فرط كالسيوم الدم
تعريف
فرط كالسيوم الدم هو حالة يكون فيها مستوى الكالسيوم في الدم أعلى من الحد الطبيعي (المعدل الطبيعي: 8- 10.5 mg/dl).
أعراض المرض
إذا كان الشخص يعاني من فرط كالسيوم الدم، قد تكون الأعراض و العلامات قليلة أو معدومة، خاصة إن كان الحالة خفيفة، و قد تتضمن أعراض فرط كالسيوم الدم الأكثر شدة:
- إرهاق.
- كئابة.
- تشوش في الذهن.
- غثيان و إقياء.
- فقدان الشهية.
- عطش شديد.
- تبول متكرر.
- إمساك.
- التهاب بنكرياس.
- ألم في البطن.
- ضعف عضلي.
- ألم عضلي و مفصلي.
- تخليط.
- خمول و تعب.
- هذه الأعراض تبدأ في الظهور عندما يرتفع مستوى الكاسيوم في الدم فوق 12 mg/dl وتصبح الأعراض واضحة إذا ارتفع فوق 15 mg/dl وإذا ارتفع الكالسيوم فوق 17 mg/dl فإن بلورات فوسفات الكالسيوم قد تبدأ بالترسب في أجزاء الجسم، وهذه الزيادة في الكالسيوم ذات علاقة بالاضطرابات التي تحدث في الغدة جارة الدرقية (فرط الدريقات)، فتحدث هذه الأعراض في حالة وجود ارتفاع معدل افراز هرمون الباراثيرمون كأن يكون هنالك ورم في الغدة مما يضاعف من إنتاج الهرمون.
- لا ترتبط شدة الأعراض و العلامات بكمية الكالسيوم الزائدة في الدم، فمثلاً يزداد احتمال إصابة المسنين بالألم و الضعف في العضلات.
أسباب فرط الكالسيوم
يُخزن الجسم الكالسيوم في العظام بشكل رئيسي, لكن يتواجد الكالسيوم في بعض الخلايا أيضاً, خاصة في العضلات و الدم. يحصل الإنسان على الكالسيوم من أطعمة كالحليب و الجبن و الخضار (مثل الخس و الجرجير), و يتخلص الجسم عادةً من أية كمية زائدة من الكالسيوم في البول للحفاظ على مستوى طبيعي من الكالسيوم في الدم.
مفتاحا التنظيم يوجد هرمونان يخدمان كمنظمين مبدئيين لكالسيوم الدم: هرمون الكالسيتونين (calcitonin) و هرمون الغدد جارات الدرق.
عندما ينقص الكالسيوم في الدم، ينتج الجسم كمية أكبر من هرمون الغدد جارات الدرق, و عندما يرتفع مستوى كالسيوم الدم، ينتج الجسم كمية أقل من الهرمون. يقوم هرمون الغدد جارات الدرق في نظام فحص و تنظيم مضبوط بدقة بتحفيز العظام لتحرير الكالسيوم في الدم، و تحفيز الجهاز الهضمي ليمتص المزيد من الكالسيوم, و الكليتين لتطرحا الكالسيوم بنسبة أكبر و ينشط فيتامين د, الذي يلعب دوراً حيوياً في امتصاص الكالسيوم.
تنتج الغدة الدرقية الكالسيتونين (و هو هرمون يبطئ تحرر الكالسيوم من العظام) في الأحوال الطبيعية إذا ارتفع مستوى كالسيوم الدم بشدة، و يتلاشى هذا التوازن في فرط كالسيوم الدم, و لا يستطيع الجسم عكس تأثيرات الكالسيوم الزائد كثيراً كما يفعل عادةً.
تتضمن أسباب فرط كالسيوم الدم:
- فرط نشاط الغدد جارات الدرق: إنَّ السبب الأساسي لفرط كالسيوم الدم هو فرط نشاط واحدة أو أكثر من الغدد جارات الدرق الأربعة (فرط نشاط الغدد جارات الدرق البدئي).
- السرطان: تزيد بعض أنواع السرطان، خاصة سرطان الرئة و الثدي، بالإضافة لبعض سرطانات الدم مثل الورم النقوي المتعدد، من خطورة فرط كالسيوم الدم.
تنتج بعض الأورام السرطانية (الخبيثة) بروتيناً يقلد هرمون جارات الدرق، يحث تحرر الكالسيوم من العظام إلى الدم. و يسمى المتلازمة نظيرة الورمية، و هي استجابة الجسم للسرطان أو المواد التي ينتجها، كما يزيد انتشار السرطان (النقائل) إلى العظام أيضاً من خطورة فرط كالسيوم الدم.
- أمراض أخرى: قد تزيد بعض الأمراض التي تؤدي لمناطق ملتهبة ناجمة عن أذية الأنسجة (الحبيبومات) من مستوى فيتامين د (calcitriol) في الدم، تتضمن الأورام الحبيبومية السل، و هو مرض رئوي إنتاني، و الساركوئيد، مرض التهابي يبدأ عادة في الرئتين. تحث الكميات المرتفعة من calcitriol السبيل الهضمي لامتصاص المزيد من الكالسيوم, مما يؤدي لارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم، كما يسبب اضطراب وراثي نادر يعرف بفرط كالسيوم الدم بنقص كالسيوم البول العائلي زيادة في كالسيوم الدم بسبب خطأ مستقبلات الكالسيوم في الجسم.
- قد تزيد أدوية معينة مثل lithium، الذي يستعمل لعلاج الاضطراب ثنائي القطب, من تحرير هرمون جارات الدرق و تسبب فرط كالسيوم الدم، كما قد تسبب المدرات الثيازيدية ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم بإنقاص كمية الكالسيوم الضائع في البول.
- المكملات الغذائية: قد يزيد التناول المفرط لمكملات الكالسيوم أو فيتامين د مع الزمن من مستويات كالسيوم الدم فوق الطبيعي.
- التجفاف: إنَّ السبب الشائع لفرط كالسيوم الدم الخفيف أو العابر هو التجفاف، لأنه عندما تنقص السوائل في الجسم، ترتفع مستويات الكالسيوم.
تأثيرات المرض
قد يتطوّر فرط كالسيوم الدم لدى المصابين بالسرطان أو بأمراض أخرى تجعلهم يمضون مدة زمنية طويلة جالسين أو مستلقين لأن العظام التي لا تحمل الوزن مع الزمن تحرر الكالسيوم إلى الدم.
المضاعفات والاختلاجات
- هشاشة العظام: إذا استمرت العظام بتحرير الكالسيوم في الدم، قد يتطوّر مرض ترقق العظم الذي يسمى هشاشة العظام، و الذي قد يؤدي بدوره إلى كسور العظام و تقوس العمود الفقري و فقدان الوزن.
- حصيات الكلية: إذا احتوى البول على الكثير من الكالسيوم, قد تتشكل بللورات في الكليتين، و مع الوقت، قد تتحد البللورات لتشكل حصيات الكلية (التحصي الكلوي)، كما قد يُسبب الانسداد الحصوي أذية الكلية, و يكون مرور الحصاة مؤلماً جداً.
- قصور كلوي: قد يدمر فرط كالسيوم الدم الشديد الكليتين, محدداً قدرتهما على تنظيف الدم و إزالة السائل، و إذا كانت أذية الكلية شديدة, قد تُفقد وظيفة الكلية بشكل دائم، مسببة المرحلة النهائية من المرض الكلوي، و يحتاج المصابون بالمرحلة النهائية من مرض الكلية إما ديلزة كلوية دائمة، نظام تنقية ميكانيكية لإزالة السموم و الأوساخ من الجسم، أو زرع كلية للبقاء على قيد الحياة.
- خلل عمل النظام العصبي: يساعد الكالسيوم في تنظيم الجهاز العصبي، لذا قد يؤدي فرط كالسيوم الدم الشديد إلى التخليط و العته و السبات (الغيبوبة)، الذي قد يكون قاتلاً.
- اضطراب ضربات القلب (عدم انتظام ضربات القلب): قد يؤثر فرط كالسيوم الدم على النبضات الكهربائية التي تنظم ضربات القلب، مما يُسبب ضربات قلبية شاذة.
العلاج
في حال وجود فرط كالسيوم الدم الشديد، يمكن أن يحتاج المريض لدخول المشفى لإنقاص الكالسيوم لمستوى آمن و لحماية الكليتين و العظام، و يتضمن علاج فرط كالسيوم الدم في هذه الحالة:
- سوائل وريدية للإماهة
مدرات للعروة (مثل furosemide): و هي مدرات بولية تساعد على غسل الكالسيوم الزائد من الجسم و المحافظة على وظيفة الكليتين. Bisphosphonates الوريدية: مجموعة من الأدوية تتضمن pamidronate و zolendronate لتثبيط التحطم العظمي.
الكالسيتونين: هرمون ينتج من الغدة الدرقية ليقلل إعادة الامتصاص العظمي و يبطئ فقدان العظم.
Glucocorticoids) corticosteroids): لتساعد في عكس تأثيرات فيتامين د المرتفعة جداّ في الدم و التي تسبب فرط كالسيوم الدم.
التحال الدموي (غسيل كلوي): لإزالة الكالسيوم و الأوساخ الزائدة من الدم إذا تضررت الكليتان و لم يعد المريض يستجيب للعلاجات الأخرى
يعتمد علاج فرط كالسيوم الدم على السبب الكامن حالما يصل كالسيوم الدم لمستوى آمن.
- فرط نشاط جارات الدرق البدئي
يمكن الانتظار و المراقبة في حال كان فرط كالسيوم الدم خفيفاً, و مراقبة العظام و الكليتين مع الزمن للتأكد من بقائها سليمة، في حال فقدان الكتلة العظمية سابقاً أو وجود حصيات كلوية، يمكن اللجوء للجراحة لإزالة الغدد جارات الدرق المتأثرة (استئصال جارات الدرق)، الذي يشفي الحالة غالباً. قد يصف الطبيب الأدوية إن لم يكن المريض مرشحاً جيداً للجراحة.
- الجراحة: يقوم الجراح عادةً بإجراء شق واضح و الاستكشاف على طرفي الرقبة تحت التخدير العام، لكن توجد تقنية أحدث معروفة باسم الاستئصال قليل الضرر لجارات الدرق الموجه بالأشعة, قد يقدم خياراً أسهل لبعض المرضى. يستعمل الأطباء في هذا الإجراء الفحص بالنظائر المشعة (sestamibi scan) للمساعدة في تحديد الغدة جارة الدرق الشاذة قبل الجراحة. يعطى المريض من أجل الفحص جرعة صغيرة من مادة مشعة تمتص فقط من قبل الغدة جارة الدرق المفرطة النشاط ـــ و ليس من الغدد السليمة، يستعمل الجراح خلال العملية نتائج فحص النظائر المشعة (sestamibi scan) كخريطة لتحديد الغدة الشاذة. في بعض الحالات يستعمل المسبار الذي يكشف النشاط الشعاعي لتأكيد الموقع.
تسبب جميع الجراحات بعض المخاطر، إذ يعاني القليل ممن يجرون جراحة جارات الدرق ضرراً في الأعصاب المسيطرة على الحبال الصوتية، و يتطوّر لدى البعض نقص كالسيوم مزمن, مما يعني حاجتهم للعلاج بالكالسيوم و فيتامين د، و رغم أن جراحة جارات الدرق فعّالة جداً عادةً إلا أنها لا تشفي المشاكل في الحالات كافة.
- الأدوية: إن دواء cinacalcet، الذي يبدو أنه ينقص مستويات الكالسيوم في الدم بإنقاص إنتاج هرمون جار الدرق، قد يكون فعّالاً لدى بعض المصابين بفرط نشاط جارات الدرق، في حال وجود هشاشة العظم، فإن تناول أدوية تدعى bisphosphonates أو alendronate أو risedronate أو ibandronate يمكن أن يحفظ الكتلة العظمية في العمود الفقري و الورك و ينقص احتمال الكسور.
- السرطان
إن قرار كيفية علاج فرط كالسيوم الدم المُسببة بالسرطان يعتمد على الأهداف الكلية لعلاج السرطان التي حددها المريض مع الطبيب، و يشمل إراحة أعراض و علامات فرط كالسيوم الدم السوائل الوريدية للتجفاف و الأدوية مثل bisphosphonates أو الأدوية الأخرى لإيقاف تحطم العظم. يمكن أن ينقص علاج فرط كالسيوم الدم الألم و يحسن نوعية الحياة, و يُمكن المريض من البقاء نشيطاً و من الاستمرار بتناول علاجات السرطان.