الزهري

من موسوعة العلوم العربية
مراجعة 16:12، 8 أكتوبر 2017 بواسطة كنان الطرح (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' {{فضل الكاتب الرئيسي|د. جاد الله السيد محمود}} '''الزهري''' هي عدوى منتقلة جنسيًا تسببها اللولب...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

الزهري

هي عدوى منتقلة جنسيًا تسببها اللولبيات الشاحبة.

ينتقل الزهري عن طريق الاتصال الجنسي بآفة معدية أو من الأم لجنينها في الرحم أو من خلال نقل الدم، ونادرًا من خلال تلامس جرح مع جلد مصاب.

لداء الزهري 4 مراحل في حال لم يعالج، وهي المرحلة الأولية والثانوية والخافية والثالثية.

لهذا الداء عدد كبير من التظهرات المرضية، ويمكن أن يشابه كثيرًا من العداوى الأخرى والعمليات المتواسطة بالمناعة في مراحله الأخيرة. ولذلك اكتسب اسمه "المنتحل العظيم".

الإمراضية

تسبب هذا المرض اللولبية الشاحبة، وهي جرثومة هشة حلزونية بطول 6-15 مكم وقطر 0.25 مكم. وبسبب حجمها الصغير فلا يمكن رؤيتها بالمجهر الضوئي، ولذلك يستخدم لرؤيتها مجهر الساحة المظلمة. لا تستطيع هذه الجرثومة العيش في البيئة خارج الأجسام الحية لمدة طويلة.

أولًا: الزهري المكتسب

فيه تخترق اللولبية الشاحبة الأغشية المخاطية عند التلامس، أو السحجات الجلدية المجهرية، ثم تدخل الأوعية اللمفية والدموية خلال بضعة ساعات مسببةً عدوى جهازية. فترة الحضانة منذ التعرض حتى ظهور الآفات الأولية (والتي تحدث عند موقع الدخول) 3 أسابيع تقريبًا، لكن يمكن أن تتراوح بين 10-90 يوماً.

تخترق الجراثيم الجهاز العصبي المركزي سريعًا، وأثناء المرحلة الثانوية تظهر الفحوصات أنَّ أكثر من 30% من المرضى لديهم موجودات غير طبيعية في السائل النخاعي الشوكي. وخلال أول 5-10 سنين بعد بداية الإصابة الأولية غير المعالجة يصيب المرض عادةً السحايا والأوعية الدموية ما ينتج عنه الزُّهْرِيُّ العَصَبِيُّ السِّحائِيُّ الوِعائِيّ. ثم يتضرر متن الدماغ والنخاع الشوكي، ما يؤدي للإصابة بالزهري العصبي المتني.

وبغض النظر عن مرحلة المرض وموقع الآفات إلا أن العلامات النسيجية للزهري تتضمن التهاب بطانة الشريان، وارتشاح بلاسمي غني بالخلايا. ينتج التهاب بطانة الشريان عن ارتباط الملتويات بالخلايا البطانية، بتواسط الجزيئات الفيبرينية للمضيف المرتبطة على سطح الملتويات.

أما الارتشاح فيعكس حصول استجابة فرط تحسس من النمط المتأخر للولبية الشاحبة، ويحدث عند بعض المرضى في الزهري الثالثي، وتؤدي هذه الاستجابة المفعلة للمفاويات التائية والبالعات إلى تنخرات وتقرحات صمغية.

مراحل الإمراضية

المرحلة الأولية

تتسم بالإصابة بقرحة غير مؤلمة في موقع انتقال الجرثومة بعد فترة حضانة 3-6 أسابيع. للآفة قاعدة مثقوبة وحافات أسطوانية، وتكون معدية للغاية.

تتسم القرحة نسيجيًا بارتشاح كريات بيضاء وحيدة النوى وبالعات ولمفاويات. ويسبب الفعل الالتهابي التهابًا مسديًا لبطانة الشرايين. وفي هذه المرحلة يمكن عزل الملتويات من سطح القرحة، أو من النضح الخارج منها. وسواءً عولجت الحالة أم لا، يحصل الشفاء خلال 3-12 أسبوع، مع وجود بقايا تليفية كثيرة مكان الآفة.

المرحلة الثانوية

تتطور بعد 4-10 أسابيع من ظهور الآفة الأولية. تتضاعف خلال هذه المرحلة الملتويات وتنتشر في الجسم. تكون آفات الزهري الثانوي متنوعة جدًا بتظاهراتها. وتتضمن التظاهرات الجهازية: التوعك والحمى وألم العضلات وألم المفاصل وتوذم العقد اللمفاوية وطفح.

تلاحظ الآفات الجلدية المخاطية المنتشرة على كامل الجسم، ويمكن أن تظهر على راحتي اليد وأخمص القدمين وحتى على مخاطية الفم. في غالب الأحيان تكون الآفات حطاطية محدودة ذات لون بني أحمر، بقطر 5 ملم أو أقل؛ لكن يمكن أن تكون بثرية أو حلقية أو تقشرية. وجميع هذه الآفات فيها جراثيم لولبية. تكون اللطخات المخاطية الرطبة معدية أكثر من غيرها. أما نسيجيًا فيكون التفاعل الالتهابي مشابهًا للقرحة الأولية، لكنه أقل شدة.

من الموجودات الجلدية الأخرى للزهري الثانوي: الأورام اللقمية، والثعلبة اللطخية: تكون الأورام اللقمية عبارة عن آفات رمادية بيضاء غير مؤلمة ومعدية للغاية. تتطور في المناطق الدافئة والرطبة من الجسم. أما الثعلبة فتتسم بخسارة شعر لطاخية من فروة الرأس والوجه. بما فيه خسارة الحواجب. خلال العدوى الثانوية يكون التفاعل المناعي في قمته، وعيار الأضداد مرتفعًا.

مرحلة الزهري الخافي

وهي المرحلة التي يشفى فيها المريض من الزهري الثانوي، رغم بقاء التفاعلات المصلية. يعاني بعض المرضى من عودة الآفات الجلدية المعدية للزهري الثانوي خلال هذه الفترة. فقرابة ثلث المرضى في هذه المرحلة غير المعالجين يتطور لديهم زهري ثالثي، في حين يبقى الثلثين غير عرضيين.

مرحلة الزهري الثالثي

حاليًا يعد الزهري الثالثي نادرًا، لكن عندما يحدث يؤثر على الجهاز القلبي الوعائي (80-85% من المرضى) والجهاز العصبي المركزي (5-10%)، والذي يتطور بعد أشهر حتى سنوات، مسببًا ضررًا بطيئًا للأنسجة. ويتضمن عموماً:

  • خلل التوازن ومذل وسلس وعنانة.
  • موجودات عصبية بؤرية، تتضمن فقدًا بصريًا وسمعًا حسيًا عصبيًا.
  • خرف.
  • ألم الصدر وألم الظهر وصرير وأعراض أخرى تتعلق بأم الدم الأبهرية.

أقسام الزهري

ويصنف الزهري الثالثي لـ3 أقسام عامة وهي: الزهري الصمغي (يدعى أيضًا بالزهري الحميد المتأخر) والزهري القلبي الوعائي والزهري العصبي.

الزهري الصمغي

يتسم الزهري الصمغي بآفات ورمية بقعية، تدعى صمغات، والتي تتسم بمركز نسيجي متنخر ذو طبيعة مطاطية. تتشكل الصمغات أساسًا في الكبد والعظام والخصيتين، لكن يمكن أن تصيب أي عضو. ويظهر الفحص النسيجي أرومة ليفية وبالعات سياجية، إضافة لخلايا بلاسمية تحيط بالحواف. يمكن أن تتحطم الصمغات مشكلة قرحات، تصبح ليفية في النهاية.

الزهري القلبي الوعائي

يحدث بعد 10 سنين على الأقل من العدوى الأولية. والتظاهر الأكثر شيوعًا له هو تشكل أم دم في الأبهر الصاعد نتيجة تدمير التهابي مزمن لأوعية الأوعية، الأوعية المخترقة التي تغذي الشراببن الكبيرة. ما قد ينتج عنه قصور في الصمام الأبهري.

الزهري العصبي

قد يأخذ أشكالًا متنوعة. فإذا اخترقت الملتويات الجهاز العصبي المركزي يصاب المريض بالتهاب سحايا بالزهري. ويعد التهاب السحايا بالزهري تظاهرًا باكرًا، يحدث عادةً خلال 6 أشهر من الإصابة الأولية. يظهر حينها تحليل السائل الدماغي الشوكي ارتفاع نسبة البروتين وانخفاض الغلوكوز وتعداد عالٍ للمفاويات وإيجابية بفحص المصل للزهري.

يحدث الزهري السحائي الوعائي نتجة تضرر أوعية السحايا والدماغ والحبل الشوكي الدموية؛ ما يؤدي إلى احتشاءات تسبب اختلالات عصبية واسعة. فمثلًا يتضمن الزهري العصبي المتني التابس الظهري والخزل العام.


ثانيًا: الزهري الخلقي

ويحدث عندما تنقله الأم لجنينها. حيث تخترق اللولبيات الحاجز المشيمي وتصيب الجنين مسببةً معدلاتٍ مرتفعة من الإجهاض وولادة الأجنة الميتة. تكون الأعراض خلال السنتين الأوليتين من عمر الطفل مشابهة للحالات الشديدة من الزهري الثانوي عند البالغين، مع انتشار صمغيات واسعة وطفح على الجسم. وبإصابة المخاطية الأنفية يخرج من أنف الطفل ذُنَان، وهو مخاط رقيق يسيل من الأنف.

تتضمن التظاهرات الأخرى للزهري الخلقي تشوهات في العظام والأسنان، مثل الأنف السرجي (نتيجة تحطم الحاجز الأنفي) والظنبوب الضالع ( نتيجة التهاب وتقوس الظنبوب) ومفاصل كلاتون (نتيجة التهاب مفاصل الركبة) وأسنان هتشنسون والأرحاء التوتية. وقد يصاب الطفل أيضًا بالتابس الظهري والخزل العام تمامًا كما البالغين، كما قد يصاب العصب القحفي الثامن ما قد يسبب الصمم وضمور العصب البصري، إضافة لعدد متنوع من الإصابات البصرية المؤدية للعمى.

ومن الأعراض الإضافية للزهري الخلقي الباكر:

  • التهاب الأنف النزفي.
  • الْتِهابُ السِّمْحاق.
  • لطخات مخاطية.
  • موه.
  • التهاب الكبيبة.
  • انخفاض صفيحات الدم.
  • إصابات عصبية.
  • إصابات عينية.

التشخيص

الاختبارات الأساسية

عند البالغين

  • اختبارات غير متعلقة باللولبيات:

-اختبار المختبر البحثي للأمراض المنقولة جنسيًا (VDRL): وتظهر إيجابيته بعد 1-2 أسبوع من تشكل القرحة.

-كاشف البلازما السريع (RPR). وتقدر حساسيتهما بـ 78-86% في حال الإصابة الأولية، و100% في الإصابة الثانوية، و95-98% في الإصابة الثالثية.

  • اختبارات اللولبية:

وبسبب إمكانية الحصول على نتيجة إيجابية كاذبة فيجب إجراء اختبار خاص باللولبيات، مثل اختبار امتصاص أضداد اللولبية المفلور (FTA-Abs)؛ والذي يستخدم لتأكيد الاختبارات السابقة. تبلغ حساسيته 84% في الزهري الأولي و100% في باقي مراحل المرض. أما نوعيته فهي 96%.

  • يعد استخدام مجهر الساحة المظلمة ممكنًا في تقييم الآفات الجلدية الرطبة، مثل قرحات الزهري الأولي أو صمغات الثانوي. وفي حال عدم توفر هذا النوع من المجاهر يمكن استخدام الملون النماعي المفلور المباشر على مسحات مثبتة (أضداد مفلورة مباشرة للولبية الشاحبة).
  • تستخدم بعض المخابر مسح تسلسلي عكسي لإنقاص الزمن والتكلفة. حيث يفحص المسح العكسي المصل بدايةً من خلال مقايسات اللمعان الكيميائي ومقايسات أنزيم اللولبية الألية (EIA/CIA) يتبعها اختبار المصل الفعال باستخدام أحد الاختبارات غير المتعلقة باللولبية مباشرةً. وقد أظهر 6 مرضى من كل 100 فحصوا سلبية في المسح العكسي. وأيضًا أظهرت هذه الطريقة مريضين محتمل إصابتهم بالزهري الخافي لم تكشفهم طريقة كاشف البلازما السريع.

يعد تشخيص الزهري العصبي تحديًا شديدًا. فحساسية الاختبارات التقليدية تكون ضعيفة. لذلك يعتمد في هذه الحالة على تحليل السائل الدماغي الشوكي من حيث تعداد الخلايا ومستوى البروتينات؛ إضافةً للتظاهرات السريرية. وينصح بعض الأخصائيين بإجراء اختبار امتصاص أضداد اللولبية المفلور على السائل الدماغي الشوكي.

كما يجب فحص المصابين بالزهري إصابتهم بأمراض أخرى منتقلة جنسيًا كعوز المناعة المكتسب.


تشخيص الزهري عند حديثي الولادة

يمكن تأكيد الإصابة بالزهري (أو أن تكون احتماليتها عالية) بإحدى الموجودات التالية:

  • موجودات شاذة في الفحص الجسدي تتوافق مع الزهري الخلقي.
  • عيار مصلي كمي للاختبارات غير المتعلقة بالزهري يصل لـ 4 أضعاف مقارنة بعيارها عند الأم.
  • إيجابية في مجهر المساحة المظلمة، أو إيجابية عند استخدام تفاعل البوليمراز المتسلسل بعد أخذ عينة من سائل الآفة أو الجسم.

العين

يستخدم المصباح الشقي للتقييم العيني.

التصوير

يجري التصوير اعتمادًا على العضو المصاب؛ فمثلًا يمكن مشاهدة ورم حبيبي كبدي عند تصوير البطن بالتصوير المقطعي المحوسب. وفي حال الزهري الثالثي يصور الصدر للتأكد من عدم حصول امتداد أبهري. وقد توجد في عندها تكلسات على الأبهر الصاعد تشير لزهري أبهري غير عرضي. كما يشاع ظهور شذوذات شعاعية عند الإصابة بالصمغات المتقدمة للعظام، وتتضمن الْتِهابُ السِّمْحاق والتهاب العظم التخريبي والتهاب العظم المصلب. وتكون الصور الشعاعية مفيدة في تمييز أم الدم البطنية الناتجة عن الزهري عن الناتجة عن التصلب الشرياني. فقرابة 10% من أم الدم الزهرية تحدث أعلى الشرايين الكلوية، أما أمهات الدم البطنية الناتجة عن التصلب الشرياني فتحدث عادةً أمام الشرايين الكلوية.

البزل القطني

تجرى عند الشك بالإصابة بالزهري العصبي.

التشخيص السريري للآفة.

التدبير والعلاج

أساسيات المعالجة

  • يعد البنسلين الدواء المفضل لمعالجة الزهري.
  • الدوكسيسيكلين هو البديل الأفضل للبنسلين في علاج الزهري الأولي والمتأخر الخافي.
  • يمكن أن يؤدي جعل فواصل زمنية 7-9 أيام بين الجرعات لنتائج أفضل.
  • في حال استخدام الحقن الأسبوعية لمعالجة الزهري ونسيان أحدها لمدة 10-14 يوم فلا يتطلب ذلك إعادة بدء المساق العلاجي، إلا في حال كان المريض امرأة حامل.

المعالجة الجراحية

وذلك لمعالجة مضاعفات الزهري الثالثي، كاستبدال الصمام الأبهري.

ملاحظات علاجية

  • تَفاعُلُ ياريش-هِيكِسْهايمِر:

عند معالجة الزهري تطلق اللولبيات الميتة جيئات التهابية تحفز شلال سيتوكينات يمن أن يؤدي لحالة معروفة بـ تَفاعُلُ ياريش-هِيكِسْهايمِر. وتتضمن أعراضها: -ألم عضلات.

-حمى.

-صداع.

-تسرع قلبي.

-وأحياناً تترافق مع تفاقم الآفات الأصلية للزهري.

يحدث التفاعل خلال بضعة ساعات من بدأ العلاج بالصادات الحيوية، ويختفي عادةً خلال 24 ساعة. أما عن تدبيره فيتضمن تدبير الأعراض (مثل المسكنات وخافضات الحرارة). أما عند الحوامل فقد يسبب العلاج إجهاضًا مبكرًا أو ضائقة جنينية. فينصح بطلب وسائل رعاية الولادة تحسبًا لحصول ذلك.

  • سمية البروكائين:

يواجه بعض المرضى قلقًا شديدًا واضطرابات نفسية أخرى بعد إعطاء البروكائين بنسلين. ويتسم ذلك بحصول حمى وهلوسات وفرط تهوية وتخليط. وقد يصاب المريض بانهيار دوراني.


المراقبة طويلة المدى

المرضى المصابين بالزهري الأولي: يجب مراقبة حالتهم باستخدام اختبار المختبر البحثي للأمراض المنقولة جنسيًا (VDRL) وكاشف البلازما السريع (RPR) بعد الشفاء بـ 6 أشهر و12 شهر.

المرضى المصابين بفيروس عوز المناعة البشري، والمرضى المعالجين بغير البنسلين: يجب مراقبة حالتهم بعد العلاج بـ 3 و 6 و 9 و12 شهر. المرضى في المرحلة الخافية للزهري: يجب مراقبة حالتهم باستخدام اختبار المختبر البحثي للأمراض المنقولة جنسيًا (VDRL) وكاشف البلازما السريع (RPR) بعد الشفاء بـ 6 أشهر و12 شهر و24 شهر.

المرضى الذين أصيبوا بالزهري القلبي الوعائي: يجب أن يتابعوا مع طبيب بقية حياتهم.

المرضى الذين أصيبوا بالزهري العصبي: يجب عليهم إجراء مراجعة كل 6 أشهر لمدة 3 سنوات، تتضمن القيام بفحص جسدي وتقييم السائل الدماغي الشوكي (تعداد الخلايا والبروتينات واختبار المختبر البحثي للأمراض المنقولة جنسيًا) وفحصوات مصلية.

الحوامل

يجب أن يخضعوا للفحص شهريًا خلال مدة الحمل بعد العلاج.

المصدر

http://emedicine.medscape.com/article/229461-treatment#d11