بيلة دموية

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

قد يكون رؤية دمٍ في البول شيئاً مثيراً للفزع، إلإ أنّ تلك الحالة - والتي تُعرف طبيّاً بالبيلة الدّمويّة- ليست دائماً مبعثاً للقلق. فعلى سيبل المثال، يمكن أن يظهر الدّم في البول بسبب ممارسة التّمرين المضني أو بسبب عددٍ من الأدوية الشّائعة، والتي تتضمّن حمض الأسيتيل ساليسيليك (الأسبيرين). كما يمكن أن يكون النّزيف البولي دليلاً على وجود اضطّرابٍ خطير.

وتتفرّع البيلة الدّمويّة إلى فرعين: فالدّم الذي يمكن رؤيته يدعى بالبيلة الدّمويّة العيّانيّة، أمّا الدّم البولي الذي لا يُرى إلا بالمجهر فيدعى بالبيلة الدّمويّة المجهريّة، ويتم اكتشاف هذا النّوع عندما يقوم الطّبيب بفحص بول المريض من أجل مشكلةٍ أُخرى. ومن الضّروري تحديد سبب حدوث النّزف في الحالتين.

يعتمد العلاج على المشكلة الكامنة، فالدّم الذي يظهر في البول بسبب التّمرين يزول من تلقاء ذاته في غضون يومٍ أو يومين، إلا أنّ المشاكل الأُخرى تحتاج إلى عنايةٍ طبيّة.


الأعراض

إنّ الدّليل الوحيد على وجود بيلةٍ دمويّة والذي يمكن رؤيته هو بولٌ ذو لونٍ وردي، أو أحمر، أو كلون الكولا، وذلك بسبب وجود خلايا الدّم الحمراء فيه. ويتطلّب الأمر كميّةً قليلةً من الدّم ليصبح البول أحمر اللّون ولا يكون النّزف مؤلماً في العادة. ويظهر البول الدّموي على الأغلب دون وجود أي أعراضٍ أُخرى.

وفي كثيرٍ من الحالات، يمكن رؤية الدم الذي يظهر في البول تحت المجهر فقط (البيلة الدّمويّة المجهريّة).


الأسباب

تتألّف المسالك البوليّة من المثانة والكلى، والحالبين، والإحليل. حيث تقوم الكلية بإزالة الفضلات والسّوائل الزّائدة وتحويلها إلى بول، ومن ثمّ يمر البول عبر اثنين من الأنابيب المجوّفة (الحالبين الذين يتّصل كلٌّ منهما بكلية) وصولاً إلى المثانة، حيث يتجمّع البول إلى أن يتم طرحه من الجّسم عبر الإحليل.

وعند الإصابة بالبيلة الدّمويّة؛ تسمح الكلى أو أجزاءٌ أُخرى من المسالك البوليّة لخلايا الدّم أن تتسرّب إلى البول. وفي ما يلي بعض المشاكل التي تسبّب هذا التّسرّب:

  • إنتانات المسالك البوليّة:

بالرّغم من أنّها تصيب الرّجال أيضاً، إلا أنّ هذه الإنتانات شائعة الحدوث عند النّساء بشكلٍ خاص. وتحدث عندما تدخل البكتيريا إلى الجّسم عبر الإحليل وتبدأ بالتّكاثر في المثانة. وتحدث هذه الإنتانات أحياناً، وليس دائماً، بعد النّشاط الجّنسي. وتتضمّن الأعراض حاجةً ملحّة ودائمة للتّبوّل، والشّعور بالألم والحرقة عند التّبوّل ويكون البول ذو رائحة قويّة جدّاً. وتكون الإشارة الوحيدة على وجود المرض؛ وجود دمٍ يمكن رؤيته بالمجهر فقط، وذلك بالنّسبة للبعض، وخاصّةً كبار السّن، ويمكن رؤية الدّم عند 30% من المصابين بإنتان المجاري البوليّة.

  • إنتانات المسالك البوليّة الأُخرى:

يمكن أن تحدث إنتانات الكلى (الْتِهابُ الحُوَيضَةِ والكُليَة) عندما تدخل البكتيريا إلى الكلى عبر مجرى الدّم أو تصعد من الحالبين إلى الكليتين. وعادةً ما تكون الأعراض شبيهةً بإنتانات المثانة، بالرّغم من أنّ إنتانات الكلى يمكن أن تسبّب والتّرفّع الحروري والألم في الخاصرة.

  • حصى في المثانة أو الكلية:

تترسّب المعادن في البول المركّز أحياناً؛ مشكّلةً بلّوراتٍ على جدران الكلى أو المثانة، وبمرور الوقت، تتحوّل البلّورات إلى حصى صغيرة وقاسية. وتكون الحصى غير مؤلمةٍ بشكلٍ عام، ولا يشعر المريض أنّه مصابٌ بها إلا إذا كانت تشكّل انسداداً أو إذا خرجت، وعندئذٍ لا يكون هنالك أي خطأ في تشخيص الأعراض، حيث تسبّب حصى الكلى ألماً شديداً، كما يمكن أن تسبّب بيلة دمويّة عِيانِيّة ومجهريّة أيضاً.

  • تضخّم البروستات:

يُعدّ تضخّم البروستات أحد الأسباب الرّئيسيّة لوجود دم مرئي في البول عند الذّكور الذين تتجاوز أعمارهم سن الخمسين. تبدأ غدّة البروستات بالنّمو عندما يقترب الذّكور من منتصف العمر، وتقع هذه الغدّة تحت المثانة وتحيط بالجّزء العلوي من الإحليل. وعندما تتضخّم الغدّة؛ فإنّها تضغط على الإحليل مما يعيق تدفّق البول بشكلٍ جزئي. وتتضمّن أعراض تضخّم البروستات (تضخّم البروستات الحميد أو BPH) صعوبة في التّبوّل، والحاجة الملحّة والدّائمة للتّبوّل، بالإضافة إلى وجود بيلةٍ دمويّة عِيانِيّة أو مجهريّة. وقد يسبّب إنتان البروستات (التهاب البروستاتة) الأعراض ذاتها.

  • أمراض الكلى:

إنّ وجود البيلة الدّمويّة المجهريّة هو أحد الأعراض الشّائعة لالتهاب الكبب والكلية، والذي يسبّب الالتهاب في نظام التّصفية الخاص بالكلية. وقد يكون التهاب الكبب والكلية جزءاً من مرضٍ جهازي كالسكّري، كما يمكن أن يصيب الإنسان دون أن يترافق مع أي مرضٍ آخر. وقد تثيره الإنتاناتٌ الفيروسيّة أو الجرثوميّة، وأمراض الأوعية الدّمويّة (التهاب وعائي), و وجود مشاكل في الجّهاز المناعي كاعتلال الكلية بالإيجA، الذي يصيب الأوعية الدّمويّة الصّغيرة التي تنقّي الدّم في الكلى (الكُبَيباتِ).

  • السّرطان:

يشكّل الدّم الذي يمكن رؤيته في البول الإشارة الأولى على وجود حالةٍ متقدّمة من سرطان الكلى، أو المثانة، أو البروستات. ولسوء الحظ، فقد لا تظهر أعراض السّرطان في المراحل المبكّرة عندما يكون أكثر قابليّةً للعلاج.

  • الأمراض الموروثة:

يمكن أن يكون فقر الدّم المنجلي - وهو نقصٌ مزمن في خلايا الدّم الحمراء - سبباً لوجود كلا نوعي البيلة الدّمويّة (العيانيّة والمجهريّة) التي قد تَحدث أيضاً بسبب متلازمة ألبورت (وهو مرضٌ وراثي عصبي سمعي) ويؤثّر على أغشية التّصفية في كُبَيباتِ الكلى.

  • إصابة الكلى:

قد تُسبّب ضربةٌ أو إصابة أُخرى في الكلى - بسبب حادثٍ أو ممارسة أحد رياضات الاحتكاك البدني بالخصم - دماً يمكن رؤيته في البول.

  • الأدوية:

تتضمّن الأدوية الشّائعة التي قد تسبّب وجود دم مرئي في البول حمض الأسيتيل ساليسيليك (الأسبيرين)، والبنسلين، ومُميّعات الدّم (warfarin و heparin) والعقار المضاد للسّرطان cyclophosphamide.

  • ممارسة التّمارين الرّياضيّة المرهقة:

يمكن أن تُسبّب التّمارين الرّياضيّة البيلة الدّمويّة العيانيّة، والسّبب وراء ذلك ليس واضحاً تماماً، فقد يكون ذلك بسبب رض أو أذى للمثانة، أو التّجفاف، أو تحطم خلايا الدّم الحمراء والذي يحدث عند ممارسة تمارين الأيروبيك القاسية. وبالرّغم من أنّ أي رياضي قد يصاب بالبيلة الدّمويّة التي يمكن رؤيتها بعد التّدريب المكثّف؛ إلا أنّ العدّائين يصابون بها في معظم الأحيان.

المضاعفات

لا يوجد

العلاج

لا يوجد علاجٌ معيّن للبيلة الدّمويّة، وكبديلٍ عن ذلك، يقوم الطّبيب بالتّركيز على المشكلة الكامنة وراءها.

  • إنتانات المسالك البوليّة:

تُعدّ المضادّات الحيويّة العلاج الرئيسي لإنتانات المسالك البولية، وتهدأ الأعراض عادةً بعد بضعة أيّامٍ من البدء بتناول الدّواء، لكن قد تحتاج الإنتانات التي تحدث مجدّداً إلى علاجاتٍ متعدّدة أو علاجٍ لمدّةٍ أطول.

  • حصى الكلية:

قد يتمكّن المرء من التّخلّص من حصى الكلية وذلك بتناول كميّاتٍ كبيرة من الماء والبقاء في حالة نشاط. ويمكن استشارة الطّبيب لمعرفة كميّات السّوائل التي يجب تناولها، وقد يجرّب الطّبيب إجراءات باضعة أكثر في حال لم تنجح هذه الطّريقة في التّخلّص من الحصى، ويتضمّن ذلك استعمال الموجات الصّدميّة لتفتيت الحصى إلى أجزاءٍ صغيرة - تفتيت الحصى من خارج البدن بالموجة الصّادمة - وفي بعض الحالات، يتم إجراء جراحةٍ للتّخلّص من الحصى.

  • تضخّم البروستات:

تهدف علاجات تضخّم البروستات إلى تخفيف الأعراض واسترجاع أداء المسالك البوليّة لوظائفها بشكلٍ طبيعي، وجميع هذه العلاجات فعّالةٌ بدرجاتٍ متفاوتة، كما أنّ لها جميعاً بعض العيوب. حيث تمّت تجربة الأدوية أوّلاً وهي توفّر راحةً طويلة الأمد للعديد من الرّجال، وعندما لا تفيد الأدوية، يمكن تجربة علاجاتٍ بالحد الأدنى من التّدخّل كاستعمال الحرارة أو اللّيزر أو الموجات الصّوتيّة لتدمير أنسجة البروستات الزّائدة.

  • أمراض الكلى:

غالباً ما تتطّلب معظم مشاكل الكلى العلاج، وبغضّ النّظر عن المشكلة الكامنة، يبقى الهدف من هذا العلاج تخفيف الالتهاب والحد من المزيد من الضّرر الذي قد يلحق بالكلى.

  • السّرطان:

على الرّغم من وجود عددٍ من خيارات العلاج لسرطان الكلية والمثانة، إلا أنّ أوّل خيارٍ هو الجّراحة بما أنّ الخلايا تكون مقاومةً نوعاً ما للأشعّة ولمعظم أنواع العلاج الكيميائي. ولذلك يعدّ البتر الجّراحي أو الاستئصال الكلّي للمثانة العلاج الأوّلي لسرطان المثانة، ويمكن أن يتم الجّمع بين الجّراحة والعلاج الكيميائي في بعض الأحيان، كما يمكن تعزيز النّظام المناعي للمثانة بالأدوية في أحيانٍ أُخرى.

  • الأمراض الموروثة:

تتنوّع علاجات الأمراض الموروثة التي تصيب في الكلى بشكلٍ كبير، فعلى سبيل المثال، لا تحتاج البيلة الدّمويّة العائليّة الحميدة إلى العلاج، بينما يحتاج المصابون بمتلازمة ألبورت في نهاية المطاف إلى غسيل الكلى - وهو وسيلة صناعيّة لتنقية الدّم من الفضلات عندما لا تعود الكلى قادرةً على فعل ذلك. ويُعالَج فقر الدّم المنجلي بالأدوية، أو بنقل الدّم، أو بزرع نخاع العظم في أحسن الأحوال.

الإنذار

غير متوفّر

المصدر

http://www.epharmapedia.com