغزوي، أو سرطانات الخلايا الحرشفية الغزوية.
بشكل عام، تستجيب الأورام الميلانينة بشكل ضعيف سواء للعلاج بالأشعة أو العلاج الكيميائي. إن استخدام كل ما سيلي ذكره (للمريض الذي يحمل مرضه معدل خطورة قليل) ، يسهم في إعطاء القدرة على التحكم والسيطرة بشكل جيد على المرض، مثل: علاج الأشعة (العلاج بالإشعاع الخارجي أومَعالَجَةٌ كَثَبِيَّة – وهو تعبير يستعمل في المعالجة الشعاعية التي تستخدم الأشعة المؤينة حيث يوضع المصدر الشعاعي على مسافة قصيرة من الجسم أو العضو المُعَالَج)، العلاج الكيميائي الموضعي (imiquimod or 5-fluorouracil) والمُعالَجَةٌ بالتبَريْد (تجميد السرطان)، ولكن معدل الشفاء الناتج عن استخدامهم قد يكون أقل من ذلك الناتج عن استخدام بعض أنواع الجراحة، إن طرق العلاج الأخرى كالعلاج المُتَقَوٍّ بالضَّوْء ، العلاج الكيميائي الموضعي، التَجْفيفٌ الكَهْرَبِيّ والكشط، قد يتم طرحها خلال جلسات النقاش العلاجية لسرطانات الخلايا القاعدية والحرشفية. جراحة موس بالتصوير المجهري (Mohs' micrographic surgery) هي تقنية علاجية تستخدم لإزالة السرطان وأقل كمية ممكنة من الأنسجة المحيطة به، والتأكد ما إذا كانت خالية من أي خلايا ورمية فيها، تقدم هذه الخطوات الفرصة لإزالة أقل ما يمكن من الأنسجة، للحصول على أفضل نتائج تجميلية ممكنة ومرغوبة. إن لهذا الأمر أهمية كبيرة خاصة في مناطق الجلد التي تكون فيها الكمية الممكن استئصالها محدودة، كتلك التي تكون في الوجه على سبيل المثال. ولكن تبقى معدلات الشفاء متساوية للاستئصالات الواسعة. يتطلب تطبيق هذه التقنية تدريباً خاصاً.
تعتبر CCPDMA وسيلة علاجية بديلة لجراحة موس وممكن تطبيقها من قبل اختصاصي علم امراض الذي لا يحمل أي خبرة بكيفية القيام بجراحة موس. في الحالات التي يكون فيها المرض قد انتقل، بعض الإجراءات الأخرى أو العلاج الكيميائي قد يكون مطلوباً. يشمل علاج الأورام الميلانينية النقيلية (المنتشرة)على: أدوية علاج مناعي حيوية؛ Ipilimumab, Pembrolizumab, و Nivolumab; BRAF inhibitors مثل: Vemurafenib، و dabrafenib بالإضافة إلى MEK inhibitor: Trametinib
إعادة الهيكلة والترميم
يعد الاستئصال الجراحي اليوم هو الأكثر شيوعاً لسرطانات الجلد. تهدف الجراحة الترميمية إلى إعادة المظهر والوظيفة الطبيعيين للجلد. يتم اختيار التقنية التي سيتم استخدامها في عملية الترميم والإصلاح بناءً على حجم ومكان الخلل. بشكل عام، تعد عمليتا الاستئصال والترميم لسرطانات الجلد الناشئة في الوجه تحدٍ أكبر، لوجود العديد من التراكيب التشريحية والوظيفية الظاهرة بشكلٍ جلي في الوجه. عندما يكون الخلل أو العيب في الجلد صغير الحجم، يمكن تصحيحه وترميمه بوساطة عملية تقويم بسيطة عندما تكون حواف الجلد قد قُطِّبَت بحيث تكون أقرب ما يمكن إلى بعضها البعض. ينتج عن ذلك ندبة على شكل خطّيّ، أما إن تمت عملية التقطيب هذه على طول الثنيات الطبيعية في الجلد أو على خطوط التجاعيد، في هذه الحالات يصعب علينا رؤية الندبة الناتجة من القطب. قد تتطلب عملية ترميم العيوب الأكبر حجم استخدام تقنية أخرى كترقيع الجلد (Skin Graft)، تسديل (شد) الجلد الموضعي (Local Skin Flap)، تسديل الجلد المُعَنَّق (ذو السويقات) (Pedicled Skin Flap)، أو التسديل الحر للجلد مع الاوعية الدقيقة الملحقة به (Microvascular Free Flap).
تعد عمليتا ترقيع الجلد وتسَديل الجِلْدِ المحلي أشيع من الخيارات المطروحة الأخرى. تعرف عملية ترقيع الجلد بأنها تغطية الجزء المعيب من الجلد بجلد آخر سليم تم أخذه من مكان آخر من الجسم، بعدها يتم تقطيب الرقعة الجلدية الجديدة مع حواف وحدود الجزء المعيب من الجلد، ثم يوضع الضماد عليها لمدة 7-10 أيام، وذلك لمنع تحريك الرقعة من مكانها خلال عملية الشفاء. يوجد نوعين من ترقيع الجلد؛ ذو سماكة كاملة أو سماكة منشطرة، يتم حلق طبقة من الجلد من منطقة البطن أو الفخذ عند استخدام النوع ذو السماكة المنشطرة. يعود الجلد الذي أخذت منه الرقعة إلى الشفاء والنمو من جديد خلال أسبوعين تقريباً.
بينما يزال جزء كامل من الجلد ويتم تقطيبها في المكان المستقبل بشكل محكم عند إجراء عملية الترقيع ذات السماكة الكاملة يمكن استخدام ترقيع الجلد ذي السماكة المنشطرة لترميم العيوب الجلدية كبيرة الحجم، ولكن من ناحية المظهر الجمالي، فالنتائج لا تكون جيدة. بينما يعطي ترقيع الجلد ذي السماكة الكاملة نتائج تجميلية مقبولة بشكل أكبر، لكن لا يمكن استخدامه إلا في حالات العيوب الصغيرة إلى متوسطة الحجم. أما السديلة الجلدية المحلية فهي طريقة يتم بها إغلاق العيب بنسيج يشبهه تماماً من ناحية اللون والنوعية. يتم إزالة الجلد من حواف الجلد المعاب ووضعه بالمكان المعاب ليحل محله.
يمكن تصميم أشكال عديدة ومتنوعة من السديلة بهدف تقليل التخريب في الانسجة المحيطة به بالإضافة إلى الحصول على أعلى نتائج تجميلية مرغوبة ممكنة من عملية الترميم هذه.
تعرف السديلة الجلدية المعنَّقة (ذات السويقات) بأنها طريقة ينقل بها الجلد مع إمدادات دموية سليمة من مكان قريب من الجسم. من الأمثلة على هذا النوع من الترميم:
- سديلة الجبهة المعنَّقة لتصحيح العيوب الجلدية الكبيرة الموجودة في الأنف. عندما تتطور السديلة ليصبح لها مصدر من الإمدادات الدموية الذي يكوّن فِراش جديد له، حينها فقط يمكن إزالة العُنَيْقة الوعائية.
الإمراضة والمآل والبقيا
تقدر نسبة الوفيات من سرطانات الجلد القاعدية والحرشفية بـ 0.3%، مسببة موت 2000 شخص في كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية. مقارنةً بما تسببه الأورام الميلانينة الخبيثة من وفيات تقدر بـ 15-20% أي ما يعادل 6500 حالة وفاة لكل سنة.:29,31 بالرغم من أن الأورام الميلانينة الخبيثة هي أقل شيوعاً منهما إلا أنها مسؤولة عن 75% من وفيات سرطانات الجلد جميعها
الوبائيات
يؤدي سرطان الجلد إلى وفاة 80000 شخص في السنة كما حدث في عام 2010، وفاة 49000 منهم كانت بسبب سرطانات الأورام الميلانينية و31000 منهم ماتوا بسبب السرطانات غير الميلانينية. زاد معدل الوفيات عن عام 1990 حيث كانت 510000 وفاة. في عام 2008 تم تشخيص 59659 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بأنهم مصابون بسرطان الأورام الميلانينية الخبيثة. مات منهم 8623 شخص. في استراليا يتم الإبلاغ ما يزيد عن 12500 حالة جديدة من الأوورام الميلانينية كل عام، يموت منهم أكثر من 1500 شخص بسبب هذا المرض، تمتلك استراليا أعلى نسب حدوث حالات جديدة من الأورام الميلانينية الخبيثة لكل فرد مقارنةً بدول العالم الأخرى. يُشخص أكثر من 3.5 مليون حالة سرطان جلد سنوياً في الولايات المتحدة، جاعلةً سرطان الجلد السرطان الأكثر شيوعاً فيها. بالاعتماد على مؤسسة سرطان الجلد (Skin Cancer Foundation)، واحد من كل 5 خمسة أمريكيين سيصاب بسرطان الجلد في مرحلة ما من حياتهم. أكثر نوع شائع لسرطان الجلد هو سرطان الخلايا القاعدية يليه سرطان الخلايا الحرشفية. بالرغم من انحدار معدل تسجيل حالات جديدة للعديد من السرطانات بشكل عام في الولايات المتحدة، إلا أن معدل الحالات الجديدة التي يتم تسجيلها لا زالت في ازدياد؛ ما يقارب 68729 حالة تم تشخيصها عام 2004 بناءً على تقارير المعهد الوطني للسرطان. (National Cancer Institute).
يعد السرطان الجلدي – سرطان الأورام الميلانينية الخبيثة – السرطان الخامس الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة – إنجلترا – (حوالي 13300 شخص شُخصوا بإصابتهم بسرطان الخلايا الميلانينة الخبيث عام 2011).
يعتبر هذا السرطان مسؤول عن وفاة ما يقارب 1% من مجموع وفيات مرض السرطان (ما يقارب 2100 شخص ماتوا عام 2012م). يعتمد معدل النجاة والبقاء على قيد الحياة للأشخاص المصابيين بالأورام الميلانينية الخبيثة على وقت البدء بالعلاج.
عندما يُشخص السرطان بمراحله الأولى، يكون معدل الشفاء عالي جداً وذلك لسهولة إزالته جراحياً. بينما تكون توقعات سير المرض ومصيره أقل تبشيراً عندما يكون الورم قد انتشر إلى مناطق أخرى من الجسم يوجد في استراليا ونيوزلاند أعلى معدلات حدوث حالات جديدة لسرطان الجلد حول العالم. ما يقارب أربعة أضعاف تلك التي تحدث في الولايات المتحدة الأمريكية والدولة المتحدة وكندا. يستقبل حوالي 434000 شخص العلاج لسرطانات الجلد غير الميلانيية ويتعالج 10300 شخص من الاورام الميلانينية الخبيثة.
تعد الأورام الميلانيينة الخبيثة السرطانات الأكثر شيوعاً بين الأشخاص ذوي الأعمار 15-40 سنة في كلا البلدين. إن معدل حدوث حالات جديدة السنوي لسرطانات الجلد في ازدياد. في عام 1995م كان هناك 77.7 حالة لكل 100000 شخص لكل سنة من بين سكان دولة أوكلاند في أوروبا، وقد تم التنبؤ بازدياد عدد هذه الحلات في القرن الحادي والعشرين وذلك بسبب ما يعرف ب "تأثير استنفاد طبقة الأوزون المحلي وفارق الزمن من التعرض لأشعة الشمس إلى نمو الاورام الملانينية".
المصادر والمراجع
1) "Screening for Skin Cancer". فرقة الخدمات الوقائية الأمريكية. 2009.
2) General Information About Melanoma June 2014.
3) What You Need To Know About: Melanoma and Other Skin Cancers.
4) Skin cancer statistics". Cancer Research UK.
5) Skin Cancer Facts and Figures.