داء السلمونيلات

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داءُ السَّلْمونيلاَت Salmonellosis السالمونيلا عوامل ممرضة معوية محتملة سلبية الغرام. وتسبب أمراضًا متعددة، بما فيها الحمى التيفية (والتي تسببها أساسًا السالمونيلا التيفية والسالمونيلا نظيرة التيفية) وتجرثم الدم وعدوى شغاف القلب وعداوى بؤرية (مثل التهاب العظم والنقي) والتهاب القولون (على وجه الخصوص السَّلْمونيلَا التِّيفِيَّةُ الفَأْرِيَّة Salmonella typhimurium والسَّلْمونيلَا المُلْهِبَةُ للأَمْعاء Salmonella enteritidis والسَّلْمونيلَا الهايدِلبِرْغِيَّة Salmonella Heidelberg).

يمكن عزل السالمونيلة في المختبرات الجرثومية باستخدام أوساط ذات انتقائية ضعيفة (مثل وسط ماكونكي آغار ووسط الديوكسي كولات آغار) وكذلك بأوساط ذات انتقائية متوسطة (مثل وسط آغار سالمونيلا شيغلية، ووسط هيكتون آغار)، وأوساط ذات انتقائية عالية (مثل وسط آغار السيلينيت مع الأخضر المذهل).

السالمونيلا جراثيم سلبية الأوكسيداز، وسلبية اللاكتوز أساسًا. حيث فقط أقل من 1% من السالمونيا اللاتيفية إيجابية اللاكتوز، لكن معظمها تنتج كبريت الهيدروجين، والذي يمكن كشفه باستخدام وسط السالمونيلا شيغلة).

وبكونها جراثيم لا هوائية، فهي تنمو جيدًا في كل من الزجاجات ذات الأنظمة الآلية لمزارع الدم، وكذلك على الأوسط التقليدية المستخدم لزرع البول والأنسجة ومسحات التنفس.

التسمية والتصنيف

تغير تسمية وتصنيف هذه الجراثيم بمرور الزمن. تقليديًا سميت أنواع السالمونيلا طبقًا لنظام طباعة كوفمان وايت، المحدد بتجميعات مختلفة من المستضدات الجسمية O والسوطية H والسطحية Vi.

وفي عام 2005 حصلت السالمونيلا المعوية على موافقة رسمية كنوع من جنس السالمونيلا.

كما يحتوي جنس السالمونيلا أيضًا على أنواع السلمونيلا البونغورية Salmonella bongori وSalmonella subterranean والتي أضيفت عام 2005.

أما حاليًا فأنواع السالمونيلا لها أسماء محددة مصليًا، اعتمادًا على أنماطها المصلية.

فمثلًا التسمية الحالية للسالمونيلا التيفية هي السالمونيلا المعوية المصلية التيفية S enterica serovar Typhi.

وحتى الآن وصف أكثر من 2500 ضربًا مصليًا من السالمونيلة المعوية.

الفيزيولوجيا المرضية

عادةً ما يتطلب انتقال السالمونيلا إلى مضيف حساس تناول طعام ملوث. وتتضمن المصادر الأكثر شيوعًا لها لحم الضان والدواجن والبيض. حيث قدر أن البيض نقل المرض لأكثر من 182,000 حالة في الولايات المتحدة عام 2000.

كما تعد منتجات الألبان والخضار والفواكه غير المحضرة بطريقة مناسبة، وكذلك المحار مصادر للإصابة بهذه الجرثومة.

ولكن يمكن لأي نمط من المنتجات الغذائية أن يعمل كمصدر للعدوى. كما يمكن أن يحصل انتقال من إنسان لآخر ومن الحيوان للإنسان.

بعد الهضم تتسم الإصابة بالسالمونيلا بالتصاق الجرثومة باستخدام الخمل أو الأهداب على الخلايا المبطنة للمعة الأمعاء. تلتصق السالمونيلا نوعيًا على خلايا بطانية معينة (خلايا M) للطخات باير. ثم تلتهم الجراثيم بعملية التقام متواسطة بالمستقبلات، وتنتقل ضمن اليبلوعات إلى الصفيحة المخصوصة، حيث تتحرر.

حالما تصبح هناك تحفز السالمونيلا تدفق البالعات (في السلالات التيفية) أو العدلات (في السلالات اللاتيفية).

يعد المستضد السطحي Vi للسالمونيلا التيفية هامًا في منع الطهاية المتواسطة بالأضداد، والتحلل المتواسط بجملة المتممة. ومن خلال تحفيز تحرر السيتوكينات وهجرة الخلايا وحيدة النواة تنتشر الجراثيم التيفية عبر النظام الشبكي البطاني، وخصوصًا إلى الكبد والطحال ونقي العظام. خلال 14 يومًا، تظهر الجراثيم في المجرى الدموي، مهيئة بؤرة نقيلية ثانوية (مثل الخراجات الطحالية والتهاب شغاف القلب).

وعند بعض المرضى تؤدي عدوى المرارة إلى حمل طويل الأمد بجراثيم السالمونيلا التيفية أو نظيرة التيفية في الصفراء، وتفرز في البراز. وكقاعدة، تسبب العدوى بالسالمونيلا اللاتيفية عمومًا استجابة موضعية، في حين أنَّ السالمونيلا التيفية وباقي أنواع السلالات الممرضة تغزو عمقيًا في الأنسجة عن طريق الأوعية اللمفية والشعيرات الدموية، مسببةً استجابة مناعية أساسية.

عوامل فوعة السالمونيلا معقدة، ومرمزة في كل من صبغي الجرثومة وعلى البلاسميدات الضخمة (34-120 كيلو دالتون). تعطي بعض مناطق التحقق النشط للجرثومة طرقًا تستخدمها السالمونيلا للالتصاق وغزو الأمعاء والنجاة ضمن البالعات، والتسبب بتدفق كبير للكهرليات والماء في لمعة الأمعاء وتطوير مقاومة الأدوية.

شدة المرض عند الأفراد المصابين بداء السالمونيلة لا تحدد فقط من خلال عوامل فوعة السلالات الالمصيبة، لكن أيضًا من خلال خواص المضيف.

عوامل الخطورة الأكثر شيوعًا هي استخدام القشرانيات السكرية والخباثات والإصابة بداء السكري وعدوى فيروس عوز المناعة المكتسب ومعالجة سابقة بالصادات الحيوية ومعالجة كابتة للمناعة.

الوبائيات

عام 2000 سجل ما يقارب 21.6 مليون حالة للحمى التفية حول العالم تسببت بت 216,500 وفاة.

الأعراض

تسبب عدوى السالمونيلة نموذجيًا 1-3 متلازمات متميزة، وهي: التهاب القولون المعوي اللاتيفوئيدي، والمرض البؤري اللاتيفوئيدي والحمى التيفية.

التهاب القولون المعوي اللاتيفوئيدي

تسبب الإصابة بالسالمونيلا اللاتيفية عادةً التهاب قولون معوي مشابه لذلك المسبب بباقي الجراثيم المعوية الممرضة.

تعتمد فترة الاحتضان على المضيف، وتستمر الحضانة مدة 6-72 ساعة. وفي معظم الحالات يكون البراز رخوًا ولا يحوي دمًا.

في حالات نادرة تسبب عدوى السالمونيلا إسهالاً كبير الحجم شبيهًا بالكوليرا، ويمكن أن يترافق مع زحير. يكون الإسهال نموذجيًا محدودًا ذاتيًا، ويشفى خلال 3-7 أيام.

من الأعراض الشائعة في هذا الداء: الحمى والمعص البطني والارتعاشات والصداع وألم العضلات. وتختفي الحمى عادةً في غضون 48 ساعة.

الداء البؤري اللاتيفوئيدي

يحدث الداء البؤري نتيجة تجرثم دم دائم أو عابر. يمكن أن يصاب أي عضو تقريبًا، وتكون المواقع المصابة بشذوذات بنيوية سابقة هي الأكثر حساسية للإصابة.

الحمى التيفية

تختلف الأعراض اختلافًا واسعًا.

متلازمة الحمى التفيفة التقليدية

الإصابة بالمتلازمة السريرية الناتجة عن الإصابة بجراثيم السالمونيلا التيفية ونظيرة التيفية تكون غير مميزة. تبدأ الحمى التيفية بعد 7-14 يومًا من هضم الجراثيم. نمط الحمى يكون متدرجًا، تتسم بارتفاع في الحرارة عبر مساق كل يوم، ثم تهبط في صباح اليوم التالي. *فترتفع وتهبط الحرارة بمرور الوقت.

  • ينتفخ البطن.
  • بقع وردية.
  • تضخم الطحال.
  • فتور وتخليط واعتلالات نفسية.

تظاهرات متنوعة

قد يختلف المساق السريري للأشخاص المصابين بالحمى التيفية عن الوصف أعلاه. فقد يختلف توقيت الأعراض واستجابة المضيف استنادًا إلى المنطقة الجغرافية، وعوامل العرق، وسلالة الجراثيم المسببة للمرض. نمط الحمى المتدرج الذي كان ذات مرة علامة مميزة للحمى التيفية نراه يحصل الآن في 12% من الحالات فقط. في معظم حالات الإصابة الحالية نجد أنَّ للحمى بداية ثابتة مخاتلة.

الأطفال الصغار، والأفراد المصابون بالإيدز، وثلث البالغين المؤهلين مناعيًا المصابين بالحمى التيفية، يصابون بالإسهال بدلًا من الإصابة بالإمساك. بالإضافة لذلك ففي بعض النواحي، تسبب الحمى التيفية إسهالًا أكثر مما تسبب إمساكًا.

تتضمن التظاهرات اللانموذجية للحمى التيفية صداعًا شديدًا قد يشابه التهاب السحايا، والتهاب رئة فصي حاد، والتهاب مفاصل معزول، وأعراض بولية، ويرقانًا شديدًا، أو قد يصاب المريض بحمى فقط.

تظاهرات أخرى لعدوى السالمونيلا

  • تحصٍ بولي أو شذوذات بنيوية.
  • يكمن أن تحصل نكسات، حتى بعد العلاج المناسب.

المضاعفات

تجرثم الدم

وبعدها قد تصيب بعض الأنسجة أنسجة متعددة، وتتضمن:

  • الأنسجة المحيطة بالدماغ. والتهاب السحايا.
  • بطانة القلب أو الصمامات.
  • العظام أو نقي العظام (التهاب العظم والنقي).
  • بطانة الأوعية الدموية.

التجفاف

في حال عدم تعويض السوائل المفقودة في الإسهال، ومن العلامات التي قد تظهر على المريض نتيجة لذلك:

  • نقص كمية البول.
  • تجفاف الفم واللسان.
  • عيون غائرة.
  • نقص إنتاج الدموع.

التهاب المفاصل

وتعرف في هذه الحالة ب متلازمة رايتير، وتسبب نموذجيًا:

  • تخريش العين.
  • ألم عند التبول.
  • ألم في المفاصل.

التشخيص

الزرع

تعد أنظمة زرع الدم الحديثة ذات دقة 80-100% في كشف الجرثومة. وبزيادة مدة المرض تنقص حساسية زرع الدم، بينما تزداد حساسية الزرع من البراز.

بالنسبة للسالمونيلة اللاتيفية

يعد البراز المأخوذ حديثًا هو العينة الأفضل لعزل الجرثومة. وتعد ارتشافات نقي العظيم أفضل من زرع الدم، حيث يكون تركيز الجراثيم في العظم أكبر بـ 10 مرات من الموجود في الدم المحيطي. وحتى بالنسبة للمرضى الذين بدأوا باستخدام الصادات الحيوية فتظل عينة نقي العظام تظهر إيجابية بالزرع حتى عندما تظهر عينة الدم سلبية له.

في حالة الحمى التيفية

يمكن عزل الجرثومة (إضافة لما ذكر أعلاه) من البول وخزعة البقع الوردية والإفرازات الهضمية أو المعوية.

الاختبارات الدموية

رغم أنَّ تعداد الكريات البيض يكون ضمن الحدود الطبيعية عند الأشخاص المصابين بداء السلمونيلات، إلا أنَّ ربع المصابين بالحمى التيفية يظهر لديهم نقص في تعداد الكريات البيض أو نقص في العدلات أو فقر دم.

عادةً ما يكون تعداد الحمضات منخفضًا. ويشير الارتفاع العالي لسرعة التثفل لتشكل خراج أو لالتهاب العظم والنقي.

التصوير

الموجودات الظاهرة بالتصوير في داء السلمونيلات تكون غير نوعية.

بالنسبة للحمى التيفية:

  • لتصوير الشعاعي: يعد التصوير الشعاعي للكلية والحالبين والمثانة مفيدًا في حال الشك بحصول ثقب معوي (سواءً كان عرضيًا أو لا عرضي).
  • التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي: تستخدم لاستقصاء الخارجات في الكبد أو العظام.

الفحوصات المصلية

تدعم المقايسات التي تكشف أضداد السالمونيلا أو مستضداتها تشخيص المرض، لكن يجب تأكيد النتائج الحاصلة بالزراعة أو باختبار الدنا.

يعد اختبار فيدال هو الركن الأساسي في تشخيص الحمى التيفية لعقود. ويستخدم لقياس أضداد التراص ضد مستضدات H وO للجراثيم التيفية. ولم يعد يقبل لعدم حساسيته ونوعيته.

ومن الاختبارات الأخرى التي تعد واعدة، لكن تختلف معدلات نجاحها اختلافًا شديدًا:

  • التراص الدموي غير المباشر.
  • مقايسة أضداد Vi المتألقة غير المباشرة.
  • مقايسة الامتصاص المناعي المرتبط بالأنزيم غير المباشرة (ELISA) للغلوبولين المناعي M وأضداد G ضد عديدات سكريد السالمونيلا التيفية، بالإضافة للأضداد وحيدة النسيلة ضد فلاجيلين الجراثيم.

تفاعل البوليمراز المتسلسل

يستخدم لتشخيص الحمى التيفية بنسبة نجاح مختلفة. وتقدم تقنية تفاعل البوليمراز المتسلسل المتداخل (والتي تتضمن دورتين من التفاعل باستخدام بدائتين مع تتاليات مختلفة من جينات الفلاجيلين H1-d للسالمونيلا التيفية) تقدم هذه التقنية أفضل حساسية ونوعية لكشف الجرثومة.

العلاج

يختلف العلاج تبعًا لشدة ونوع المرض الناتج. وعمومًا:

الصادات الحيوية

يعتمد اختيار الصادات الحيوية على حساسية الجرثومة. فبين عامي 1999 و2006 كانت 13% من جراثيم السالمونيلا التيفية المعزولة في الولايات المتحدة ذات مقاومة متعددة للصادات. لكن يجب البدء بالصادات التجريبية حتى ظهور نتيجة التحليل. وينصح عادةً بالسيفترياكسون والسيبروفلوكساسين في حال لم يكن يعرف وجود مقاومة عند جراثيم المنطقة لهذين الصادين.

التغذية

يجب مراقبة السوائل والكهرليات عند المريض.

العلاج الجراحي

يستخدم العلاج الجراحي عادةً في حالات الانثقاب المعوي. يفضل معظم الجراحون إغلاقًا بسيطًا للثقب مع تصريف الصفاق، بينما يستخدم الشفط للأمعاء الدقيقة عند المرضى المصابين بثقوب متعددة.

في حال عدم استطاعة الصادات الحيوية استئصال الحمل الكبدي الصفراوي من الجرثومة فيجب استئصال المثانة.

المصادر

https://emedicine.medscape.com/article/228174-clinical#b5

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/salmonella/symptoms-causes/syc-20355329

https://emedicine.medscape.com/article/231135-overview#a6