المتفطرة الكنزاسية

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

المتفطرة الكنزاسية Mycobacterium Kansasii هي جرثومة صامدة للحمض من المتفطرات، تنتج صباغاً أصفر اللون عند تعريضها للضوء. وأول من وصفها هما بوهلر وبولاك عام 1953. تبدو تحت المجهر طويلة وسميكة.

أهم الأعراض التي تسببه االإصابة بهذه الجرثومة هو عدوى رئوية مزمنة، تتمثل بسل رئوي.

لكن يمكن أن تصيب أعضاءً أخرى. وتعد العدوى بهذه الجرثومة ثاني أكثر مسبب للعدوى المتفطرية الانتهازية اللاسلية المترافقة مع الإصابة بداء الإيدز، يفوقها الإصابة بالمتفطرة الطيرية.

العامل المسبب

المتفطرات عمومًا عصيات أسطوانية غير متحركة لا تشكل أبواغًا. يختلف جدارها عن جدر باقي أنواع الجراثيم في أنَّه مكون من الشحوم بنسبة 60%، بما فيها صنف فريد ذو سلسلة طويلة (75-90 ذرة كربون في الجزيء). وحموض دسمة كحولية (حموض الميكوليك).

تشكل هذه الحموض الدسمة مع عدد متنوع من الببتيدات وعديدات السكريد معقدات، مكونةً سطحًا شمعيًا على الخلية، ما يفسر صفاتها الصامدة للحمض. وتجعلها جدرانها الخلوية غير الاعتيادية هذه محصنة ضد كثير من المطهرات الكيميائية، وترجع له مقاومتها للفعل الأكالي للقلويات والحموض القوية. وقد استفيد من هذه الحقيقة في إزالة التلوث من العينات السريرية، مثل عينات المخاط، حيث يمكن القضاء على الكائنات غير المتفطرة باستخدام بعض العلاجات.

كما أنَّ المتفطرات مقاومة للجفاف، لكنها غير مقاومة للحرارة أو الأشعة فوق البنفسجية أو الإشعاع.

تنتج المتفطرة الكنزاسية مستعمرات بعد 7 أيام أو أكثر من الحضانة ضمن درجة حرارة 37 مئوية، وتعد بطييئة النمو. المستعمرات التي تنمو في الظلام تكون غير ملونة، بينما التي تنمو في الضوء تكون صفراء.

الفيزيولوجيا المرضية

بخلاف باقي المتفطرات اللاسلية فإنَّ المتفطرة الكنزاسية لم تعزل بعد من مصادرها البيئية. لكن عزلت من نسبة ضئيلة من العينات المتحصل عليها من موارد المياه في مناطق ذات توطن عالٍ للجرثومة. على الأرجح تنتقل الجرثومة للإنسان عن طريق الارتشاف الهوائي أو الدخول الموضعي من البيئة، أما الانتقال من شخصٍ لآخر فنادر الحصول.

وصفت 5 أنماط مصلية لهذه الجرثومة حتى الآن. ويعد النمطان الأول والثاني (I وII) الأكثر شيوعاً سريرياً، بينما اكتشفت الأنماط الأخرى في عينات مأخوذة من البيئة فقط.

الإصابة

  • تؤدي الإصابة بهذه الجرثومة لداء رئوي شبيه بداء السل. مظهرها النسيجي مشابه للسل، ويمكن أن يتضمن تجبن أو درنات قيحية غير تتنخرية. أما عند الأشخاص المصابين بالإيدز أو المرضى ذوي المناعة المنقوصة فكثير من سماتها النسيجية قد تغيب.
  • بعد دخولها عن طريق الجلد يمكن أن تسبب مرضاً موضعياً في الجلد والأنسجة تحت الجلدية.

يمكن أن تنتشر من موقع الدخول وتسبب التهاب عقد لمفية، أو عدوى في عضوٍ بعيد أو مرضاً منتشراً.

الوبائيات

سجلت إصابات بهذه الجرثومة في معظم المناطق من العالم. وتكثر في إنكلترا وويلز وعمال مناجم الذهب في أفريقيا الجنوبية. سجلت في المملكة المتحدة كأحد أكثر العداوى الرئوية شيوعاً.

الوفيات

يعتمد رجحان حصول الوفاة عند الإصابة بهذه الجرثومة على عدد من العوامل، بما فيها وجود مرض مرافق وملائمة العلاج واستخدام الريفامبيسين ومدى العدوى.

فكانت نسبة الوفيات عند عمال مناجم الذهب المعالجين في جنوب أفريقيا 2% عند غير المصابين بالإيدز، أما المصابون بالإيدز فكانت نسبة الوفيات بينهم بهذا المرض هي 9%.

الأعراض

المضيفون الأصحاء

الأعراض الأكثر شيوعاً للإصابة بعدوى رئوية بهذه الجرثومة تتضمن:

  • سعال.
  • إنتاج قشع.
  • خسارة وزن.
  • انقطاع النفس.
  • ألم صدري.
  • نفث دم.
  • حمى وتعرق.

أما بالنسبة للعدوى الجلدية فتشابه داء الشعريات المبوغة وذلك بعد الانتشار اللمفي.

قد تتضمن الآفات الجلدية عقيدات وبثرات وثآليل ولويحات حمامية وخراجات وتقرحات.

المضيفون منقوصي المناعة

تظهر العدوى عادةً متأخرة في مساق مرض نقص المناعة المكتسب. وأكثر الأعراض تأثراً الرئة. وتتضمن الأعراض الشائعة:

  • الحمى.
  • قشعريرة.
  • تعرق ليلي.
  • سعال منتج أو غير منتج.
  • خسارة وزن.
  • تعب.
  • عسر تنفس.
  • ألم صدري.

تقريباً 20% من المرضى المصابين بعدوى نقص المناعة المكتسبة والذين أصيبوا بالمتفطرة الكنزاسية يصابون بالشكل المنتشر للمرض.

يشابه التهاب السحايا بهذه المتفطرة التهاب السحايا الناتج عن الإصابة بالسل.

قد يصاب المضعفون مناعياً بتجرثم دم والتهاب شغاف القلب وقرحات فموية والتهاب جيوب منزمن والتهاب عظم ونقي.

سجلت حالات لداء منتشر بهذه الجرثومة عند المرضى منقوصي المناعة غير مرضى الإيدز.

من العلامات الأخرى للمرض:

  • كراكر رئوية.
  • وزيز.
  • تضخم كبد وطحال.

التشخيص

يتطلب تشخيص الإصابة بعدوى المتفطرة الكنزاسية عزل الجرثومة.

  • بدايةً يجب تقييم ثلاث عينات قشع على الأقل عن طريق التلوين الصامد للحمض وزراعة المتفطرات من العينات المأخوذة.
  • تفيد زراعة الدم في كشف العدوى المنتشرة.
  • تعد مسابير الحمض النووي وتفاعل البوليمراز المتسلسل مفيدة لكشف باكر للمستعمرات النامية. وهي حساسة للغاية ونوعية، كما تميز بين الأنواع الجرثومية.
  • اختبارات التحسس: ويوصي معهد المعايير المختبرية والسريرية (CLSI) باختبار الكلاريثرومايسين والريفامبين فقط بالنسبة لعدوى المتفطرة الكنزاسية.

يختبر الإيزونيازيد والستربتومايسين كعوامل ثانوية.

التصوير

تقريباً 90% من المرضى المصابين بعدوى المتفطرة الكنزاسية لديهم ارتشاحات جوفية تظهر في تصوير الصدر. وعند المرضى الذين لا تظهر لديهم آفات رئوية جوفية يُظهر التصوير المقطعي المحوسب مشكلة رئوية.

فحوصات أخرى

  • تعداد كامل للدم.
  • وظيفة الكلية.
  • وظيفة الكبد.
  • فحص الإصابة بفيروس عوز المناعة المكتسب.

العلاج

عموماً تعد جرثومة المتفطرة الكنزاسية حساسة على الريفامبين والريفابوتين والأميكاسين والستربتوميسين والكلاريثرومايسين.

عادةً ما تكون السلالات المقاومة للريفامبين مقاومة للريفابوتين. والتأكد من حساسية الجرثومة على الإيزونيازيد في الزجاج يجب تفسيره بحذر، حيث أنَّه لا يتعلق بالنتائج السريرية.

يجب عدم استخدام البيرازيناميد لعلاج المتفطرة الكنزاسية.

يجب علاج المرضى المصابين بهذه الجرثومة بـ 3 أدوية على الأقل. ويجب أن يتضمن العلاج البدئي على الريفامبين، حيث أظهر نسبة فشل ضئيلة جداً (1.1%).

وعموماً المساقات العلاجية لهذه العدوى هي كالآتي:

  • الخط الأول من العلاج: يتضمن الريفامبين (10 ملغ/كغ/يوم؛ بجرعى قصوى 600 ملغ) مع الإيثامبوتول (15 ملغ/كغ/يوم) والإيزونيازيد (5 ملغ/كغ/يوم؛ بجرعة قصوى 300 ملغ) مع البيريدوكسين (50 ملغ/يوم)، وتستمر مدة العلاج حتى تعطي نتائج زرع القشع سلبية لـ 12 شهراً.
  • مساق علاجي بديل: عند المرضى المصابين بالمتفطرة الكنزاسية لامقاومة للريفامبين يعطى علاج من 3 أدوية قائم على الحساسية في الزجاج. من ضمن الأدوية التي يمكن أن تدخل في هذا المساق العلاجي:
  • الكلاريثروميسين أو الأزيثروميسين.
  • الموكسيفلوكساسين.
  • الإيثامبوتول.
  • السلفاميثوكسازول.
  • الستربتوميسين.

المصدر

https://emedicine.medscape.com/article/223230-treatment