عدوى جينية
تستهدف التكنولوجيا البيلوجية تحويل الكائنات الحية وراثيا لإنتاج البروتينات الصيدلية والكيماويات التي لاتنتج في الطبيعة. ومعظم طرق إنتاج هذه المواد سرية لكنها تستعمل كأشياء موثوق بها ومن بينها موانع الحمل وهورمونات النمو ومجلطات ومسيلات الدم والإنزيمات والفاكسينات (الطعوم). وهذه المنتجات جعلت الصيدلة البيلوجية (Biopharming) علما قائما ينبيء بالعلاجات الجينية.
وتعتبر نباتات الذرة والدخان والأرز النباتات المحببة في الصيدلة البيلوجية. لكن ثمة سؤالا وهو هل هذه الأدوية والكيماويات التي تحضر بطرق الهندسة البيلوجية مصادر تلوث بيئي ؟. فلقد وجد أن الذرة العادية والغير معدلة وراثيا قد تلوثت من المبيدات الحشرية المحضرة بالتكنولوجيا البيولوجية (المهندسة وراثيا). وهذا التلوث منتشر حاليا. كما أنها تلوثت أيضا بحبوب لقاح الذرة المعدلة وراثيا. فانخفض إنتاج الذرة التقليدية 50-70%. وهذا التلوث متوقع ولاسيما من النباتات التي عدلت لإنتاج الأدوية البيلوجية الوراثية. لأنها يمكن أن تتزاوج مع المحاصيل مثيلاتها والتي ستستخدم للاستهلاك الآدمي أو الحيواني. لأن السمات الصيدلية للنباتات تنتقل بواسطة حبوب اللقاح ،الرياح والحشرات. ويمكن لبذورها أن تنتقل عن طريق الخطأ مع معدات النقل أو الزراعة لتنبت في أماكن أخرى وتلوث محاصيل عادية جديدة بعدوي جينات الدواء.
وفي الهندسة الوراثية نجد العدوى الجينية قد أصبحت خطرا ماثلا يتهدد حياة النباتات. فنجد أن البذور العقيمة ذاتيا قد تتسبب في عدوي البذور الأخرى العادية فتصاب بالعقم الإنباتي مما يجعل بقايا الأدوية فيها.فالنباتات التي تنتج بروتينات تخالف بروتينات البشر والحيوانات بمكن أن تصبح بروتينات غريبة عن الجسم فتسبب الحساسية الشديدة مما يهدد الحياة ويعرضها للموت من هذه الحساسية الدوائية (البروتينية).
فهناك نباتات معدلة وراثيا تنتج هورمونات عامل النمو (growth factor) إيرثروبروتين وهذا الهورمون نشط بجرعات متدنية جدا(عدة بلايين من الجرام) بالحقن. وقد يكون ضارا بالشم أو الهضم أو الإمتصاص بالجلد. لهذا يرتدي العاملون عند جمع المحاصيل بدلة رواد الفضاء حتي لايصابوا بالتلوث. ومادة تريكوزانتين Trichosantin المجهضة نجد أن فيروسا معينا يحملها ليوضع في العفن الذي يصيب التبغ أو الطماطم أو الفلفل الأخضر. وفي محصول الذرة المعدل وراثيا نجده ينتج مادة الآفدين (Avidin) وهي مبيد حشري تنتج وراثيا وتسبب نقص الفيتامينات بالجسم عند تناول هذه الذرة الملوثة به. وقد ينتج مادة أبروتينين Aprotinin المجلطة للدم والتي تسبب مرض البنكرياس في الإنسان أو الحيوان، وقد ينتج الذرة أيضا إنزيمات تربسين وضد التربسين. وهما مادتان قد تسببان الحساسية. فهذه النباتات المعدلة وراثيا تشكل كابوسا تلويثيا جينيا يهدد بقية النباتات مما يغير من صفاتها. لأن مادة الأبروتينين وغيرها من الإنزيمات التي تنج وراثيا تُقَصِّر حياة النحل لأنه يتغذي علي رحيق زهور الذرة الملوث بها بينما مادة آفدين تقتل 26 نوعا من الحشرات.
و تخفي الشركات المنتجة هذه النباتات التي تنتج المواد والأدوية البيولوجية عن أعين المزارعين الجيران. لأنها تظهر وكأنها محاصيل عادية. وهذا أيضا ينطبق علي نوار البرسيم العادي الذي يصاب بلعنة حبوب لقاح البرسيم المعدل وراثيا فتتغير صفاته بالعدوي الجينية. رغم أن الشركات المنتجة للأدوية الجينية تقول أن هذه الأدوية أرخص في تكلفتها من الأدوية المثيبة التي تحضر في المعامل التقليدية ولاسيما انها أكثر نقاوة دون مراعاة لأي بعد صحي أو تلويثي يصيب الأحياء عن قصد أو غير قصد. فلقد وجد ان الذرة الصيدلية قد لوثت بجيناتها فول الصويا الذي يستخدم للاستهلاك الآدمي والحيواني كما تقول مجلة (نيتشر) العالمية. ففي أمريكا صودرت كميات هائلة من فول الصويا لهذا السبب. والآن لم يعد فوق الأرض حبوب خالية من هذا التلوث الجيني السائد أو بعيدة عنه. لأن زراعتها لاتوجد في محميات طبيعية لمنع هذا التلوث الجيني من النباتات التي تنتج أدوية أو كيماويات معدلة وراثيا أو تقيه منه. لهذا منعت الأطعمة التي تنتجها الشركات الكبري أو تطبخها لهذا السبب. ولاسيما وأن هناك صيحات من رجال الدين تعارض هذه المحاصيل المعدلة وراثيا. لأن صناعتها تتدخل في عالم صنعه الخالق متوازنا ونقيا وطاهرا وبلا تلوث كيماوي أو جيني.